الأردن: دعم النقل العام أولوية وطنية لإنعاش النشاط الاقتصادي

تعاقب المسؤولين أضر بخطط تمّ الاتفاق عليها مع المستثمرين.
الأربعاء 2022/08/24
إستراتيجيات طويلة وقصيرة المدى لتطوير قطاع النقل

عوامل مختلفة تفرض على الأردن العمل على دعم قطاع النقل باعتباره أولوية وطنية لدعم الاقتصاد مع الزيادة المستمرة التي يشهدها البلد في أعداد السكان وزيادة الضغوط الاقتصادية العالمية وتنامي تطوير الخدمات الجديدة.

عمان - أكد خبراء ومختصّون على مدى أهمية قطاع النقل ودوره في دفع عجلة النمو الاقتصادي قدما إلى الأمام، وتخفيف كلف الاستثمارات، ما يتطلب منحه أولوية وطنية قبل إقرار أي إستراتيجيات وخطط تنعش النشاط الاقتصادي وتعزز الاستثمار.

وقالوا في مقابلات مع وكالة الأنباء الأردنية (بترا) إن مختلف أنماط الاستثمار تعتمد على مدى كفاءة خدمات النقل بالنسبة إلى السكان والبضائع، قبل أي عوامل من شأنها تحفيزه، خاصة مع الزيادة المستمرة في أعداد السكان وارتفاع الطلب على خدمات النقل وزيادة الضغوط الاقتصادية العالمية وتنامي تطوير الخدمات الجديدة في مجال النقل.

وأكدوا ضرورة تطوير إستراتيجيات طويلة وقصيرة المدى تركز على المحافظة على الاستثمارات الحالية لقطاع النقل والاستفادة منها، وفي الوقت نفسه تنظيم الخدمات المستقبلية المقترحة وبرمجتها.

وقال وزير النقل الأسبق جميل مجاهد إن الأردن لا يعاني من عدم وجود إستراتيجيات وخطط وطنية لتطوير قطاع النقل، لافتا إلى اعتماد إستراتيجية وطنية طويلة المدى لقطاع النقل عام 2014، ووثيقة سياسة النقل عام 2018، لكن هذه “الإستراتيجيات والخطط لم يتم تحويلها إلى مشاريع على أرض الواقع”.

جميل مجاهد: الأردن لا يعاني نقصا في إستراتيجيات تطوير النقل

وأوضح أن ما حال دون تطبيق الإستراتيجيات السابقة هو عدم توفير التمويل اللازم للمشاريع وبالتالي كانت تنفذ المشاريع والبرامج التي لا تحتاج إلى تمويل، إلى جانب عدم توفر الخبرات والعنصر البشري المؤهل لتنفيذ هذه الإستراتيجيات والخطط، وعدم وجود متابعة ورقابة وتقييم للإستراتيجيات والخطط بشكل دوري.

وأكد مجاهد ضرورة مراجعة وتدقيق ودراسة الإستراتيجيات ووثائق سياسات النقل الموجودة حاليا لإجراء تحليل للوضع الحالي بُغْية تطوير إستراتيجية وطنية للنقل، منبها إلى ضرورة أن تكون هناك منهجية واضحة في تحديد الأهداف وأفضل الخيارات لمواجهة تحديات الإجراءات التنظيمية ومشاريع البنية التحتية، واستشارة الشركاء من القطاعين العام والخاص، إضافة إلى المتابعة والتقييم.

وأكد رئيس نقابة مكاتب تأجير السيارات محمد نجيب حجاوي أن قطاع النقل البري لا يحتاج إلى المزيد من الإستراتيجيات والخطط لتطويره بل يحتاج إلى تطوير الإستراتيجيات السابقة وتنفيذها على أرض الواقع.

ولفت إلى ضرورة اتخاذ إجراءات تنقذ القطاع من الأزمات التي لحقت به منذ سنوات وتجلت خلال أزمة وكورونا والأزمة الروسية – الأوكرانية.

