الأديب محمد مارديني: نحتاج إلى المزيد من الأدب الساخر لقربه من الجمهور

مؤسسة القدس للثقافة والتراث في سوريا تقيم ندوة بعنوان "الأدب الساخر ودوره".
الجمعة 2022/10/21
محمد مارديني كاتب مسحور بالأدب الساخر

دمشق - رغم أن الكتابة الساخرة ليست أقل شأنا من التراجيديا وهي أسلوب إبداعي يتفوق على غيره من القوالب الأخرى، ويحظى بانتشار واسعا عالميا، إلا أنها لا تحظى بانتشار واسع عربيا، حيث يتجنب الروائيون والكتاب العرب خوض مغامرة الأدب الساخر ويتجه أغلبهم نحو التراجيديا والخيال.

وظل القارئ العربي لعقود يعامل الكتابة الأدبية الساخرة على أنها أعمال هزلية خفيفة ومسلية، لا مجال فيها لطرح الأفكار الجادة والرؤى العميقة والتأملات الملهمة، لذلك تنتظم من حين لآخر ملتقيات وندوات مخصصة للتعريف بهذا الأدب والدعوة نحو الكتابة فيه وخوض المغامرة عله يحظى بالمكانة التي يستحقها في مشهد أدبي عربي بات متشابها.

وأقامت مؤسسة القدس للثقافة والتراث في سوريا مؤخرا ندوة بعنوان “الأدب الساخر ودوره” للأديب والدكتور محمد عامر مارديني تضمنت أهمية هذا الأدب وضرورة الاهتمام بطرحه لأنه قريب من الذائقة الاجتماعية.

وبين مادريني أنه لا يعد الأدب الساخر صنفاً أدبياً بحد ذاته، إنما هو أسلوب كتابة يختلف عن الكتابة الكوميدية أو الفكاهية من خلال تشخيص الواقع وإشكالاته سواء من الناحية الاجتماعية أو الاقتصادية أو السياسية داخل إطار أدبي باستخدام لغة سليمة رشيقة تحمل في طياتها جمال التعبير وحلاوة الوصف.

الكتابة الساخرة هي ترويح عن النفس وتشخيص للوجع الإنساني، تلطف وتجمل ثقل الحياة والألم والوجع

وأوضح مارديني أن لغة الأدب الساخر تعتمد تقريب المتفرقات عبر التقاطات معبرة خاطفة ومباغتة، بعيداً عن الإسهاب والإطالة كما هي رسوم الكاريكاتير، لافتاً إلى أن الكتابة الساخرة هي ترويح عن النفس وتشخيص للوجع الإنساني، تلطف وتجمل ثقل الحياة والألم والوجع، مستشهداً بالأديب غسان كنفاني في قوله: “إن السخرية ليست تنكيتاً ساذجاً على مظاهر الأشياء ولكنها تشبه نوعاً خاصاً من التحليل العميق”، لذلك إذا لم يكن للكاتب الساخر رؤية ورسالة واضحة فسيكون حينها أشبه بالمهرج.

ولفت مارديني إلى أن السخرية قد تحث الناس على الضحك لكنها قد تدفعهم في كثير من الأحيان للبكاء والرثاء على أحوالهم لأنها في بعض الأحيان تجمع بين الضحك والبكاء، موضحاً أن الكتابة الساخرة هي فن محفوف بالمخاطر والتحديات الصعبة وتحتاج إلى فضاء واسع من الحرية، لكن على الكاتب أن يكون حذراً في طريقة إيصال فكرته التي يريد لأنه في صراع دائم مع مقص الرقيب وأن يكون في الوقت نفسه جدياً ومحترماً لذكاء وفطنة القارئ.

من جانبه، أوضح مدير مؤسسة القدس محمد أبوجبارة الذي أدار اللقاء أن الأدب الساخر نوع من أنواع النقد الاجتماعي الذي يساهم في تطور الرؤى الإنسانية والثقافية وهو نافذة للأديب يعبر من خلالها عن أبعاد مختلفة عكسها خلال تعامله مع المجتمع، مبيناً ضرورة الاهتمام بالمستوى الفني للجنس الأدبي الساخر حتى يوازي الآداب الأخرى وقد يتفوق عليها.

يذكر أن محمد عامر مارديني من مواليد دمشق عام 1959 وهو أديب ودكتور في الصيدلة وله مؤلفات عديدة أغلبها في الأدب الساخر.

ويؤمن مارديني بأنه “أن تكون كاتباً ساخراً يعني بكل بساطة أنّكَ قادر على تناول الواقع بتفاصيلِه اليومية فتعري نواقصه وتذم عيوبه بأسلوب غير فج أو مباشر وأن تشرح كثيراً من الأمور الجادة والمسائل الحساسة المؤثّرة بشكل ساخر”.

13