الأردن أمام حتمية إعادة ترميم الاقتصاد على قاعدة تحفيز الاستثمار

ضغوط لحماية استدامة المشاريع الصغيرة والمتوسطة وضمان استمرارية الوظائف.
الأربعاء 2021/05/12
مجال متعطش لجرعة تحفيز

تتعرض الحكومة الأردنية إلى ضغوط من قبل أوساط الأعمال لدفعها باتجاه اعتماد نموذج بديل أكثر كفاءة يحفز قطاع الاستثمارات عبر القيام بمراجعة شاملة تشمل التشريعات والامتيازات الضريبية وغيرها من العوامل التي قد تسهم في تعزيز مناخ الأعمال كونه أحد قاطرات النمو.

عمان - تعطي انطباعات الخبراء حول أسباب استمرار تذبذب الاقتصاد الأردني لمحة عن فشل محاولات السلطات لإنقاذ الاستثمارات المحلية والخارجية المتضررة من تداعيات الوباء، إذ تكافح لوضع إطار متكامل لجذب رؤوس الأموال بهدف تعزيز مستويات النمو الضعيفة.

ويبدو الأردن في أشد الحاجة إلى القيام بمراجعة شاملة في النموذج المتبع وهو أمام حتمية إعادة ترميم الاقتصاد على قاعدة دعم مناخ الأعمال من بوابة تغيير التشريعات وتقديم المزيد من الحوافز والامتيازات الضريبية بما يدعم الأهداف.

ويعاني البلد، وهو أحد أبرز بلدان الشرق الأوسط التي تعتمد على المساعدات، من صعوبات اقتصادية متنوعة منذ سنوات أثرت على نسب النمو وانعكست على معدلات البطالة، مما يتطلب وصفة تضمن الإبقاء على استمرارية الوظائف واستدامة المشاريع الصغيرة والمتوسطة بوصفها العمود الرئيسي لخيمة الاقتصاد.

ورغم أن البيانات تشير إلى ارتفاع حجم المشروعات الاستثمارية المستفيدة من قانون هيئة الاستثمار في الأردن خلال عام 2020 بنسبة 26.4 في المئة بمقارنة سنوية، إلا الأمر يبدو أنه لا يسير على النحو الأمثل منذ بداية هذا العام.

وحث المجلس الاقتصادي والاجتماعي الأردني في تقرير حديث نشره الثلاثاء حول “حالة اقتصاد الأردن 2020” الحكومة على وضع خطة اقتصادية تعتمدُ على الاستثمار بمصادر بديلة وجديدة، وإعداد خطة شاملة ومُحكمة تُعتمد لتنشيط الاستثمارات وجذب المزيد منها إلى البلاد.

وأوصى التقرير بضخ سيولة جديدة في السوق المحلية بشكل عاجل وتسهيل إمكانية حصول مؤسسات القطاع الخاص على قروض من البنوك التجارية أو غيرها لتتمكن من دفع الرواتب والإيجارات والأقساط، وفوائد القروض والتسهيلات البنكية وباقي التزاماتها لضمان استمرار عملها واستدامة استثماراتها.

وتشكل مسألة إعادة جدولة ديون الشركات المتعثرة ومنحها قروضاً بلا فوائد إحدى النقاط الأساسية التي يرى المجلس أنها ضرورية، فضلا عن إعفائها من مستحقات الضمان أو تأجيل دفعاتها أو تقسيطها دون فوائد أو غرامات، ولمدد مريحة تبعاً لنسبة الضرر التي لحقت بكل قطاع.

على الحكومة اعتماد إستراتيجية تعتمدُ على الاستثمار بمصادر بديلة وجديدة مع خطة شاملة لتنشيط مناخ الأعمال

ووجد القطاع الخاص نفسه أمام تحدي المواءمة بين الاستمرار والحفاظ على العمالة، الأمر الذي يستدعي إيجاد شراكات حقيقية، وبناء الثقة مع القطاع العام من خلال برامج تهدف إلى تنمية القطاعات وتوفير المزيد من فرص العمل.

