الأردن ومصر يسرعان وتيرة التكامل في صناعة الغاز

إبرام اتفاق جديد بين الطرفين يتيح استغلال بنية الغاز التحتية للضغط أكثر على التكاليف.
الثلاثاء 2024/12/03
التعاون مفيد ليس في الأزمات فقط!

قطع الأردن ومصر خطوة كبيرة باتجاه تطوير بنية الغاز التحتية بعد أن تنامى اهتمام السلطات في البلدين بتعزيز قدراتهما وبشكل موحد في هذا المضمار لمواجهة التكاليف الكبيرة واستغلال الإمكانات التي يوفرها كل منهما للآخر لتأمين الإمدادات بشكل مستدام.

القاهرة - ‏‎أبرم الأردن اتفاق تعاون الاثنين لاستغلال بنى الغاز التحتية في السوق المصرية، يستخدم بموجبه الجانب الأردني وحدات التخزين والتغويز العائمة في مصر خلال العامين المقبلين، ليدخلا بذلك مرحلة أخرى من توحيد الجهود في هذا المجال.

وتسعى هذه الشراكة إلى توفير بديل مرن وأقل كلفة لتزويد الأردن بالغاز الطبيعي المسال، في الوقت الذي يتم فيه إنجاز مشاريع البنية التحتية الجديدة في البلدين، بهدف تأمين احتياجاتهما من الإمدادات.

ومسألة تطوير البنية التحتية هي أحد المحاور الإستراتيجية للبلدين، التي تمت مناقشتها على مدار العامين الأخيرين، في ظل وضع متقلب للأسواق بسبب التوترات الجيوسياسية واضطراب الأسواق نتيجة أوضاع الاقتصاد العالمي.

ويقول محللون إن شراكة من هذا النوع تبدو وكأنها استعارة من أفكار البنية التحتية الرقمية، حيث يتم توفير خزانات مثلا، تكون متاحة عند الحاجة، بدلا من أن يشيد كل طرف خزاناته الخاصة به، بهدف توفير بنية تحتية عملاقة لمواجهة ندرة التمويلات.

صالح الخرابشة: هذه الشراكة تتيح لنا تحقيق التشاركية والكفاءة في العمل
صالح الخرابشة: هذه الشراكة تتيح لنا تحقيق التشاركية والكفاءة في العمل

وفي قطاع التكنولوجيا تقوم شركات مثل أمازون ومايكروسوفت وغوغل بتوفير بنى تحتية سحابية للمعالجة والتخزين في السيرفرات بدلا من أن يبني كل عميل خدماته لنفسه.

ووقع الاتفاق مدير عام شركة الكهرباء الوطنية (نيبكو) سفيان بطاينة، ورئيس الشركة المصرية القابضة للغازات الطبيعية (إيجاس) ياسين محمد في القاهرة بحضور وزير البترول المصري كريم بدوي، ونظيره الأردني وزير الطاقة صالح الخرابشة.

وقال بطاينة إن “الاتفاق يأتي في إطار التعاون المشترك بين الأردن ومصر في قطاع الطاقة، في ظل التوجيهات الحكومية وضمن خطة شركة الكهرباء الوطنية لزيادة كفاءة النظام الكهربائي الأردني وتعزيز أمن التزود بالطاقة في البلدين.”

وأوضح أن الاتفاق اشتمل على شروط فنية وتجارية تضمن حقوق الطرفين وتعود عليهما بالفائدة، مشيرا إلى أنه بموجبه سيتم تزويد الجانب الأردني بالغاز الطبيعي المسال من مصر عبر خطوط الأنابيب الممتدة بين البلدين.

‏وتتيح الاتفاقية لشركة الكهرباء الأردنية استخدام الغاز المسال دون تكبد تكاليف ثابتة إذا لم تكن هناك حاجة، وفق بيان أوردته الاثنين وكالة الأنباء الأردنية الرسمية.

وبين بطاينة أن الاتفاق سيسهم في تخفيض الكلف التشغيلية لميناء الغاز في العقبة، بالإضافة إلى حماية شركة الكهرباء الوطنية من تقلبات الأسعار العالمية في حال حاجتها إلى الغاز لأي ظروف طارئة.

‏‎وتضمنت الاتفاقية التي يتم تنفيذها من تاريخ إبرامها حتى نهاية عام 2026، استخدام بواخر تخزين وتغييز الغاز العائمة، وتتيح لشركة الكهرباء الوطنية الأردنية الاستفادة من بواخر الغاز المسال لدى الجانب المصري.

