الأردن يخوض حربا من نوع آخر: الحشيش القادم من جنوب سوريا

مساع لإغراق الأردن بالمخدرات في نهج لضرب نسيجه المجتمعي الذي يشهد تحولات خطيرة في علاقة بتنامي الجريمة.
السبت 2021/02/27
جهود أردنية لمكافحة التهريب

عمان – توالت في الأسابيع الأخيرة بيانات للجيش الأردني تتحدث عن إحباط محاولات إدخال مخدرات من المنطقة الحدودية مع سوريا إلى أراضي المملكة، حيث تلقى هذه المواد رواجا كبيرا في صفوف الشباب الأردني.

وتحول جنوب سوريا الذي يضم محافظات درعا والقنيطرة والسويداء في السنوات الأخيرة، ولاسيما بعد استعادة النظام السوري السيطرة عليه عام 2018، إلى أحد مراكز تجميع وترويج المخدرات وخاصة الحشيش القادم أساسا من البقاع اللبناني.

ويُتهم حزب الله وقيادات في الأمن العسكري السوري بالوقوف خلف رواج هذه التجارة في المنطقة، والتي باتت تشكل ليس فقط تهديدا لأبنائها بل وتهديدا أيضا للأردن ودول المنطقة.

وأعلنت القيادة العامة للقوات المسلحة الأردنية في بيان الأسبوع الماضي عن تمكن المنطقة العسكرية الشمالية بالتعاون مع إدارة مكافحة المخدرات من إحباط محاولة تسلل أشخاص من سوريا إلى الأردن.

وأضاف البيان أنه “تم تطبيق قواعد الاشتباك مما أدى إلى مقتل شخصين وإلقاء القبض على شخص ثالث وتراجع البقية إلى داخل العمق السوري”. وتابع أنه “بعد تفتيش المنطقة تم ضبط 1262 كف حشيش ومئة ألف حبة كبتاغون وتم تحويل المضبوطات إلى الجهات المختصة”.

وكانت المنطقة العسكرية الشرقية، وبالتنسيق مع إدارة مكافحة المخدرات في الأردن، أحبطت نهاية يناير الماضي محاولة تسلل مجموعة من الأشخاص وتهريب كمية من الحشيش من سوريا إلى الأراضي الأردنية.

وأكدت المنطقة العسكرية الشرقية أنها ستتعامل بكل قوة وحزم مع أي عملية تسلل أو محاولة تهريب من أجل حماية المواطن وأمن حدود المملكة الأردنية الهاشمية.

ويرى مراقبون أن مساعي إغراق الأردن بالمواد المخدرة تبدو سياسة ممنهجة لإيران والأذرع الموالية لها، لضرب النسيج المجتمعي في الأردن الذي يشهد تحولات خطيرة في علاقة بتنامي ظاهرة الجريمة جراء تعاطي المخدرات، حيث تجاوزت المملكة حاجز الـعشرين ألف جريمة سنويا في السنوات الخمس الأخيرة.

ويرى المراقبون أن لهذه المساعي أهدافا متعددة، منها ما يتعلق بموقف النظام السياسي الرسمي في الأردن من إيران. وجدير بالذكر أن العاهل الأردني الملك عبدالله الثاني كان أول من سلط الضوء على التهديد الإيراني ومخاطر مشروعه التوسعي في المنطقة.

تحول الجنوب السوري إلى مركز لتجميع وتوزيع هذه المواد لا يشكل تحديا للأردن وباقي المنطقة فقط، بل هو خطر عابر للقارات

ولا يخفى أن الجانب المالي حاضر بقوة؛ ذلك أن الميليشيات الموالية لإيران، وفي مقدمتها حزب الله اللبناني، تراهن على ايرادات هذه المواد لتمويل عناصرها وعملياتها العسكرية في المنطقة، خصوصا في ظل الأزمة المالية التي يعانيها نظام طهران.

ويقول متابعون إن درعا والسويداء تشكلان اليوم محطتيْن رئيسيتين لتجميع المخدرات وإعادة ترويجها لأبناء المنطقة والأردن.

ومؤخرا شهدت محافظة السويداء اشتباكات بالأسلحة الخفيفة وقذائف “آر بي جي” بين فصائل محلية مسلحة وتجار المخدرات، أسفرت عن مقتل شخصين وجرح آخرين.

وأعلن المرصد السوري لحقوق الإنسان الأسبوع الجاري عن مقتل عنصر من الفصائل المحلية في السويداء متأثرًا بإصابته، جراء الاشتباك الذي وقع مع أصحاب “الكرفانات” الذين يتاجرون بالمواد المخدرة ويروّجونها.

وكان المرصد السوري قد ذكر أن فصائل في محافظة السويداء داهمت مراكز البيع (الكرفانات) في محيط الملعب البلدي ودوار الباسل بمدينة السويداء، وذلك لإلقاء القبض على عصابات تمتهن ترويج المخدرات والحشيش.

ويقول المتابعون إن تحول الجنوب السوري إلى مركز لتجميع وتوزيع هذه المواد لا يشكل تحديا للأردن وباقي المنطقة فقط، بل هو خطر عابر للقارات، مستشهدين بالشحنة التي عثرت عليها السلطات الإيطالية قبل شهر.

وكانت السلطات الإيطالية وصفت تلك الشحنة التي تحوي أقراصا مخدرة بأكبر عملية تهريب من نوعها في العالم، حيث تم العثور على 84 مليون قرص من مادة الكبتاغون المخدرة، ضمن ثلاث سفن حاويات رست في ميناء مدينة “ساليرنو” جنوب إيطاليا التي تعتبر أحد معاقل المافيا الايطالية، وقد قدرت قيمة الشحنة المهربة بحوالي مليار دولار.

وحمّلت روما تنظيم داعش مسؤولية هذه العملية، لكن صحيفة “دير شبيغل” الألمانية ذكرت في تقرير أن الشحنة التي تمت مصادرتها ليست للتنظيم الجهادي، بل تعود إلى شخصيات قريبة من النظام السوري.

2