الأردن يحتاج إلى حلول طويلة الأمد لمكافحة الفقر المائي

إطلاق مشروع تصميم وبناء وإدارة البنية التحتية للمياه الممول من الوكالة الأميركية لدعم الحكومة الأردنية بقيمة 39 مليون دولار.
الأربعاء 2023/08/30
نحو حلول أكثر استدامة لتوفير المياه للأردنيين

عمان - لا يزال الأردن يفتقر إلى إستراتيجيات طويلة الأمد وذات فائدة مستدامة في مواجهة شح المياه المتزايد، فيما يوفر المضي قدما في تفعيل اتفاقية الطاقة مقابل المياه مع إسرائيل أهم الحلول الجذرية والدائمة التي تنتشل المملكة من الفقر المائي، ما يفتح أمام الأردنيين آفاقا اقتصادية واجتماعية كبيرة. وأطلق الأردن الثلاثاء مشروع تصميم وبناء وإدارة البنية التحتية للمياه الممول من الوكالة الأميركية لدعم الحكومة الأردنية بقيمة 39 مليون دولار، بهدف تعزيز البنية التحتية لقطاع المياه.

وقال وزير المياه والري محمد النجار إن "مشروع تعزيز البنية التحتية لقطاع المياه في الأردن يأتي في سياق خطط وبرامج قطاع المياه لتحقيق الأهداف الإستراتيجية لاستدامة مصادر المياه وتحديد الاحتياجات، وهو ممول من خلال مذكرة التفاهم ما بين الأردن والولايات المتحدة الأميركية والأردن للتنمية الاقتصادية كجزء من التزام الولايات المتحدة بمساعدة الأردن على بناء مستقبل آمن مائيا".

ويرى مراقبون أن تركيز جهود الحكومة الأردنية في البحث عن الدعم المالي الخارجي في مواجهة الجفاف، يخفف من الأزمة ولا يحلها، ما يستوجب المضي قدما في تركيز إستراتيجيات فعالة وطويلة الأمد في مواجهة شح المياه. وفشل الأردن طوال عقود مضت في إيجاد حلول طويلة الأمد لأزمة شح المياه في مختلف المحافظات، في وقت تصنف المملكة وفق المؤشر العالمي للمياه على أنها ثاني أفقر دولة بالمياه في العالم.

محمد النجار: نثمن التزام واشنطن بالمساعدة على بناء مستقبل آمن مائيا
محمد النجار: نثمن التزام واشنطن بالمساعدة على بناء مستقبل آمن مائيا

وخلال العامين الماضي والحالي شهد الأردن جفافا للسدود في محافظات الجنوب، طاول سدود الوالة والموجب والتنور وشعيب وغيرها، ومع قدوم الصيف ارتفع الطلب على المياه، ووصل إلى معدل 3 ملايين متر مكعب يوميا، في حين لا تتجاوز الكميات الموجودة بالسدود حاليا الـ75 مليون متر مكعب من أصل 285 مليون متر مكعب (قدرتها التخزينية).

ووقّع الأردن مؤخرا مذكرة تفاهم لتبادل الطاقة مقابل المياه مع إسرائيل ( لم ترق بعد إلى اتفاقية في ظل تشويش سياسي عليها في الأردن)، حيث تتمثل الفكرة التي تم الإعلان عنها لأول مرة قبل عام في أن يقدم الأردن 600 ميغاوات من الطاقة الشمسية ليتم تصديرها إلى إسرائيل. وفي المقابل، ستزود إسرائيل الأردن، الذي يعاني من ندرة المياه، بمئتي مليون متر مكعب من المياه المحلاة.

وتقول الحكومة الأردنية إنها ستمضي قدما في توقيع اتفاقية مع إسرائيل بعد صدور نتائج دراسة الجدوى، لكن تشويش الإسلاميين على الاتفاقية يعد السبب الأبرز لتعطل توقيعها.

والأردن من أكثر الدول التي تعاني نقصا في المياه، إذ يواجه موجات جفاف شديدة. وبدأ تعاونه مع إسرائيل في هذا المجال قبل معاهدة السلام الموقّعة في 1994. وكذلك تعاني إسرائيل من الجفاف، إلا أنها تملك تكنولوجيا متقدمة في مجال تحلية مياه البحر.

ويبلغ نصيب الفرد من استهلاك المياه في الأردن الذي يعاني من ندرة المياه أقل من 100 متر مكعب سنويا، وهو أقل من المعدل العالمي لفقر المياه. وأدى انخفاض مستويات المياه الجوفية وتغير المناخ وزيادة عدد السكان إلى زيادة الضغط على موارده المائية المحدودة. ويرى خبراء أن التعاون بين إسرائيل والأردن في مجال الموارد المائية ينتعش تحت ضغط التغير المناخي الذي يتسبب في موجات جفاف تزداد حدة، ما قد يلعب دورا أيضا في تحسين العلاقات بين البلدين على أصعدة أخرى.

وتقول إريكا وينثال، الأستاذة في جامعة ديوك الأميركية المتخصصة في السياسة البيئية العالمية، إن "المياه مورد يسمح للخصوم بإيجاد طرق للتعاون". وتضيف وينثال "إذا نظرنا إلى المعطيات نلحظ تعاونا بشأن المياه أكثر من نزاعات حولها، وعند الحديث عن نزاع يكون غالبا شفاهيّا". وفي يوليو من العام الماضي، أعلن الأردن وإسرائيل توصلهما إلى اتفاق تبيع الأخيرة بموجبه 50 مليون متر مكعب من المياه سنويا لعمّان، وجرى توقيع الاتفاقية في أكتوبر 2021. وهذه الكميات المتفق عليها تعادل ما نصت عليه اتفاقية السلام الموقّعة بين البلدين عام 1994.

وبموجب اتفاقية السلام، تزوّد إسرائيل الأردن بما يصل إلى 55 مليون متر مكعب سنويا من مياه بحيرة طبريا، يتمّ نقلها عبر قناة الملك عبدالله إلى عمّان، مقابل سنت واحد (الدولار = 100 سنت) لكل متر مكعب. ويحتاج الأردن سنويا إلى قرابة 1.3 مليار متر مكعب من المياه للاستخدامات المختلفة.

2