الأردن ماض في التعاون مع إسرائيل رغم تشويش الإسلاميين

جماعة الإخوان المسلمين تسعى من خلال ذراعها السياسية في البرلمان لاستثمار حالة السخط المجتمعي للمساومة على استعادة مكاسب سحبت منها.
الخميس 2021/12/16
مناورات مكشوفة

عمان - شهد البرلمان الأردني الأربعاء جلسة عمل صاخبة خصصت لمناقشة إعلان النوايا الذي وقعه الأردن وإسرائيل لتبادل الطاقة مقابل المياه، والذي اعتبره عدد من النواب الإسلاميين “خيانة” وبمثابة “اعتداء على أمن الأردن”، فيما تتمسك به الحكومة باعتباره أحد الحلول العلمية العاجلة لتفادي الفقر المائي الذي يتربص بالأردنيين.

ووقّع الأردن في الرابع والعشرين من نوفمبر الماضي في دبي إعلان نوايا مع إسرائيل برعاية أميركية، للتعاون في إنتاج الكهرباء من الطاقة الشمسية وتحلية المياه.

وقال النائب الإسلامي صالح العرموطي إن إعلان النوايا هو “ارتهان واعتداء على أمن الأردن وسيادة الأردن”.

وأضاف أن إسرائيل “عدو”، معتبرا أن “الحكومة لم تحترم إرادة الشعب وأطلب حجب الثقة عنها”.

وينص اتفاق النوايا على أن يعمل الأردن على توليد الكهرباء من الطاقة الشمسية لصالح إسرائيل، بينما ستعمل الدولة العبرية على تحلية المياه لصالح الأردن الذي يعاني من الجفاف.

وفي حال تطبيقه، ستوفّر محطة الطاقة الشمسية 200 ميغاوات من الكهرباء لإسرائيل، فيما ستزوّد إسرائيل الأردن بما يصل إلى 200 مليون متر مكعب من المياه سنويا.

وقال رئيس الوزراء الأردني بشر الخصاونة خلال الجلسة إن الأردن يعاني فقرا مائيا “غير مسبوق”، مشيرا إلى أن حصة الأردني من المياه “تبلغ نحو 90 مترا مكعبا سنويا لكل الاستخدامات، بينما يبلغ خط الفقر المائي دوليا 500 متر مكعب سنويا”.

 

بشر الخصاونة: كل تأخير في المشاريع الاستراتيجية يهدد واقعنا ومستقبلنا

وحذر من أنه “في حال استمر الوضع المائي على ما هو عليه، ستصل حصة الفرد إلى 60 مترا مكعبا سنويا بحدود عام 2040”.

وأوضح أن كل يوم تأخير عن تنفيذ حلول ومشاريع استراتيجية ومستدامة توفر كميات إضافية وجديدة من المياه، “يهدد واقعنا ومستقبل أجيالنا”.

ويحتاج الأردن الذي يعد من الدول الأكثر افتقارا للمياه في العالم، سنويا، إلى قرابة 1.3 مليار متر مكعب من المياه للاستخدامات المختلفة.

وصعدّ الإسلاميون في الأردن من تحركاتهم في كل ما له علاقة بالتطبيع، في إطار مناورات سياسية باتت مكشوفة وتهدف إلى تحقيق مكاسب سياسية بمقايضة السلطة وكسب تعاطف الشارع.

ودأب الإسلاميون، منذ أن خسروا في الانتخابات التشريعية الفارطة التي أفقدتهم ثقلهم التشريعي، على استثمار الاحتقان الشعبي جراء الأزمة الاقتصادية، واللعب على المشاعر الشعبية الأردنية المشتركة تجاه إسرائيل، لإحراج السلطة وتأليب الرأي العام ضد خططها لتفادي نقص مائي حاد أثر على قطاع الزراعة والحياة اليومية للمواطنين.

ووجدوا في اتفاقية الطاقة مقابل المياه التي تعتزم المملكة توقيعها مع إسرائيل فرصة مواتية لاستعراض العضلات بالتعبئة الجماهيرية، والدعوة إلى احتجاجات حاشدة، في خطوة يقول مراقبون إنها تهدف إلى مساومة السلطة وتحقيق مكاسب سياسية قد تعيدهم إلى الواجهة.

وتسعى جماعة الإخوان المسلمين بذراعها السياسية في البرلمان حزب جبهة العمل الإسلامي لاستثمار حالة السخط المجتمعي للمساومة على استعادة مكاسب سحبت منها، بعد قرار تحجيمها وتفكيكها وحظرها بقرار قضائي في 2019.

ويخدم الاحتقان الاجتماعي الذي يشهده الأردن واستفحال نسبة البطالة وقصور برامج السلطة للتعافي الاقتصادي، أجندات الجماعة التي وجدت في ذلك بيئة مواتية للتحشيد السياسي تحت يافطات اجتماعية ومناهضة للتطبيع، وهو مشترك أردني جامع لا يخص طيفا مجتمعيا بعينه.

ومنذ إعلان العاهل الأردني الملك عبدالله الثاني عن بعث لجنة ملكية لتحديث الحياة السياسية، أوكلت إليها مهمة إدخال تعديلات على النظام السياسي، ما يضم مشاركة أكبر للأحزاب السياسية في الحياة البرلمانية، دأب الإسلاميون على إثارة التوترات والقضايا الهامشية في مسعى لإعادة التموقع، علّها تعيد ربط جسور العلاقة مع الحكومة الأردنية وتعود بها إلى ما قبل بداية التوتر في 2019.

ورغم أن السلطة فتحت قنوات تواصل مع الإخوان المسلمين من خلال اللجنة الملكية لتحديث المنظومة السياسية، إلا أن محللين يؤكدون أن الأمر لا يعني أن هناك نية لاستيعاب الجماعة مجددا في المشهد السياسي.

2