الأردن يحبط أكبر عملية تهريب مخدرات في طريقها إلى السعودية

عمان - أعلن مسؤولون أردنيون، الأربعاء، عن إحباط مخططين لتهريب ملايين من أقراص مادة الكبتاغون المخدرة عبر منفذ حدودي قريب من السعودية، في أكبر عملية ضبط خلال أعوام لمخدرات تهربها شبكات مرتبطة بإيران تعمل في جنوب سوريا.
وفي عملية نوعية، أحبطت إدارة مكافحة المخدرات الأردنية تهريب كمية ضخمة من المخدرات كانت في طريقها إلى إحدى دول الجوار، وألقت القبض على أفراد عصابتين مرتبطتين بشبكات إقليمية لتهريب المخدرات. وفق وكالة الأنباء الأردنية (بترا).
وفي التفاصيل، أعلنت مديرية الأمن العام في بيان، الأربعاء، عن إحباط عمليتي تهريب نحو 9.5 مليون حبة مخدرة و143 كغم من مادة الحشيش المخدرة والإطاحة بأفراد العصابتين.
وتمكنت إدارة مكافحة المخدرات من تفكيك خيوط عمل العصابتين "بعد جهود استخباراتية وعملياتية بُذلت على مدار شهرين متواصلين من العمل والتحقيق، لمتابعة المشتبه بهم، وكشف أنشطتهم الإجرامية داخل المملكة وارتباطهم بالشبكات الإقليمية لتهريب المخدرات والأذرع التابعة لها"، وفقا للوكالة.
وأوضح البيان أن إدارة مكافحة المخدرات تابعت منذ شهرين تقريبا معلومات أولية عن قيام مجموعتين من الأشخاص من المرتبطين بشبكات تصنيع وتهريب المخدرات الإقليمية، بالتحضير لتهريب كمّيات كبيرة من المواد المخدرة.
وتابع أنه بناء على المعلومات الواردة شكت الإدارة فرق تحقيقية خاصة من إدارة مكافحة المخدرات والأجهزة الأمنية الأخرى، لمتابعة تلك المعلومات والتحقّق منها، ومراقبة كل مَن يُشتبه بتورطه أو مشاركته بعمليات التهريب.
وأكّد المصدر ذاته أن الفرق التحقيقية عملت بشكل منفصل لمتابعة مجموعتي التهريب ضمن نطاقات التحقيق الخاصة بها، ومن خلال التحقيق المستمر بدأت معالم الشبكات والأشخاص المشتبه بهم تتضح للمحققين.
كما وصلت الفرق لـ"تحديد آليات ومخططات التهريب التي تشابهت في أسلوبها الجرمي المستخدم وهو إخفاء المخدرات بآليات إنشائية ثقيلة وهو ما أشار بشكل أولي لارتباط العصابتين بذات الشبكة الإجرامية الإقليمية، رغم عدم وجود صلة مباشرة في نشاطيهما داخل الأردن".
وأضاف البيان، أنه وبعد كل تلك الجهود التحقيقية والاستخباراتية التي بذلت بصبر وتروٍ لجمع المعلومات والأدلة ومتابعتها، تمكّنت الفرق التحقيقية في القضية الأولى من تحديد تفاصيل عملية التهريب وموعد تحرّك الآلية الثقيلة (جك همر) إلى معبر العمري الحدودي.
وأفاد البيان، بأن هذه الجهود الأمنية مكّنت الفرق المعنية من ضبط المركبة فور وصولها للمركز الحدودي، وعُثر بداخلها على ثلاثة ملايين ومائة ألف حبة مخدرة أُخفيت بمخابئ سرية تم تجهيزها في جسم المركبة.
وفي الوقت ذاته كانت الفرق التحقيقية في القضية الثانية تواصل عملها لمتابعة العصابة الأخرى التي تبيّن أنها مكوّنة من خمسة أشخاص بينهم عناصر مرتبطة بشبكات تهريب مخدرات إقليمية.
وقال البيان إن الفرق تمكّنت من تحديد مكان الآلية الثقيلة (مدحلة)، ومداهمته وضبط الآلية التي عُثر بداخلها على ما يقارب الخمسة ملايين حبة مخدرة أُخفيت بمخابئ سرّية بجسم المركبة، كما ألقي القبض على ثلاثة أشخاص من الضالعين بالعملية.
وقاد التحقيق في القضية الثانية -وفق بيان الأمن العام- إلى مكان اختباء شريكين آخرين بالعصابة وبحوزتهما كميات كبيرة من المواد المخدرة التي تم اخفاؤها تمهيداً لتهريبها بعملية أخرى.
