الأردن يجمع مئة باحث وباحثة في كتاب يؤسس لخطاب نسوي عربي

جامعة فيلادلفيا الأردنية تصدر مجلدين يحتويان على أبحاث مؤتمرها الثالث والعشرين المخصص للخطاب النسوي في الوطن العربي.
السبت 2021/04/10
المرأة العربية لها قضايا متشابكة (لوحة للفنان عياد النمر)

عمان - يعد النقد النسوي الآن، أبرز واجهات النقد الثقافي بوجه خاص، وأبرز واجهات الحراك الفكري بوجه عام. وقد بدأت المرأة العربية في السنوات الأخيرة تشكّل حضورا بارزا، وتؤدي دورا كبيرا في المشهد العربي بوصفها كاتبة وناقدة ومفكرة وسياسية في مختلف قطاعات الحياة ومجالاتها.

وقد تبدو الكتابة حول النظرية النسوية/أو الدراسات النسوية ما بعد البنيوية وما بعد الحداثة، من الأمور الشائعة والمتداولة بشكل متسارع في معظم الصحف اليومية والمجلات الثقافية والأكاديمية المحكمة. إلى جانب أن الموضوع يشغل الحيز نفسه في الاستكتابات الجماعية أو الرسائل الجامعية. زد على ذلك أن منصات التواصل الاجتماعي والميديائي كان لها دور كبير في ظاهرة تنامي وانتشار ثيمات التفلسف النسوي، أو تشكيل بوادر أولية في إبراز الفلسفة النسوية وإشكالاتها الثقافية والتاريخية.

رغم هذا الانتشار الميديائي/الأكاديمي، لظاهرة الفلسفات النسوية في الثقافة العربية، فإن أهم ما يمكن ملاحظته على المنشور النسوي السائد والمتداول هو غياب الاستراتيجيات الثقافية والمنهجية التي تأخذ على عاتقها وضع الخطاب النسوي في سياقه الثقافي/الإشكالي التاريخي الصحيح من خلال مقاربة تجمع النظري بالتطبيقي.

وفي هذا الإطار حرصت جامعة فيلادلفيا الأردنية على الانتقال من حيز رصد الانفعال، في ما يتعلق بالخطاب النسوي في العالم العربي، إلى حيز رصد الفعل، أي من حيز المرأة بوصفها متلقية للخطاب الاجتماعي بأنواعه إلى حيز المرأة بوصفها منتجة للخطاب الاجتماعي بأنواعه.

"الخطاب النسوي في الوطن العربي" كتاب يبحث في مختلف القضايا النسوية العربية الراهنة بعيدا عن الانفعال والتسرع
"الخطاب النسوي في الوطن العربي" كتاب يبحث في مختلف القضايا النسوية العربية الراهنة بعيدا عن الانفعال والتسرع

 وتجلى ذلك في تخصيص الجامعة مؤتمرها الثالث والعشرين، الذي نظمته سابقا، للخطاب النسوي في الوطن العربي، أسهم فيه مئة باحثة وباحث، معنيين بالموضوع، بأبحاث تناولت 20 محورا تطرقت إلى مختلف القضايا النسوية الراهنة بدءًا من الإطار التاريخي والنظري للخطاب النسوي وتياراته الرئيسة والحداثة وما بعد الحداثة فيه، مرورًا بتمثيلات السلطة السياسية واليسار السياسي والأيديولوجي والفكر الليبرالي والربيع العربي والصراع الطبقي والوطن والدين والتراث والعمل والعائلة والعلوم الإنسانية والفن العربي والأدب العربي، وانتهاء بالاستشراق وصدام الحضارات ونهاية التاريخ في الخطاب النسوي العربي، فضلاً عن القراءات في فكر أعلام الخطاب النسوي العربي.

وقد أصدرت الجامعة مؤخرا، بالتعاون مع دار فضاءات للنشر والتوزيع في عمّان، مجلدين في 1150 صفحة يحتويان على أبحاث ذلك المؤتمر، حررها وراجعها كل من غسان عبدالخالق، عمر كفاوين، هالة العبوشي ونداء مشعل.

وخصصت الأبحاث المحكّمة والمجازة للنشر ضمن المحور الأول من الكتاب للإطار النظري والتاريخي، لتناقش العديد من القضايا النسوية اليوم من زوايا مختلفة، فنجد عدة أبحاث نذكر منها “امرأة في المرآة” للباحث الجزائري اليامين بن تومي، “النسوية في العالم الإسلامي” لمحمد بركات، “الجدل الفكري حول المرأة” لبسام البطوش، “الدراسات النسائية في العالم العربي” لمي عبدالله، “الخطاب النسوي إلى أين” لليليان قربان، وغيرها.

ويتطرق الكتاب في محوره الثاني للخطاب النسوي في العلوم الإنسانية طارحا عدة قضايا منها “دور المرأة المسلمة في الحياة السياسية”، “النسوية الملتوية”، “أثر صعود الإسلام السياسي في الواقع النسوي”، “تمثّلات السلطة السياسية في الواقع النسوي” وغيرها، فيما خصص المحور الثالث لـ”الخطاب النسوي في الفن والإعلام”، مقدما أبحاثا مختلفة منها “الخطاب النسوي في الفن الفلسطيني”، “صورة الانتفاضة في الكاريكاتير النسوي”، “التمثّلات الانفعالية في رسومات الأطفال الفلسطينيين”، “الخطاب النسوي في الاتجاه المعماري لدى زها حديد”. وقد أعقب هذا المحور النص الكامل للبيان الختامي .

وحضور المرأة الكمي والكيفي في عالم الإبداع والفكر بات ملحوظا وشيئا لا يمكن تجاهله في أيامنا هذه، وقد حاول الكتاب في مجلده الثاني تسليط الضوء على أهم المبدعات والمفكرات، على اعتبار أن أعمالهن تشكل خطابا نسويا بالغ الأهمية، فقد هدفت بعض النساء المبدعات إلى التحرر من التصور العام للإبداع الذي أكد على مقاييس ذكورية قللت من قيمة إبداعهن في بعض الأحيان.

واشتمل المجلد الثاني على أبحاث المحور الرابع “الخطاب النسوي في الأدب والنقد” متناولا عدة مباحث منها “النسوية والأدب”، “الخطاب النسوي والبحث عن الما بعد في الأدب والنقد”، “خطاب الهوية في الأدب النسوي العراقي”، “المرأة في أمثلة سيبويه المصنوعة”، “الهوية الأنثوية وتمثيلات السلطة الأبوية في الشعر النسوي” وغيرها.

وقد أعقب هذا المحور ملحق ضم ثلاثة أبحاث باللغة الإنجليزية وبيان ختامي للمؤتمر، وقد اشتمل على جملة توصيات من أبرزها: إيلاء الإبداعات والدراسات النسوية ما تستحقه من عناية في الجامعات العربية، والعمل على إنشاء مراكز أبحاث متخصصة في الفكر النسوي ومواكبة ما يصدر في الغرب من دراسات جادة وترجمتها إلى العربية.

13