الأحزاب الأردنية تواجه تحدي عدم تجاوز العتبة في الانتخابات النيابية المقبلة

جزء كبير من الأردنيين لا يعتزمون التصويت للأحزاب: لا تفي بوعودها.
الجمعة 2024/08/09
الأحزاب أمام اختبار الصندوق

لم تردم التعديلات التي أدخلت على المنظومة السياسية الفجوة القائمة بين الأحزاب والشارع الأردني الذي لا يزال متوجسا منها وغير متحمس للرهان عليها في الانتخابات، وهو ما يظهر في استطلاع الرأي الذي أجراه مركز نماء للاستشارات الإستراتيجية مؤخرا.

عمان - كشف استطلاع للرأي أعده مركز نماء للاستشارات الإستراتيجية أن الأحزاب الأردنية تواجه تحديا كبيرا في تجاوز نسبة الحسم في الانتخابات النيابية المقبلة، والتي لم يعد يفصل عنها سوى أسابيع قليلة.

وتفتقد معظم الأحزاب الأردنية إلى أرضية سياسية وشعبية صلبة، كما أن العديد منها لا يملك برامج يمكن لها أن تستقطب المصوتين، الأمر الذي قد ينتهي بها خارج المنافسة في الاستحقاق المقرر في العاشر من سبتمبر المقبل. وأشارت نتائج الاستطلاع، الذي وصلت "العرب" نسخة منه، إلى أن نسبة الإقبال على الانتخابات البرلمانية المقبلة ستبلغ 34.97 في المئة، أي حوالي 1.5 مليون ناخب وناخبة، ومن بينهم حوالي 1.2 مليون سيصوتون للقوائم الحزبية.

وبما أن قانون الانتخاب حدد نسبة الحسم، أو العتبة، بـ2.5 في المئة للقائمة الحزبية، سيحتاج الحزب السياسي إلى حوالي 37500 صوت كحد أدنى لكي ينافس على مقاعد مجلس النواب، مما سيشكل عبئا على الأحزاب المتنافسة كون أن هذا العدد المقدر من الأصوات (حوالي 37500) سيحتسب من العدد الكلي المتوقع للمقترعين (1.5 مليون تقريبا) وليس بناء على العدد المتوقع من الذين سيصوتون للقوائم الحزبية (1.2 مليون تقريبا).

ومن المرجح أن ترتفع النسبة المتوقعة للناخبين المقترعين للقوائم الحزبية في حال أدرجت الأحزاب القضايا المهمة للأردنيين ضمن حملاتها الانتخابية، حيث تشير نتائج استطلاع مركز نماء إلى أن نصف الذين أفادوا بأنهم لن يصوتوا للأحزاب السياسية يرون أن الأحزاب غير فعالة، قائلين إنها نادرا ما تفي بوعودها، كما نسب ثلثهم قرارهم إلى عدم اقتناعهم أو اهتمامهم بالأحزاب السياسية أو لعدم معرفتهم بأهدافها وتوجهاتها.

ويرى متابعون أن نتائج الاستطلاع كانت متوقعة، فهناك شبه قطيعة بين الأحزاب والشارع الأردني، وهذا يعود إلى عوامل ذاتية في علاقة بإعلاء الأحزاب للبعد الأيديولوجي على حساب البرامج، وانشغالها أيضا بصراعات دونكوشوتية على الزعامة، كما توجد أيضا أسباب موضوعية، في علاقة بتوجه رسمي ينحو صوب تهميش القوى الحزبية طيلة العقود الماضية. ويشير المتابعون إلى أن أمام الأحزاب عملا طويلا لإقناع الشارع الأردني وأن الأمر لن يحصل بين ليلة وضحاها، وهذا السبب الرئيسي في عدم حماسة السلطة السياسية للمضي حاليا في خيار حكومات برلمانية.

وعند السؤال عن الإجراء الذي في حال اتخذه حزب سياسي سوف يزيد من ثقة الأردنيين بهذا الحزب، أشار 27.5 في المئة من الأردنيين إلى خلق فرص العمل، مما يشير إلى مدى أهمية البطالة كتحد أساسي يؤرق الأردنيين، بينما قال 21.2 في المئة من الأردنيين إنه لا يمكن رفع ثقتهم بالأحزاب مهما كان الإجراء، مما يبرز حجم الجهد المطلوب من الأحزاب من أجل تعزيز المشاركة السياسية للأردنيين. ويريد حوالي 24 في المئة من الأردنيين أن تفي الأحزاب السياسية بالوعود المذكورة في حملاتها الانتخابية، مما يعني أن نجاح الانتخابات ونجاح أداء الأحزاب في مجلس النواب قد ينعكس إيجابا على زيادة مشاركة الأردنيين الذين يريدون رؤية نتائج ملموسة.