وأوضح أن ارتفاع أسعار الشحن البحري انعكس سلبا على نمط السيارات المؤجرة الذي لم تتمكن مكاتبه من تجديد أسطولها بعد ارتفاع أسعار السيارات بشكل كبير، ما يتطلب تدخلا حكوميا عاجلا لإنقاذ هذا النمط الذي يرفد خزينة الدولة بعشرات الملايين سنويا.

وقال إن وزارة النقل معنية برفع العمر التشغيلي للسيارات السياحية من 6 إلى 8 أعوام لتخفيف وقع الظروف الاقتصادية التي يواجهها مستثمرو القطاع، وخفض رسوم الجمارك التي تصل إلى 130 في المئة، وخفض الضرائب، مؤكدا أن هذه الإجراءات لن تؤثر على خزينة الدولة لكونها تعمل على إنعاش القطاع، وستنعكس إيجابا على الخزينة العامة عندما يتحسن نشاط القطاع.

كما أكد حجاوي ضرورة إجراء تعديلات تشريعية على قانون التأمين فيما يتعلق بجزئية المسؤولية المدنية، فهي تشكل هاجسا يقلق مستثمري القطاع ويجعلهم يحجمون عن الاستثمار فيه.

وأضاف أن تعاقب المسؤولين على قطاع النقل ظاهرة ليست صحية، فهي تضرب بكل الخطط التي جرى الاتفاق عليها مع المستثمرين عرض الحائط.

130

في المئة نسبة الرسوم الجمركية المفروضة حاليا والمطلوب خفضها لإنعاش قطاع النقل

ولفت إلى تراجع أعداد السيارات المستثمرة في القطاع من 15000 إلى 9000  سيارة جراء الخسائر التي يتكبدها القطاع، مؤكدا أن الظروف الاقتصادية الحالية والأزمة الروسية – الأوكرانية تسهمان في تنامي خسائر القطاع إلى جانب عدم تعاطي القوانين المنظمة مع التطورات العالمية.

أما مستشار وزير النقل الأسبق الدكتور عبدالله الشواورة فأكد أن إصلاح منظومة النقل يعد إصلاحا لمختلف القطاعات المساهمة في النشاط الاقتصادي، ما يحتم إعطاء النقل أولوية قصوى في الإستراتيجيات والخطط الوطنية.

وأضاف أن القطاع بات يحتاج إلى مؤتمر يضم كل الأطراف الوطنية ذات العلاقة لإجراء تقييم لواقع النقل بمختلف أنماطه، واستعراض الإستراتيجيات والخطط السابقة، وتمحيصها، وتشكيل فريق لتطبيق ما يخدم البلاد منها على أرض الواقع.

ولفت الشواورة إلى أن الثورة الصناعية ما كانت لتقوم لولا توفر قطاع نقل يدعمها، مشددا على أن تطوير قطاع النقل يشكل اللبنة الأساسية الجاذبة لأي مستثمر.

بدوره قال رئيس نقابة أصحاب السيارات العمومية أحمد أبوحيدر إن قطاع النقل بحاجة إلى دعم مالي يمكّنه من تجاوز التحدي الأبرز أمامه وهو ارتفاع أسعار المشتقات النفطية عالميا وعدم انعكاسها محليا برفع أجور النقل العام.

وأكد أن قطاع النقل شهد تغيرات محدودة منذ العشرات من السنين ولم تكن جذرية، ما يتطلب وقفة جادة من الحكومة لتقييم التجارب السابقة والاستفادة منها، ومحاكاة تجارب النقل العالمية، ونقل ما يصلح منها إلى الأردن بما يلبي مصالح الناس ويدعم التنمية الوطنية.

ودعا أبوحيدر إلى تخصيص أذرع تنفيذية حكومية لكل نمط من أنماط النقل العام بهدف تقييم مشاكل كل نمط على حدة، وإجراء التطوير اللازم وفق المستجدات.

10