وأكد البيان أنه جرى إلقاء القبض على الشريكين بعد مداهمتهما، وتم تحديد مكان إخفاء كميات المخدرات المتبقية داخل بئر ماء في لواء الرمثا، إذ تم إخراجها وضبطها حيث بلغت مليوناً وخمسمائة وخمسين ألف حبة مخدرة، إضافة إلى 143 كغم من مادة الحشيش المخدرة.
وأشارت مديرية الأمن العام في بيانها إلى أن التحقيقات في القضيتين ما زالت مستمرة لكشف جميع الملابسات، وتحديد جميع الارتباطات الخارجية واتخاذ الإجراءات القانونية كافّة، ومخاطبة الدول التي يثبت وجود ضالعين بالقضيتين على أراضيها.
وشدّدت المديرية في بيانها على أنّ الأردن وبجميع أجهزته العسكرية والأمنية، ماض في سبيل الدفاع عن أمنه وحماية حدوده والوقوف في وجه عصابات الشر والإجرام وشبكات تهريب المخدرات الإقليمية التي تحاول استغلال الأوضاع الأمنيّة لاستهداف الأردن ودول الجوار، وإغراق المنطقة بالمخدرات بقصد الكسب غير المشرع والإضرار بأمن المجتمعات واستقرارها.
وختمت المديرية بيانها بالتأكيد على مواصلتها التعاون والتنسيق مع القوات المسلحة الأردنية - الجيش العربي والأجهزة الأمنية، والعمل ضمن أدوار ومهام تكاملية، والتصدي لأشكال التهديد كافة وضرب أوكار عصابات المخدرات وشبكات التهريب الإجرامية بقوة والتي تحاول المساس بأمن الأردن والمنطقة.
وسبق أن أحبطت القوات الأردنية منذ بدء العام الجاري العديد من عمليات التسلل والتهريب بكافة أشكاله، وساهمت خلال السنوات الماضية في الحد من دخول المواد المخدرة والممنوعة إلى الأردن، لاسيما بعد أن نشطت تجارة وتهريب المخدرات في الأراضي السورية خلال الحرب.
وفي يناير الماضي قتل تسعة أشخاص على الأقل، بينهم طفلتان وأربع نساء في غارات جوية يُرجح أنها أردنية في محافظة السويداء في جنوب سوريا استهدفت مهربين على علاقة بإيران.
وفي ديسمبر 2023، قتل خمسة سوريين بينهم طفلان وامرأة في ضربات أردنية في السويداء قرب الحدود الاردنية-السورية، وفق ما أفاد المرصد فيما أعلن الجيش الأردني مقتل وإصابة واعتقال عدد من مهربي المخدرات السوريين خلال اشتباكات.
وفي مايو 2023، قُتل مهرّب مخدرات معروف مع زوجته وأطفالهما الستة جراء غارة جوية استهدفت منزلهم في جنوب سوريا، وفق ما أفاد المرصد السوري الذي قال إن نفّذ العملية، فيما لم تؤكد عمان أو تنف تنفيذ الضربة.
وسبق أن قال وزير الخارجية الأردني أيمن الصفدي، إن بلاده ستقوم بعمل عسكري داخل سوريا في حال عدم القدرة على وقف تدفق المخدرات نحو دول الخليج والعالم.
ويقول مسؤولون أردنيون وكذلك حلفاء غربيون، إن جماعة حزب الله اللبنانية وفصائل أخرى متحالفة مع إيران وتسيطر على جزء كبير من جنوب سوريا تقف وراء زيادة تهريب المخدرات والأسلحة. ويضيفون إن المملكة تلقت وعودا بالحصول على مزيد من المساعدات العسكرية الأميركية لتعزيز الأمن على الحدود، إذ قدمت واشنطن نحو مليار دولار لإقامة نقاط حدودية منذ بدء الصراع السوري في عام 2011.
وتمول تجارة المخدرات غير المشروعة تمول انتشار الفصائل المتحالفة مع طهران والقوات شبه العسكرية الموالية للحكومة، والتي نتجت عن الصراع المستمر في سوريا منذ أكثر منعقد.
لكن إيران وحزب الله يقولان إن هذه الاتهامات جزء من مؤامرات غربية ضد البلاد. وتنفي سوريا التواطؤ مع الجماعات المسلحة المتحالفة مع إيران والمرتبطة بالجيش وقوات الأمن السورية.
وعَقدَت اللجنة الأردنية السورية المشتركة للتعاون في مكافحة تهريب المخدرات عبر الحدود السورية إلى الأردن اجتماعا في يوليو، لكن نتائج هذا الاجتماع لم يثمر بتعاون جدي على الأرض للحد من التهريب.