وحذر المرصد العمالي الأردني في تقرير نشره الأسبوع الماضي من استمرار نزيف فقدان الوظائف. وقال إن “الاقتصاد خسر 140 ألف وظيفة في 2020، جراء تداعيات تفشي كورونا”.

وأكد أن سياسات الاستجابة الحكومية للجائحة أدت إلى انخفاض رواتب مئات آلاف من العاملين والعاملات في القطاع الخاص، حيث سمحت بتخفيض رواتبهم بنسب متفاوتة ما ساهم بشكل ملموس في تراجع المستويات المعيشية.

ويتفق خبراء اقتصاد على أن المشاريع الصغيرة والمتوسطة وخاصة في مجال الصناعة تواجه صعوبات كثيرة في سبيل زيادة زخم استثماراتها، كونها أحد مفاتيح النمو الاقتصادي للبلاد بعد أن عانت من ويلات الجائحة على مدار قرابة العام.

ويواجه الاستثمار في القطاع الزراعي أيضا نقصا في الدعم الحكومي رغم أنه أثبت أهميته خلال الجائحة، حيث تعد سلامة منظومة الأمن الغذائي من خلال استمرار نشاط الصناعات الغذائية وسلاسل الإنتاج أساساً للأمن الاقتصادي والاجتماعي.

ويشكو قطاع الطاقة المتجددة هو الآخر من تراجع في الاستثمارات أيضا، ويقول خبراء المجلس الاقتصادي والاجتماعي إن الحكومة مطالبة بزيادة قدرته التنافسية لما لذلك من انعكاسات إيجابية على الاقتصاد.

وتتمثل المسألة الأهم بالنسبة إلى الحكومة حتى تدعم مناخ الأعمال في مراجعة بنود ضريبتي الدخل والمبيعات وفرض ضريبة تصاعدية في ظل التحديات الصعبة التي يجب أن يتحمل الجميع تبعاتها بالشراكة والتخفيف من آثارها، بما يمنح حافزاً لأصحاب الأعمال الملتزمين ضريبياً وعماليا.

وكانت الحكومة قد أقرت الشهر الماضي حزمة برامج تحفيزية للاقتصاد بقيمة تقدر بحوالي 448 مليون دينار (630 مليون دولار) للتخفيف من الآثار السلبية التي تسببت بها جائحة كورونا.

وأثار إعلان الحكومة عن خطة تحفيز تهدف إلى إنعاش القطاعات المنهكة من قيود الإغلاق جدلا واسعا داخل الأوساط الاقتصادية الأردنية حول الموارد التي ستمول هذه الخطة في ظل عجز قياسي في الموازنة قد تزيده هذه الحزمة أعباء إضافية وضغوطا متراكمة.

وقال رئيس الوزراء بشر الخصاونة حينها إن “مجلس الوزراء قرر مجموعة من التدابير والبرامج التخفيفية والتحفيزية للمساهمة في الحد من تداعيات كورونا وأنها لن تؤثر على الموازنة العامة”، لكنه لم يكشف بالتدقيق عن مصادر التمويل.

وتعرض الاقتصاد الأردني إلى ضغوط شديدة بفعل القيود المفروضة لمنع تفشي الجائحة عالميا، وتراجع مداخيل السياحة بأكثر من 75 في المئة خلال العام الماضي مقارنة مع 2019.

ويتوقّع البنك الدولي أن يسجل الاقتصاد الأردني نموا بنسبة 1.8 في المئة خلال العام الحالي ليرتفع في العام المقبل إلى اثنين في المئة.

كما يرجح أن يتخطى إجمالي الدين العام للبلاد حاجز الخمسين مليار دولار بنهاية العام الجاري بعد أن بلغ في العام 2020 حدود 47.5 مليار دولار.

11