الأخبار الكاذبة تهدد أمن الدولة في تونس

اتهامات لكتائب إلكترونية إخوانية بنشر الأخبار المضللة على مواقع التواصل.
الخميس 2024/12/05
الجيوش الإلكترونية تحاول بث الأخبار الكاذبة

باتت الشائعات على مواقع التواصل الاجتماعي تستهدف أمن البلاد في تونس لإثارة الفوضى والبلبلة، بالتوازي مع تنشيط الإخوان لصفحات تروج للأخبار الكاذبة والتحريض على السلطات.

تونس - أعلنت النيابة العسكرية في تونس الأسبوع الماضي عن فتح تحقيق ضد رجل أمن معزول بتهمة نشر "أخبار مصطنعة"، تحدث فيها عن مرض الرئيس قيس سعيد، بالتزامن مع تداول معلومات حول تنشيط الإخوان لصفحات اجتماعية لنشر الشائعات في البلاد خصوصا ما يتعلق بالوضع الأمني في البلاد.

وقالت وكالة الدولة العامة لإدارة القضاء العسكري، الأسبوع الماضي إن رجل الأمن المعزول ثامر بديدة يواجه تهمة “محاولة المس من سلامة التراب التونسي بواسطة الكتابة وارتكاب أمر موحش ضد رئيس الدولة، والمس من كرامة الجيش الوطني.”  وتنامت في تونس ظاهرة الأخبار الزائفة المنتشرة بشكل خاص عبر المنصات الاجتماعية، ومسّ مضمون بعضها من أمن البلاد وصورة رموز الدولة وبعض المؤسسات السيادية على غرار الجيش الوطني.

وظهر الأمني المعزول في مقاطع فيديو على منصة تيك توك يتحدث عن مرض الرئيس قيس سعيد وترتيبات لاحتمال تسليم السلطة، في حين لم تشر السلطات في تونس إلى أي معلومات عن وجود متاعب صحية للرئيس سعيد الفائز بولاية رئاسية ثانية في أكتوبر الماضي. ويظهر الرئيس سعيد (66 عاما) بانتظام على التلفزيون الرسمي في جولات تفقد ميدانية لمؤسسات الدولة، إضافة إلى اجتماعات شبه يومية مع وزراء ومسؤولين لمتابعة مختلف الملفات والقضايا في البلاد.

وأوضحت وكالة الدولة العامة لإدارة القضاء العسكري أن ثامر بديدة تعمد “استعمال شبكات وأنظمة معلومات واتصال لترويج ونشر أخبار منسوبة كذبا إلى الغير، بهدف الإضرار بالأمن العام والدفاع الوطني.” وعزل بديدة من منصبه في إدارة السجون منذ العام 2016 وصدر ضده في أكتوبر حكم بالسجن لمدة تسع سنوات بتهمة الفساد المالي ويواجه أيضا دعاوى قضائية أخرى بتهم الإرهاب والتآمر على أمن الدولة، وهو متواجد خارج البلاد.

لكن قضية بديدة ليست منفردة، حيث ذكرت مصادر مطلعة أن “جيوشا إلكترونية” إخوانية تندس في مواقع التواصل لتنشر الأخبار الكاذبة والمضللة، وتنشط “الصفحات النائمة” بالشائعات. وأثارت هذه الشائعات نقاشات وأحيانا سجالات مع تفاعل البعض معها وسقوطهم في فخ نشر الشائعات. إذ أن أيادي الإخوان عادت لتتحرك في تونس في الآونة الأخيرة بهدف تأجيج الأوضاع والتشويش على أمن البلاد.

وأحيانا تنشط الشائعات استنادا إلى حوادث حقيقية بهدف إثارة الفوضى والبلبلة الأمنية، فليل الثلاثاء الماضي، عاشت مدينة مساكن الواقعة في محافظة سوسة شرقي تونس على وقع احتجاجات ليلية، تنديدا بوفاة شاب قيل إنّه “قتل بعد تعرّضه لحادث مرور إثر مطاردة أمنية.”

