الأردن معبر للأسلحة الإيرانية نحو حماس

عمّان – يزيد كشف السلطات الأردنية عن إحباط عملية تهريب أسلحة إيرانية إلى حماس من مخاوف الأردنيين من تداعيات حرب غزة على بلادهم خاصة بعد اشتراك المملكة في إسقاط صواريخ ومسيرات إيرانية متجهة إلى إسرائيل.
وأعلن مصدر أردني مسؤول الأربعاء أن الأجهزة الأمنية الأردنية أحبطت عملية تهريب أسلحة من “ميليشيات مدعومة من إحدى الدول” إلى خلية في الأردن أواخر شهر مارس الماضي.
ولم يوضح الأردن الهدف من إرسال الأسلحة، هل لاستخدامها في عمليات داخل المملكة أم لتهريبها إلى الضفة الغربية حيث تسعى حماس لتسليح نشطائها وتخفيف الثقل عن القطاع. كما لم يعط تفاصيل بشأن دور الخلية الإخوانية الأردنية، هل اكتفت باستقبال الأسلحة وتخزينها قبل تسليمها لحماس، أم كانت تخطط لتنفيذ عمليات لحساب جماعة الإخوان، وهل هو تصرف معزول أم توجه رسمي للجماعة يقوم على الاستفادة من التوتر الأمني لإرباك السلطات؟
ونقلت وكالة الأنباء الأردنية الرسمية “بترا” عن المصدر قوله إن “الكمية صودرت عند اعتقال أعضاء الخلية، وهم أردنيون”، مشيرا إلى أن “التحقيقات والعمليات ما زالت جارية لكشف المزيد بخصوص هذه العملية”.
إحباط تهريب أسلحة منها ألغام كلايمور ومتفجرات سي 4 وسيمتكس وبنادق كلاشينكوف وصواريخ كاتيوشا
وقال مصدران أردنيان مطلعان إن الأردن أحبط مؤامرة يشتبه أن إيران تقف خلفها لتهريب أسلحة إلى المملكة المتحالفة مع الولايات المتحدة، وذلك لمساعدة معارضين للحكم الملكي على تنفيذ أعمال تخريبية.
وأضاف المصدران لرويترز أن الأسلحة أرسلتها فصائل مدعومة من إيران في سوريا إلى خلية تابعة لجماعة الإخوان المسلمين في الأردن لها صلات بالجناح العسكري لحركة حماس. وأضافا أنه تم ضبط الأسلحة عندما ألقي القبض على أعضاء في الخلية، وهم أردنيون من أصول فلسطينية.
وطلب المصدران الأردنيان عدم الكشف عن هويتهما، ورفضا الكشف عن الأعمال التخريبية التي كان يتم التخطيط لها وأشارا إلى أن التحقيقات لا تزال جارية.
وقالا إن المؤامرة كانت تستهدف زعزعة استقرار الأردن الذي يمكن أن يصبح نقطة توتر إقليمية في أزمة غزة إذ يستضيف قاعدة عسكرية أميركية ويشترك في الحدود مع إسرائيل، وكذلك سوريا والعراق حيث توجد فصائل متحالفة مع إيران.
ولم يحدد المصدران الأسلحة التي تم ضبطها خلال العملية، لكنهما قالا إن الأجهزة الأمنية أحبطت في الأشهر القليلة الماضية عددا من المحاولات من جانب إيران وجماعات متحالفة معها لتهريب أسلحة من بينها ألغام كلايمور ومتفجرات سي 4 وسيمتكس وبنادق كلاشينكوف وصواريخ كاتيوشا عيار 107 مليمترات.
ووفقا للمصدرين الأردنيين، كان معظم التدفق السري للأسلحة إلى المملكة موجها إلى الأراضي الفلسطينية المجاورة في الضفة الغربية التي تحتلها إسرائيل. لكنهما قالا إن بعض الأسلحة، بما في ذلك تلك التي تم ضبطها، كانت موجهة للاستخدام في الأردن من قِبل خلية تابعة للإخوان المسلمين متحالفة مع حماس.
وقال أحد المصدرين وهو مسؤول مطلع على الأمور الأمنية “إنهم يخفون هذه الأسلحة في حفر تسمّى النقاط الميتة، ويحددون مواقعها عبر نظام تحديد المواقع العالمي (جي.بي.إس) ويصورون تلك المواقع ثم يصدرون أوامر لعناصر منهم لإخراجها من هناك”.
