الأردن أمام تحدي الرد على حملات الإعلام للتشكيك بدوره في غزة

عمان - تواصل السلطات الأردنية حربها في مواجهة الشَّائعات والأخبار الكاذبة غالبيتها من مواقع التواصل الاجتماعي، التي طالت هذه المرة المساعدات الإنسانية إلى غزة، التي تمت بإنزال جوي قالت بعض الصفحات الاجتماعية أنها سقطت في البحر وأتلفت.
وشنت وسائل الإعلام الأردنية هجوما على الإعلام الإسرائيلي بعد رصد التعليقات حول الإنزال الجوي الأردني الأكبر من نوعه منذ بدء الأحداث والذي شمل 11 منطقة في قطاع غزة عبر أربع طائرات تابعة للجيش الأردني، قائلة أن الإعلام العبري صدم من هذا الإنزال الجوي وحجم المساعدات الإنسانية التي ألقيت في قطاع غزة خصوصاً في ظل الحصار الذي تمارسه اسرائيل على المعابر ومنعها المستمر لدخول المساعدات الإنسانية لأهالي قطاع غزة، لذلك استهدفتها بجملة من الشائعات.
ونفى الأردن تقارير الصحف العبرية بأن حماس أطلقت النار بالقرب من المساعدات للسيطرة عليها والاستيلاء عليها، قائلة أنه “ادعاء كاذب وافتراء واضح على ما جرى”، كما استنكرت مزاعم بناء جسر بري لمساعدة إسرائيل.
ويشتكي الأردن من حملات التشكيك والروايات التي ترافق أي دور يقوم به، ويطالب وسائل الإعلام بالتصدي إلى تلك المحاولات والحرص والعمل على مراقبة ومتابعة الإشاعات والمحتوى الذي يبث عبر مواقع التواصل للتقليل من شأن الجهود الأردنية، غير أن هناك من يقول أن قيام الإعلام الأردني بدور فاعل يتطلب هامشا أكبر من الحريات، فلا يمكن لإعلام مكبل بالمحظورات والممنوعات قيادة جهود الدولة لمحاربة الأخبار المضللة.
ويطالب المعنيون، الصحافيين ووسائل الإعلام بالاهتمام والتركيز أكثر في إعداد التقارير الهادفة وإظهار الجهد الأردني الإنساني في قطاع غزة على صعيد المستشفى الميداني، إضافة إلى جهود الهيئة الخيرية الهاشمية، وغيرها من الجهود الأردنية، في ظل حملات التشكيك بالموقف الأردني.
بدورها تتّبع وكالة الأنباء الأردنية حجم انتشار الشائعات في الأردن، ورصدت كل ما يتعلق بها في السنوات الخمس الماضية حسب البيانات التي جمعتها من مرصد مصداقية الإعلام الأردني، وسألت مختصين في هذه الحرب المستمرة، وتبين أن الشائعات صدرت وانتشرت بين الأردنيين ووصلت إليهم إما عن طريق وسائل إعلام محلية، أو مواقع التَّواصل الاجتماعي.
ووجدت تقارير مفصلة حول الشائعات في المملكة عبر مرصد “أكيد” التابع لمعهد الإعلام الأردني، والذي استعرض أعدادها ومصادرها وجهة النشر ومجالات انتشارها، وتبين أنها عادة ما تنمو في الظروف غير الطبيعيّة، مثل أوقات الأزمات والحروب والكوارث الطبيعية وغيرها، ولا تختفي في الظروف العادية، كما تروج أكثر في بيئات اجتماعيّة وسياسيّة وثقافيّة دون أخرى، ويعتمد انتشارها على مستوى غموضها، وحجم تأثير موضوعها.
وقدم متخصصون لوكالة الأنباء الأردنية (بترا) توصيفا عاما حول موضوع الشائعات وظروف انتشارها وحجم تأثيرها على مختلف النواحي الحياتية وطرق التصدي لها، معولين على وعي المواطن في التحقق من دقة المعلومات واستقائها من مصادر موثوقة كونها العنصر المساهم الأكثر فاعلية في نشرها أو إيقافها، ومثمنين الدور الإستراتيجي المشترك الذي تلعبه مؤسسات الدولة العامة والخاصة في التصدي للشائعات. وشددوا على ضرورة التفريق بين حرية التعبير ضمن إطار القانون وبين المساهمة في نشر معلومات مضللة قد يكون الهدف منها الإساءة إلى كيان أو شخصية معينة.
◙ الأردن يشتكي من حملات التشكيك والروايات التي ترافق أي دور يقوم به ويطالب وسائل الإعلام بالحرص على متابعة الإشاعات والمحتوى
وقال مدير أكيد الأستاذ حسين أبورمان، إن رصد الشائعات في المملكة محور رئيسي من محاور عمل المرصد على مدار العام إذ تعد التقارير وتبث شهريا وسنويا عبر موقعه الإلكتروني، مشيرا إلى استمرارية إعداد التقارير بهذا الصدد والتي بدأ ببثها أواخر عام 2018. وبين التقرير أن العدد الأكبر من الإشاعات تركز في المجال الاقتصادي بنسبة 30 بالمئة، يليه الشأن العام، ثم الشأن الأمني، حيث لوحظ أن هذه المجالات الثلاثة غالبا ما تتناوب شهريا على المركز الأول، بالنظر إلى مجالاتها الستة الاقتصادي والشأن العام والأمني والصحي والاجتماعي والسياسي.
ولفت أبورمان إلى أنَّ صناعة الإشاعات موجودة أساسا في شبكات التواصل الاجتماعي، وتأخذ وسائل الإعلام أحيانا بعض المعطيات عن تلك المنصات دون تدقيق فتقع في مطب الإشاعات، إذ أن عملية استقاء المعلومات دون تحقق تعد أحد الأسباب الرئيسة لنشوء الشائعات، أما فيما يتعلق بالمصدر من حيث الإشاعات الداخلية والخارجية فكان مصدر الشائعات غالبا داخلي بنسبة 95 بالمئة منها.
بدوره، قال مدير وحدة الاستجابة الإعلامية في المركز الوطني للأمن وإدارة الأزمات الناطق الرسمي الدكتور أحمد نعيمات إن المملكة تعد من البيئات الإعلامية التي تشهد نشاطا مرتبطا بالمعلومات المغلوطة كونه من أكثر الدول في العالم من حيث نسبة مستخدمي منصات التواصل الاجتماعي وفقا لمعاهد الدراسات الدولية وأبرزها معهد “PEW” بالنشرات التي أصدرها منذ عام 2016 حتى 2021، إضافة إلى وجود عدد كبير من المنصات الإخبارية بشقيها المهني وغير المهني مع الأخذ بعين الاعتبار هامش الحرية الذي يسمح بالتعبير بمختلف الوسائل المتاحة.
وبين أن الشائعات تنقسم إلى قسمين أولها الشائعات المرتبطة بالمعلومات غير الدقيقة ويكون فيها المصدر الذي عمل على نقل الخبر غير متيقن منه أو لم يتحر الدقة أثناء نقله وليست لديه نية للاستهداف، وثانيها “الأخبار المضللة” وهي تلك التي يهدف من ورائها ذلك المصدر لنشر معلومات غير صحيحة تؤدي بالنتيجة إلى خلق حالة من عدم الاستقرار رقميا أو ميدانيا.