الأردن يتجاهل الأزمة ويوسع قاعدة الخاضعين لضريبة الدخل

عمّان- وسعت الحكومة الأردنية محاولاتها لضبط التوازنات المالية المختلة إلى درجة غير مسبوقة، بتوسع قاعدة الشرائح الخاضعة للضرائب ليدخل فيها عدد أكبر من الأفراد والأسر.
ويؤكد خبراء أن الأردن بلغ هذه المرحلة من الإجراءات القاسية بعد تراكم أخطاء الحكومات المتعاقبة التي لم تتمكن من القيام بإصلاحات تعالج الأزمات المتراكمة. وأحالت الحكومة الأسبوع الماضي، مشروع قانون معدل لضريبة الدخل إلى ديوان التشريع والرأي التابع لرئاسة الوزراء، للنظر فيه قبل تمريره إلى البرلمان رغم تصاعد التحذيرات من عواقب زيادة الضغوط المعيشية على المواطنين وخاصة الطبقات الفقيرة.
وتتوقع السلطات أن توفر هذه التعديلات لخزينة الدولة قرابة 100 مليون دينار (141 مليون دولار)، لاسيما وأنها ستعمل على معالجة قضية التهرب الضريبي. وقال محمد المومني وزير الإعلام والناطق الرسمي باسم الحكومة إن “نحو 95.5 بالمئة من الأردنيين لا يدفعون ضريبة، لكن بعد التعديلات سيبقى 90 بالمائة منهم غير ملزمين بدفعها”.
تسود حالة من القلق والترقب الأوساط الاقتصادية والشعبية الأردنية، مع اتجاه الحكومة إلى توسيع قاعدة الخاضعين للضرائب، في وقت تعاني فيه شريحة واسعة من المواطنين من ظروف معيشية صعبة تحت وطأة غلاء الأسعار
وتشمل التعديلات، خضوع من يصل دخله السنوي إلى 8 آلاف دينار (11.2 ألف دولار) بالنسبة للفرد للضريبة، بينما تُعفى العائلة من الضريبة إذا كان مجموع الدخل السنوي للزوج والزوجة أو المعيل 16 ألف دينار (22.5 ألف دولار).
وكان المقترح السابق للقانون، يشمل خفض سقف إعفاءات ضريبة الدخل للأفراد الذين يبلغ دخلهم السنوي 8.4 آلاف دولار، بدلا من 16.9 ألف دولار، و16.9 ألف دولار للعائلة بدلا من 33.8 ألف دولار.
وبدأ الأردن مطلع هذا العام، تطبيق سلسلة إجراءات شملت فرض ضرائب وزيادة أسعار، تهدف إلى تأمين إيرادات تقدر بنحو 500 مليون دولار، وخفض الدين العام الذي يبلغ 39 مليار دولار، كجزء من الإصلاحات المتفق عليها مع صندوق النقد الدولي.
ويقول خبراء إن التعديلات على ضريبة الدخل غير عادلة، خصوصا وأن هناك ضريبة أخرى تفرض على المبيعات، تسببت مؤخرا في زيادة كبيرة بأسعار السلع والخدمات. ويرى الخبير الاقتصادي زيان زوانة، أن الإجراء الضريبي المنتظر تطبيقه بعد إقراره غير منصف وغير عادل.
وقال إن “حديث الحكومة حول أن الشريحة الأكبر لن تدفع الضريبة، غير صحيح، لأن الكل يخضع لضرائب مبيعات على السلع والخدمات تصل إلى 16 بالمئة، وإن كان معفى من ضريبة الدخل”.
ورأى أن الطبقة الوسطى تتناقص بشكل واضح، في وقت أعلنت فيه الحكومة خطة تحفيزية للاقتصاد، تناقضها بإجراءات ضريبية ورفع للأسعار. وأدت الضرائب منذ مطلع العام الجاري إلى حالة ركود في كافة القطاعات الاستهلاكية، نتيجة تراجع القدرة الشرائية للمواطنين، ما قلص حجم المبيعات في أسواق التجزئة.
ويعتقد الخبير مفلح عقل، أن تحسين الهيكل الضريبي بات ضروريا لتحسين الإيرادات وتقليل العجز والحد من الاقتراض. وأوضح أن النسب المفروضة على بعض القطاعات مثل البنوك والمؤسسات المالية، مرتفعة جدا، إذ ستدفع العديد من الشركات إلى الاستغناء عن العمالة ووقف التوظيف.
ويتفق الخبير الاقتصادي محمد البشير مع رأي الخبراء مؤكداً على ضرورة إيجاد إصلاحات ضريبية وتخفيض النسب المفروضة على السلع والخدمات، وكذلك مدخلات الإنتاج لضمان استمرار العملية الإنتاجية. وقال إن “الأسر لم تعد تتحمل اتساعا أكبر في سلة الاستهلاك، خصوصا وأن 70 بالمئة من الأردنيين مدينون للبنوك”.
ويتزايد القلق بين الأردنيين من تداعيات توسيع إجراءات التقشف ووصولها للخطوط الحمر، ما يكشف بوضوح عن جسامة الخلل المالي المزمن الذي تعاني منه الدولة. وأخضعت الحكومة نحو 164 سلعة لضريبة المبيعات بنسبة 10 بالمئة، فيما أخضعت سلعا أخرى (كانت معفاة) لضريبة مبيعات بنسبة 4 و5 بالمئة.
وبالإضافة إلى ذلك، رفعت الحكومة أجور النقل العام بنسبة 10 بالمئة، وزادت أسعار الخبز بنسب وصلت إلى 100 بالمئة بعد رفع الدعم عنه، كما تم رفع الضرائب على البنزين بصنفيه 90 أوكتان و95 أوكتان بنسبة 6 بالمئة.
ولحق بهذه الزيادات ارتفاعات متتالية في أسعار الكهرباء كان آخرها بداية مارس الماضي، ما دفع أغلب المواطنين للعزوف عن شراء البعض من السلع الأساسية لأن الرواتب لم تعد تكفي لتغطية الطلبات اليومية.
وفي محاولة للتخفيف على المواطنين، قررت الحكومة صرف دعم نقدي للأسر التي لا يزيد مجموع دخل أفرادها عن 16.9 ألف دولار سنويا وللأفراد الذين لا يزيد دخلهم السنوي عن 8.5 آلاف دولار.
وخصصت في موازنتها للعام الحالي 241 مليون دولار تحت بند “شبكة الأمان الاجتماعي لإيصال الدعم لمستحقيه” بدلا من دعم الخبز ورفع ضريبة المبيعات على السلع الغذائية المصنعة.
وتتركز مشاكل الاقتصاد الأردني في ضعف الإنتاجية وارتفاع عجز الموازنة والدين العام ومستويات الفقر والبطالة، وهو بحاجة ماسة لتعزيز دور الاستثمار المحلي والأجنبي وتنويع الاقتصاد ومصادر إيرادات الموازنة.