الأردن يدشن مرحلة جديدة في مسار طويل لإصلاح قطاع النقل

عمان - دشن الأردن مرحلة جديدة في مسار طويل لتطوير قطاع النقل واللوجستيات، وذلك في سياق برنامج الإصلاح الذي تعمل عليه الحكومة مع صندوق النقد الدولي.
وأطلقت وزارة النقل الأحد أعمال ورشة العمل الوطنية الثانية المتعلقة بتحديث سياسة النقل بالتعاون مع البنك الدولي للوقوف على النتائج الأولية التي تم التوصل إليها حتى الآن، ومواءمتها مع أفضل الممارسات العالمية ورؤية التحديث الاقتصادي.
وقفزت طموحات القطاع إلى مستوى كبير من التفاؤل بعد كشف السلطات العام الماضي عن حزمة من الخطوات، التي ستعزز دوره في تنمية البلد الساعي إلى إحداث اختراق في جدار أزماته، بعد أن أعلن صيف 2022 عن إستراتيجية لتحديث الاقتصاد تستمر لعقد من الزمن.
ويعاني قطاع النقل، وخاصة الشركات المملوكة للدولة، منذ سنوات من مشاكل هيكلية لم تجد الحكومات المتعاقبة من وسيلة لتفاديها، وهي تتطلب اليوم حلولا جذرية عاجلة لوضع حد للفوضى، التي ضربت مفاصلها وباتت عبئا على الموازنة العامة.
كما فرض تخلف الخدمات اللوجستية على الحكومة النظر بعمق في كيفية هيكلة هذا القطاع الحيوي في مبادرات التنمية، عبر تطوير البنية التحتية وكافة أنواع وسائل النقل لتعزيز المبادلات التجارية وتطوير مناخ الأعمال ودفع عجلة النمو.
وقالت وزارة النقل في بيان نقلته وكالة الأنباء الأردنية الرسمية إن النسخة الثانية من “الورشة تشكل مرتكزا أساسيا لتحديث سياسة النقل بالأردن، وربطها مع رؤية التحديث الاقتصادي ومواءمتها مع سياسات النقل والتطورات والمستجدات العالمية".
وأوضحت أن العمل جار لتطويع القطاع مع المعايير الدولية في قضايا تشمل التغير المناخي والبيئة والتمويل والشراكات بين القطاعين العام والخاص والتنظيم المؤسسي والجوانب التشريعية والتنظيمية في النقل البري والجوي والبحري والنقل العام للركاب وغيرها.
ولإنجاح المسار، استنجدت عمّان بالبنك الدولي الذي يقدم مساعدات فنية بالتنسيق مع وحدة دعم تنفيذ الإصلاحات الاقتصادية في وزارة التخطيط والتعاون الدولي، لوزارة النقل في محاور كثيرة عبر الصندوق الائتماني متعدد المانحين، الذي يتولى البنك الدولي إدارته.
وكانت الورشة الأولى التي عُقدت في فبراير الماضي، قد ناقشت سلسلة من الرؤى حول المواضيع المستهدفة لتحديد العوائق البنيوية والمؤسسية التي تقف أمام تطوير مختلف قطاعات النقل.
وقدرت رؤية التحديث التي تم إطلاقها الصيف الماضي ارتفاع مساهمة قطاع النقل والخدمات اللوجستية في الناتج المحلي الإجمالي بنسبة 5 في المئة سنويا، وبقيمة زيادة تصل إلى 1.3 مليار دينار (1.83 مليار دولار).
ومن المتوقع أن تصل مساهمته إلى 2.9 مليار دينار (نحو 4 مليارات دولار) في عام 2033 ارتفاعا من 1.6 مليار دينار (2.25 مليار دولار)، بحسب تقديرات عام 2021.
وبناء على أهداف الخطة، فإن حجم العمالة بدوام كامل في القطاع سيزيد بنسبة 4.5 في المئة سنويا، ليصل إلى 158.4 ألف موظف في السنوات العشر المقبلة، ارتفاعا من 93.6 ألف موظف في 2021.
وترجح الرؤية كذلك ارتفاع صادرات القطاع إلى أكثر من 8 في المئة سنويا لتصل إلى 0.9 مليار دينار (1.26 مليار دولار)، ارتفاعا من 0.4 مليار دينار (563 مليون دولار) في 2021.
ويجمع خبراء اقتصاد على أن نموذج نشاط قطاع النقل الحكومي في الأردن بات في حاجة إلى نفس جديد ضمن رؤية شاملة لتحفيزه باعتباره أحد الأسس الرئيسية للنمو الاقتصادي للبلاد، لاسيما في ظل ما تعانيه البنية التحتية من ضغوط جراء بطء عملية الإصلاح.
◙ 4 مليارات دولار المساهمة المتوقعة للقطاع في الناتج المحلي الإجمالي بحلول 2033
ويجزم هؤلاء بأن تأخر الإصلاح والحلول الجذرية لتخفيف الأزمات الاقتصادية سيخلف تكاليف باهظة وقاسية مستقبلا تزداد أعباؤها على سكان البلاد، إذا استمرت المؤشرات في التراجع إلى معدلات خطيرة.
وأدى غياب الاهتمام الرسمي بقطاع النقل إلى تراجع مستوى الخدمات وعدم فاعلية أنظمة النقل داخل المدن وبين المحافظات لخلوها من الحداثة والذكاء ومن أي مرونة وسهولة، علاوة على تغييب المعايير التي يمكن القياس عليها.
وتنهمك وزارة النقل في دراسة التشريعات الناظمة للقطاع بهدف تحفيزه وزيادة تنافسيته، وتوفير مناخ جاذب للاستثمار بقطاع وصلت مساهمته في الناتج المحلي الإجمالي إلى 7 في المئة.
وتتضمن الإستراتيجية مشروع تركيب وتشغيل وتنفيذ أنظمة النقل الذكي بهدف توفير معلومات متعلقة بالركاب ومسارات الخطوط وترددات وسائط النقل، وإيجاد وسيلة لتحصيل الأجور وتقديم دعم الأجور إلكترونيا، وأيضا تخفيف الانبعاثات الكربونية.
وسبق أن أكد البنك الدولي أن تحقيق النمو الشامل ورفع معدلات تشغيل الأردنيين، بمن فيهم النساء والشباب، يستلزم وجود وسائل نقل عام فعالة وموثوقة وآمنة وذات تكلفة معقولة.
وذكر أن التكلفة التقديرية التي تكبدها الأردن جراء أوجه القصور المتعلقة بالنقل العام بلغت 3 مليارات دولار سنويا، أو ما لا يقل عن 6 في المئة من إجمالي الناتج المحلي للبلاد.
وتعد الاستثمارات من العوامل المساعدة على تعزيز هذا القطاع حتى تتسق مع الإصلاحات الجارية لضمان نجاحها وتوسيع فوائدها وتمكين النمو الاقتصادي وتشمل الجميع.