وتعتقد السلطات الأردنية أن إيران والجماعات المتحالفة معها، مثل حماس وحزب الله اللبناني، تحاولان تجنيد شبان متطرفين من جماعة الإخوان المسلمين في المملكة من أجل الأهداف المناهضة لإسرائيل والولايات المتحدة في محاولة لتوسيع شبكة طهران الإقليمية من القوى المتحالفة معها.
وأكد ممثل بارز لجماعة الإخوان المسلمين في الأردن أن بعض أعضاء الجماعة اعتقلوا في مارس وبحوزتهم أسلحة، لكنه قال إن ما فعلوه لم يكن بموافقة الجماعة، مضيفا أنه يعتقد أنهم كانوا يهرّبون الأسلحة إلى الضفة الغربية وليس بهدف تنفيذ عمليات في الأردن.
كما قال ممثل الجماعة الذي طلب عدم ذكر اسمه “هناك حوار بين الإخوان والسلطات. إنهم (السلطات) يعلمون أنه إذا كانت هناك أخطاء فلم تصدر عن الجماعة بل عن أفراد فقط وليست من سياسة جماعة الإخوان”.
مؤامرة تستهدف زعزعة استقرار الأردن الذي يمكن أن يصبح نقطة توتر إقليمية في أزمة غزة إذ يستضيف قاعدة أميركية ويشترك في الحدود مع إسرائيل
وقال قيادي آخر في الجماعة إن أعضاء الخلية الذين تم اعتقالهم كانوا ممن تم تجنيدهم من قِبل نائب رئيس المكتب السياسي لحماس صالح العاروري، الذي كان العقل المدبر لعمليات حماس في الضفة الغربية من منفاه في لبنان.
وقُتل العاروري في ضربة جوية بطائرة مسيرة في بيروت في يناير الماضي وهو هجوم يعتقد على نطاق واسع أن إسرائيل نفذته.
ووضعت حرب غزة العاهل الأردني الملك عبدالله الثاني في موقف صعب إذ يحاول التوفيق بين دعم القضية الفلسطينية والحفاظ على تحالف قديم مع واشنطن واعتراف مستمر منذ عقود بإسرائيل.
وأثارت الحرب غضبا شعبيا واسع النطاق، إذ دعا متظاهرون لقطع العلاقات مع إسرائيل واندلعت احتجاجات في الشوارع خلال الأسبوع الماضي.
وزاد الغضب خاصة من الأردنيين من أصول فلسطينية بعد مشاركة الأردن الشهر الماضي في جهود قادتها الولايات المتحدة لمساعدة إسرائيل في إسقاط وابل من الطائرات المسيّرة والصواريخ أطلقتها إيران.
وقال الصحافي الأردني بسام بدارين إن عدم التوافق بين موقف الحكومة والرأي العام في الشارع الأردني كان أكثر وضوحا من أي وقت مضى في أعقاب إسقاط الطائرات المسيّرة.
وذكر بدارين أنه كان هناك شعور بالاستياء وعدم الرضا لأن الأردن كان دائما يقف بمهارة على مسافة واحدة من جميع دول المنطقة، لكن بتدخله في إسقاط الطائرات المسيّرة فقد أصبح جزءا من الجبهة الأميركية.
وقال سياسيان أردنيان، طلبا عدم نشر اسميهما لحساسية الأمر، إن ما يزيد من مخاوف الملك عبدالله أن أيّ توتر مع جماعة الإخوان قد يشكل خطورة أيضا.
وذكر أحد المصدرين الأردنيين المطلعين على المؤامرة المزعومة أن مسؤولي المخابرات استدعوا 10 شخصيات بارزة في جماعة الإخوان لإبلاغهم بأنهم اعتقلوا خلية كانت تعمل بمثابة جسر بين حركتهم وحماس.
ويرى سعود الشرفات العميد السابق في المخابرات العامة الأردنية أن قرار الأردن المشاركة مع قوى غربية في إسقاط طائرات مسيّرة إيرانية تستهدف إسرائيل نبع جزئيا من مخاوف لدى المسؤولين من انجرار المملكة إلى صراع إيران الإستراتيجي مع إسرائيل.
وأضاف أن الإيرانيين لديهم تعليمات بتجنيد أردنيين واختراق الساحة الأردنية من خلال عملاء مشيرا إلى أن تلك الجهود تستهدف كل قطاعات المجتمع.
ودافع الملك عبدالله عن قرار إسقاط الطائرات المسيّرة وقال إنه دفاع عن النفس وليس لصالح إسرائيل وأكد أن بلاده لن تكون ساحة معركة لأيّ جهة.