الأحزاب الليبية تتحرك للدفع نحو الانتخابات بعد فشل الجهود الأممية

طرابلس - تسعى الأحزاب الليبية إلى إطلاق مبادرة سياسية لحلحلة الأزمة التي فشلت جميع الجهود الأممية في حلها حتى الآن، حيث تخطط للإعلان عن رعاية أول حوار سياسي من نوعه منتصف شهر ديسمبر الجاري.
وتأتي محاولات التكتل لكسر الجمود السياسي وتجاوز حالة الانقسام في ليبيا، خصوصا وأن السنوات الماضية كشفت عن مدى القصور في تحركات الأمم المتحدة تجاه الأزمة الليبية، إذ لم ينجح المبعوثون الأمميون كافة، منذ إرسال أول مبعوث إلى ليبيا في أبريل 2011، وصولا إلى استقالة المبعوث التاسع، في السادس عشر من أبريل الماضي، في إيجاد مخرج أو وضع حد لدوامة الإخفاقات المتكررة في المسار السياسي الليبي، وذلك على الرغم من أن بعضهم امتلك الكثير من الخبرة السياسية في إدارة مثل هذه الأزمات.
وذكرت جريدة “الوسط الليبية” أنه في الآونة الأخيرة لجأت بعض التكتلات الحزبية إلى التوحد تحت راية واحدة لتسريع الضغوط على أطراف النزاع الليبي وإجبارها على إجراء الانتخابات، وهو ما بدا من اجتماع بعض هذه التكتلات في طرابلس الخميس الماضي؛ حيث تم إقرار اتفاق يهدف إلى توحيد الصف وحل الأزمة.
ويقول رئيس رابطة الأحزاب الليبية فتح الله بشير السعداوي إن “الأحزاب السياسية أدركت خطورة الموقف وأصبحت تتحرك في ما بينها، حيث شهدت ليبيا الأسبوع الماضي تجمع العديد من التكتلات وتوقيعها على اتفاق سياسي في ما بينها، والتي تضم قرابة 70 حزبا من بينها رابطة الأحزاب.”
ويضيف في تصريحات إلى “الوسط”، “نحن عازمون على استلام زمام الأمر، والتواصل مع كل الأطراف من السلطة، ومن خارجها، وعقد لقاءات أيضا مع الأطراف السياسية والتشريعية والعسكرية المختلفة قصد الوصول إلى رعاية حوار سياسي.”
التفاعلات السياسية والعسكرية في ليبيا أنتجت خارطة نفوذ لأصحاب المصالح والفاعلين الرئيسيين مقابل تغييب دور الأحزاب
ويؤكد السعداوي – الذي يرأس أيضا حزب المؤتمر الوطني الحر – أن “الأحزاب تسعى في الفترة المقبلة لتأخذ دور البعثة الأممية في إجراء هذا الحوار، وترعى هي حوارا بين الأطراف الموجودة.”
وكشف عن “اتفاق خلال اجتماع لتكتل الرابطات الحزبية يوم 26 نوفمبر الماضي على عقد مؤتمر صحفي منتصف شهر ديسمبر الجاري للإعلان عن رعاية حوار سياسي بين مختلف الأطراف الليبية.”
من جهته اعتبر رئيس حزب السلام والازدهار محمد الغويل، المشارك في إعداد وثيقة التكتلات الحزبية، أن الاتفاق بينهم بمثابة “نقطة عبور بارزة في توحيد الصف الوطني، سعياً لإنهاء الأزمة الليبية الراهنة عبر تعزيز التعاون بين الأحزاب السياسية،” واصفا الاتفاق بأنه “رسالة أمل، مفادها أن الحل للأزمة يكمن في العمل الجماعي والتكاتف الوطني، ما يعزز الآمال في تحقيق السلام والاستقرار في البلاد.”
وضم مؤتمر طرابلس 7 تكتلات تضم 70 حزبا سياسيا، وقد وقّعت لأول مرة مذكرة اتفاق تضمنت عشرة تعهدات يتعين على التكتلات الحزبية مراعاتها، من أهمها ضمان حقوق الأطياف السياسية والاجتماعية كافة، وتشجيع التنافس النزيه، وتعزيز ثقة الجمهور في العمل السياسي والحزبي من خلال تقديم برامج واقعية تستجيب لتطلعات الشعب.
وأفرزت التفاعلات السياسية والعسكرية في ليبيا خارطة نفوذ لأصحاب المصالح والفاعلين الرئيسيين، مقابل تغييب دور الأحزاب في المشهد.
وبسقوط نظام معمر القذافي انتشر السلاح إلى جانب تنامي نشاط التنظيمات الإرهابية والجماعات المسلحة.
وسجلت المفاوضات السياسية لحلحلة الأزمة في ليبيا خلال السنوات الأخيرة غيابا واضحا للأحزاب السياسية، في المقابل حضر أفراد يمثلون قبائل ومؤسسات منقسمة، في خطوة عكست ضعف الأحزاب في المشهد الليبي.
كما أثار تعدد المبعوثين الأمميين إلى ليبيا وعدم القدرة على تحقيق نتائج واضحة تساؤلات حول غياب الفاعلية وتراجع التأثير، وما إذا كانت الأمم المتحدة تفتقد للآليات التي يمكن من خلالها التعاطي مع تأزم الموقف في ليبيا أم أنها تظل مقيدة بالصلاحيات والمسؤوليات المُخولة إليها من قِبل مجلس الأمن، والتي تجعل دورها قاصرا على ممارسة أدوار الوساطة بهدف التوفيق بين أطراف الأزمة.