10

ملايين دولار الكلفة السنوية التي سيدفعها الأردن مقابل استغلال شبكة الغاز المصرية

ويهدف التكامل في صناعة الغاز إلى تأمين إمدادات الغاز للأردن في حالات الطوارئ حتى الانتهاء من مشروع ميناء الغاز المسال الجديد في العقبة، الذي يتوقع أن يكتمل في الربع الأخير من العام 2026.

وبموجب الشراكة سيتم تحديد أولوية استخدام بواخر الغاز بين الجانبين في حال وجود حاجة متزامنة، مع تخصيص 350 مليون قدم مكعبة يوميا للأردن، أي 50 في المئة من قدرة باخرة واحدة أو 25 في المئة من قدرتين.

وتعليقا على الخطوة قال الخرابشة، في تصريح صحفي عقب التوقيع، إن “الهدف الرئيسي من الاتفاق هو الاستفادة من موارد البلدين بكفاءة أعلى وكلفة أقل.”

وأكد أن استخدام الباخرة العائمة سيكون حتى نهاية عام 2026، وبعد ذلك سيتم استخدام وحدة التغويز الشاطئية التي يتم تنفيذها حاليا في العقبة، لافتا إلى أن مشروع ميناء الغاز المسال الجديد قد تمت مباشرة تنفيذه من قبل المقاول خلال الشهر الحالي.

‏‎ووصف العلاقات الأردنية – المصرية بأنها إستراتيجية في مختلف المجالات خاصة التعاون في الطاقة، مؤكدا أن لدى البلدين خبرات متراكمة في المجال يمكن الاستفادة منها خلال الفترة المقبلة وتعظيمها، لاسيما أن لدى البلدين بنى تحتية “متميزة” في القطاع.

كريم بدوي: الاتفاق يعكس التزامنا بالتكامل في تأمين إمدادات الغاز
كريم بدوي: الاتفاق يعكس التزامنا بالتكامل في تأمين إمدادات الغاز

‏‎وتقدر تكاليف الغاز الذي يتم استهلاكه بحوالي 3 ملايين دولار للشحنة و5 ملايين دولار للنقل عبر شبكة الغاز المصرية، ما يعني أن الكلفة السنوية للأردن لن تتجاوز 10 ملايين دولار.

وبلغت كلفة مشروع ميناء الغاز في العقبة حوالي 70 مليون دولار سنويا، وهو ما يوضح الفارق الكبير بين استخدام الغاز المسال عبر الاتفاقية والتكاليف المرتفعة للميناء الأردني.

وقال بدوى إن “الاتفاق يأتي في إطار التزام البلدين بالتكامل في قطاع الغاز للمساهمة في تأمين الإمدادات، عبر الاستفادة من البنية التحتية.”

وتدرس القاهرة بالشراكة مع عمّان التعاقد على تصنيع وحدة تغويز عائمة مع إحدى الشركات العالمية، تعمل على استقبال شحنات الغاز المسال وإعادة تغويزه وإدخاله على الشبكة المحلية.

وفي أكتوبر الماضي وقعت شركة غاز مصر اتفاقا مع شركة تطوير العقبة لتنفيذ مشروع لتزويد مدينة القويرة الصناعية بالغاز.

وكانت مصر تخطط لأن تصبح مُصدّرا رئيسيا للغاز بعد أن اكتشفت شركة إيني حقل ظهر البحري العملاق في 2015، لكن الإنتاج المحلي يتراجع منذ 2021 ليبلغ أدنى مستوى له في ست سنوات هذا العام.

وبلغ متوسط إنتاج حقل ظهر 1.9 مليار قدم مكعبة يوميا في النصف الأول من العام الجاري، وهو أقل كثيرا من الذروة التي بلغها في 2019، ما أثار تكهنات حول مشكلات فنية وتوقف الاستثمار في الحقل العملاق.

وتعاقدت القاهرة في مايو الماضي مع شركة هوج النرويجية للغاز لاستئجار الوحدة العائمة هوج جاليون حتى فبراير 2026، بهدف المساهمة في تأمين الاحتياجات الإضافية للاستهلاك المحلي من الغاز خلال أشهر الصيف.

كما تعتزم مواصلة استيراد الغاز حتى أواخر العقد الحالي لتوفير احتياجات البلاد، في ظل التناقص الطبيعي للحقول والذي هوى بإنتاج البلاد إلى 4.3 مليار قدم مكعبة يوميا من الغاز.

وبحسب ما تشير إليه التقديرات الرسمية، تبلغ الاحتياجات اليومية لمصر حوالي 6 مليارات قدم مكعبة وتزيد في فصل الصيف.

11