الأجواء العامة في الأردن لا تشجع على إجراء الانتخابات البرلمانية

فرضية تأجيل الانتخابات واردة نتيجة عدم ثقة الحكومة في إقبال الناخبين على صناديق الاقتراع وهو الأمر الذي سيشكل ضربة لعملية التحديث السياسي الجارية.
الثلاثاء 2024/01/09
الانتخابات آخر اهتمامات المواطن الأردني

عمان- لا تستبعد أوساط سياسية أردنية تأجيل الانتخابات البرلمانية المقرر إجراؤها العام الجاري، في ظل عدم اهتمام الرأي العام بالاستحقاق، وحاجة الأحزاب إلى المزيد من الوقت لترتيب أوراقها الداخلية بعد التعديلات التي أدخلت على المنظومة السياسية.

وتشكل الانتخابات المقبلة اختبارا حقيقيا لقياس موقف الشارع الأردني من عملية التحديث السياسي التي أطلقتها القيادة الأردنية في العام 2021، وبالتالي فإن خيار التريث في إجرائها أمر مطروح وبقوة خلف الكواليس.

وتشير الأوساط إلى أن الأردن لن يعدم الحجج في تبرير التأخير في إجراء الانتخابات، لاسيما في ظل الظروف الإقليمية المحيطة، والحرب المفتوحة على الحدود مع شبكات تهريب المخدرات المتمركزة في الجنوب السوري.

عبدالرحيم المعايطة: الأحزاب بحاجة  إلى الوقت لترتيب أوراقها الداخلية
عبدالرحيم المعايطة: الأحزاب بحاجة  إلى الوقت لترتيب أوراقها الداخلية

وقال النائب الأول لرئيس مجلس النواب عبدالرحيم المعايطة، في وقت سابق إن من الناحية الإدارية، أي ما يتعلق بالقانون، فإن الأردن جاهز لإجراء الانتخابات البرلمانية، ولكن الأجواء العامة غير سليمة، كالانتهاكات في الأراضي الفلسطنية المحتلة، على حد قوله.

وأضاف المعايطة في لقاء تلفزيوني أن من الممكن إجراء الانتخابات البرلمانية، “لكن لن تكون بنفس الحماس”، بسبب عدم إقبال الكثير من الأشخاص على الانتخابات، وبالتالي ستكون إجراءاتها ضعيفة.

ولفت نائب رئيس مجلس النواب إلى أن الأحزاب السياسية بحاجة إلى الوقت لترتيب أوراقها الداخلية، كما أن لا يزال هناك تخوف في الشارع الأردني من الانتماء إلى الأحزاب، وعدم معرفة الكثير من الأحزاب بالتنظيم الحزبي.

ووصف المسيرة الحزبية بأنها تحتوي على العديد من الأشواك متزامنة مع الحياة الحزبية كهيكل للأحزاب منذ بداية التأسيس والتي يجب تجاوزها، مشيرا إلى أن على الشارع الأردني أن يؤمن بوجود القانون لإنجاح المسيرة الحزبية.

وعلى مدار العامين الماضيين، أدخل الأردن تعديلات جوهرية على المنظومة السياسية في البلاد، في سياق رؤية للملك عبدالله الثاني تهيئ لحكومات برلمانية في المستقبل. وشملت التعديلات قانوني الانتخابات والأحزاب، وكلاهما منحا الأحزاب فرصة للعب دور متقدم في الحياة العامة بعد عقود من التحجيم.

ووفق التعديلات، فإن بإمكان الأحزاب الأردنية الحصول على أكثر من نصف مقاعد البرلمان سواء من خلال الأربعين مقعدا المخصصة لها أو عبر المستقلين، على خلاف السابق حيث كانت للعشائر اليد الطولى. ورغم الامتيازات الممنوحة للأحزاب، لكن الأخيرة تواجه صعوبة في استقطاب الناس ولاسيما الشباب وهذا يعود في جانب منه إلى إرث الأحكام العرفية، وما خلفته من ندوب في الوعي الجمعي، حيث إن الارتباط بالأحزاب قد يقود إلى الاعتقال.

وقال وزير الشؤون السياسية والبرلمانية حديثة الخريشة، الأسبوع الماضي، إن “القانون يحمي المنتسبين للأحزاب ولا داعي للتخوفات”، مؤكدا التزام الحكومة بالدستور خاصة في ما يتعلق بإجراء الانتخابات النيابية واحترام الحريات.

حديثة الخريشة: القانون يحمي المنتسبين للأحزاب ولا داعي للتخوفات
حديثة الخريشة: القانون يحمي المنتسبين للأحزاب ولا داعي للتخوفات

وأكد الخريشة خلال لقائه أمناء عامي الأحزاب في مقر الوزارة أن مسار التحديث السياسي عملية مستمرة، موضحا أن المرحلة المقبلة هي مرحلة الأحزاب السياسية الأمر الذي يستدعي زيادة مشاركة كافة القوى السياسية في الانتخابات البرلمانية المقبلة.

وشدد على أهمية دور الأحزاب في زيادة نسب منتسبيها في بعض مناطق المملكة، داعيا إلى تكثيف الجهود للمزيد من التوعية بالحياة الحزبية، وهو ما تقوم به الوزارة خلال هذه الفترة بتوعية الشباب والمرأة وكافة فئات المجتمع الأردني بأهمية الحياة الحزبية والسياسية. وأوضح أن الحكومة وجهت مؤسسات التعليم لتسهيل الأنشطة الحزبية في الجامعات، ملفتا إلى أن نظام تنظيم ممارسة الأنشطة الحزبية الطلابية في مؤسسات التعليم العالي وازن بين الحفاظ على هدف مؤسسات التعليم العالي بالتعليم وبين التشجيع على العمل الحزبي.

وتعكس تصريحات الخريشة وعيا بوجود أزمة ثقة بين الدولة والأفراد تحاول الحكومة اليوم تبديدها، لكن الأمر قد يتطلب فعل المزيد لجهة إطلاق سراح النشطاء السياسيين، والسماح بمساحة من الحرية فقدت لعقود طويلة.

ويقول نشطاء إن الناس لا يمكن حثهم على الانخراط بشكل فعال في الحياة الحزبية في ظل أجواء خانقة، وفي ظل عدم قناعة بالقوى الحزبية الحالية التي معظمها يشكل واجهة للسلطة السياسية.

ويعتقد النشطاء أن فرضية تأجيل الانتخابات واردة نتيجة عدم ثقة الحكومة في إقبال الناخبين على صناديق الاقتراع، وهو الأمر الذي سيشكل ضربة لعملية التحديث السياسي الجارية.

ووفق الإطار الدستوري، فإن من المفترض إجراء الانتخابات النيابية بين العاشر من يوليو  والعاشر من نوفمبر 2024.

2