◙ النيابة العسكرية توجه تهما لرجل أمن معزول بتهمة استعمال شبكات وأنظمة معلومات واتصال لترويج ونشر أخبار منسوبة كذبا إلى الغير

وعمد المحتجون لحرق سيارة أمنية وأضرموا النار في العجلات المطاطية، مما تسبّب في قطع الطريق. وإثر وفاة الشاب راجت شائعات بأن الوفاة كانت نتيجة مطاردة أمنية، تولت النيابة العامة بمحافظة سوسة فتح تحقيق في الموضوع. ووفق المتحدث الرسمي باسم محكمة سوسة وسام الشريف، فقد “تبين أن المتسبب في الواقعة هو سيارة مدنية أمكن التعرف عليها وعلى سائقها الذي تم ضبطه ومباشرة الأبحاث في حقه.”

وأضاف الشريف، في تصريحات إعلامية، أن ذلك الشخص “اعترف بالواقعة وهو ما دعم رواية مرافق الضحية، وعليه تم الاحتفاظ بالمشتبه فيه وحجز السيارة.” وأشار إلى أن “هناك من استغل الواقعة وتولى ترويج شائعات تسببت في أعمال شغب وتخريب نتج عنها إحراق سيارة أمنية.” وأكد أنه جرى فتح تحقيق مستقل في هذه الوقائع لتتبع كل من ساهم في حدوثها بطريقة مباشرة أو غير مباشرة عبر التحريض عليها عبر وسائل التواصل الاجتماعي.

وباتت عدة صفحات على مواقع التواصل الاجتماعي تعمل على تأجيج الأوضاع والركوب على الأحداث وزعزعة استقرار البلاد من خلال ترويج الأكاذيب والمغالطات والأخبار الزائفة والتي ليس لها أي علاقة بالواقع.” وذكرت مصادر أن هذه الصفحات تتلقى الأموال من الخارج وتقف وراءها جهات سياسية. ولا يزال القطب القضائي بتونس يحقق في القضية الشهيرة المعروفة إعلاميا بقضية “إنستالينغو”، والتي تتورط فيها حركة النهضة الإخوانية.

و”إنستالينغو” مؤسسة مختصة في صناعة المحتوى والاتصال الرقمي، وتدير عددا هائلا من الصفحات والمواقع التي تبث أخبارا كاذبة وتروج للفتنة.

وشددت تونس من الإجراءات القانونية والجزائية لمواجهة الجريمة الإلكترونية والتصدي لجهات تستغل شبكات التواصل الاجتماعي والمواقع لنشر الأخبار الكاذبة والمزيفة بهدف استغلال الاحتقان الاجتماعي نتيجة تدهور الوضع المالي والاقتصادي للتحريض وزعزعة استقرار البلاد والعمل على عرقلة جهود الإصلاح التي أطلقها الرئيس التونسي قيس سعيد بعد إجراءات 25 يوليو 2021.

وقالت كلّ من وزارة العدل ووزارة الداخلية ووزارة تكنولوجيات الاتصال في بيان مشترك في أغسطس العام الماضي 2023، إنّه تمّت إثارة التتبعات الجزائية للكشف عن هوية أصحاب ومستغلي الصفحات والحسابات والمجموعات الإلكترونية التي تعمد إلى استغلال هذه المنصات لإنتاج وترويج أو نشر وإرسال أو إعداد أخبار وبيانات وإشاعات كاذبة أو نسبة أمور غير حقيقية بهدف التشهير وتشويه السمعة أو الاعتداء على حقوق الغير أو الإضرار بالأمن العام والسلم الاجتماعي والمساس بمصالح الدولة التونسية والسعي لتشويه رموزها.

ووجهت الوزارات الثلاث تحذيرا “لكلّ من يساهم أو يشارك في نشر محتوى موقع أو صفحة محلّ تتبع عدلي أو جزائي بأيّ طريقة كانت داخل أو خارج التراب التونسي بأنّه يُعرض نفسه إلى التتبعات ذاتها.” وشدد البيان على أنه “سيتم نشر قوائم الصفحات والمجموعات الإلكترونية محلّ التتبع بصفة دورية على المواقع الرسمية.”

5