وتشكل الانتخابات المقررة في سبتمبر المقبل أهمية استثنائية لكونها تأتي بعد تعديلات أدخلت على المنظومة السياسية في الأردن خلال العامين الماضيين، ومنحت الأحزاب لأول مرة منذ عقود إمكانية الهيمنة على المجلس النيابي المقبل من خلال الإحدى والأربعين مقعدا التي خصصت لها وأيضا عبر الدفع بمستقلين قريبين منها. وكانت المجالس النيابية السابقة تخضع لسيطرة قوى أخرى على غرار العشائر والمستقلين الذين كانوا في معضمهم موالين للسلطة السياسية، فيما الحضور الحزبي كان ضعيفا وغير مؤثر، الأمر الذي أدى وفق البعض، إلى تغول السلطة التنفيذية على حساب السلطة التشريعية.

◙ نتائج استطلاع مركز نماء تشير إلى أن نصف الذين أفادوا بأنهم لن يصوتوا للأحزاب السياسية يرون أنها غير فعالة

وسلط استطلاع مركز نماء الضوء على حصيلة مجلس النواب خلال الأربع سنوات الماضية، والذي أظهر أن وعي الأردنيين بالنتائج المحققة كان منخفضا. فعند السؤال عن أكبر إنجازات مجلس النواب خلال السنوات الأربع الماضية، شدد 80 في المئة من الأردنيين على أنه لم يحقق أي شيء يذكر، فيما كشف عن أن تصورات الأردنيين حول القوانين التي أقرها المجلس الذي جرى حله في وقت سابق من الشهر الجاري، تعطي صورة مختلفة تماما.

وبحسب نتائج الاستطلاع، يتفق 63.4 في المئة من الأردنيين مع معظم القوانين التي أُقرت خلال السنوات الأربع الماضية، وعند تحليل النتائج بشكل أعمق، تحظى القوانين المتعلقة بالأمن وسيادة القانون والأحوال المدنية بدعم 73.2 في المئة من الأردنيين، مقارنة بـ58 في المئة للقوانين المتعلقة بالاقتصاد و56 في المئة للقوانين المتعلقة بالحوكمة.

وبشكل أكثر عمقا، تشير نتائج استطلاع مركر نماء إلى أن 87 في المئة من الأردنيين يتفقون مع قانون حماية البيانات الشخصية، ويتفق 81 في المئة من الأردنيين مع قانون الجرائم الإلكترونية، و71.4 في المئة مع قانون خدمة العلم والخدمة الاحتياطية، و71 في المئة مع قانون إنشاء المحاكم الشرعية، و70.7 في المئة مع قانون التنمية الاجتماعية، و69.4 في المئة مع قانون حقوق الطفل، و67.4 في المئة مع قانون العمل، و66.2 في المئة مع قانون السير، و66 في المئة مع قانون مشروعات الشراكة بين القطاعين العام والخاص، و65.3 في المئة مع قانون النزاهة ومكافحة الفساد، و64 في المئة مع قانون العفو العام، و53.4 في المئة مع قانون الانتخابات، و52.8 في المئة مع قانون تنظيم بيئة الاستثمار، و33.4 في المئة مع قانون الأحزاب السياسية، و32.5 في المئة مع قانون الضرائب العامة.

ويمكن أن تكون أسباب عدم معرفة الأردنيين بهذه الإصلاحات مرتبطة بكيفية حصولهم على الأخبار والمعلومات، وتحديدا لأن نتائج استطلاع مركز نماء تكشف عن انخفاض كبير في نسبة الأردنيين الذين يعتمدون على المسؤولين الحكوميين للحصول على الأخبار والمعلومات لتصل إلى 3 في المئة فقط، مشكلة انخفاضا من 16 في المئة في استطلاع سابق لمركز نماء في شهر نوفمبر 2023.

وهناك انخفاض مشابه في ما يتعلق بالصحف لتصل النسبة إلى 1 في المئة فقط من الأردنيين، مقابل 4.5 في المئة فقط بالنسبة إلى المحطات الإذاعية، بينما يعتمد 36 في المئة من الأردنيين على المواقع الإخبارية، و42 في المئة على الأصدقاء والعائلة، و72 في المئة على فيسبوك للحصول على المعلومات والأخبار. ويتابع 45 في المئة من الأردنيين شخصيات إعلامية أردنية للحصول على الأخبار، إلا أن معظم الشخصيات التي ذكرها الأردنيون لا تعمل داخل الأردن ولا تغطي الشؤون المحلية الأردنية.

وتشدد نتائج استطلاع مركز نماء على أهمية تعزيز الرسائل الرسمية لحماية الأردنيين من خطر المعلومات المضللة، ومن المهم أيضا أن تحقق الانتخابات ومجلس النواب القادم الأهداف التي حددتها اللجنة الملكية لتحديث المنظومة السياسية. وعليه، فمن الضروري أن تستمر الأحزاب السياسية في إشراك المواطنين بعد الانتخابات، وأن تحقق أيضا الوعود التي ذكرتها في حملاتها الانتخابية لتعزيز مستوى وجودة المشاركة السياسية الهادفة للأردنيين.

ونفذ مركز نماء الاستطلاع على عينة وطنية ممثلة بلغ حجمها 1525 أردنيا وأردنية تمت مقابلتهم بشكل وجاهي في شهر مايو مع هامش خطأ بلغ 2.5 في المئة ومعدل ثقة بلغ 95 في المئة.

2