الأجسام السياسية المتصارعة في ليبيا تواجه اختبار الشارع

طرابلس - شكلت الاحتجاجات التي تفجرت في أنحاء من ليبيا، ردا على الانسداد السياسي وتدهور الأوضاع الاجتماعية والخدمية، ناقوس إنذار للأجسام السياسية المتصارعة في البلاد، وللمجتمع الدولي الذي يبدو عاجزا عن دفع الفرقاء إلى تسوية واقعية تنهي الأزمة.
واقتحم محتجون الجمعة مقر البرلمان في طبرق (شرق)، ضمن احتجاجات شهدتها عدة مدن ليبية، للمطالبة بحل المؤسسات السياسية القائمة وإجراء الانتخابات، ومع تراجع منسوب الحراك، لكن نشطاء يؤكدون أنه ستكون لهم عودة.
وعبر تحالف القوى الوطنية الأحد عن “الدعم الكامل لحق المواطنين في المطالبة بحقوقهم كونه حقا أصيلا وسمة بنيوية للدولة المدنية المنشودة”، داعيا إلى “ضرورة سلمية هذه الاحتجاجات والمحافظة على الممتلكات الخاصة والعامة”.

تحالف القوى الوطنية يطالب بحوار شامل ويرفض فكرة إجراء انتخابات في ظل وجود حكومتين
وحث التحالف، في بيان “الأجسام السياسية إلى الاستجابة لهذه المطالب وتحويلها إلى خطوات عملية ملموسة باعتبار هذا الشعب هو صاحب الأمانة والسيادة”، مناشدا “مجلس النواب والدولة رئاسة وأعضاء وكذلك كل الأطراف الليبية المعنية تحمل المسؤولية التاريخية”.
ودعا البيان إلى “حوار شامل وحقيقي على مشروع وطني يضع أسس بناء الدولة وينهي الصراع ويقدم الضمانات الكافية ويبدد المخاوف، وتحال النقاط الخلافية الكبرى إلى استفتاء شعبي، باعتبار أن الاستفتاءات هي الركيزة الأساسية للديمقراطية المباشرة، فيُفصل نهائيا في نقاط الخلاف من قبل الشعب صاحب السيادة”.
وتفجرت الاحتجاجات على إثر فشل مفاوضات جرت بين رئيسي مجلس النواب والدولة في جنيف حول النقاط الخلافية في علاقة بالقاعدة الدستورية التي سيجري الاستناد عليها لإجراء الانتخابات التشريعية والرئاسية.
ولم يتمكن عقيلة صالح وخالد المشري من التوصل إلى تفاهم بشأن مشاركة مزدوجي الجنسية في العملية الانتخابية، وشكل هذا الفشل إحباطا كبيرا بالنسبة إلى الليبيين.
وطالب تحالف القوى الوطنية “بعثة الأمم المتحدة في ليبيا بمراجعة أدائها وتصوراتها منذ اتفاق الصخيرات وإلى ما وصل إليه اتفاق جنيف وخارطة الطريق من انسداد ووضع آلية جديدة تضع في اعتبارها نقاط الضعف والخلل التي أدت إلى هذا الوضع”.
واعتبر أن “المشكلة الرئيسية للحالة الليبية هي مشكلة تشخيص وتصميم وليس تقاسم سلطة بل تكوينها بشكل منسجم مع السياق التاريخي والمجتمعي بالدرجة الأولى”.
ويرى مراقبون أن الانقسام في الموقف الدولي حيال الحل في ليبيا ساهم بشكل كبير في وصول الأمور إلى هذا الوضع، مشيرين إلى المقاربات غير الواقعية التي تطرح من هنا وهناك لمعالجة المأزق الليبي وآخرها ما يروج له السفير الأميركي ريتشارد نورلاند عن تولي الحكومتين المتصارعتين في ليبيا مهمة إدارة الانتخابات العامة في مناطق سيطرة كل منهما.

وتعليقا على تحركات السفير الأميركي وترويجه لهذه الوصفة السياسية لحل المعضلة الانتخابية أكد التحالف “رفض فكرة إجراء انتخابات في ظل وجود حكومتين وإدارة قادة الفصائل المسلحة للانتخابات في مناطقهم”، كما رفض “فكرة (الآلية الدولية لإدارة العوائد) بهذه الطريقة المشوبة بالغموض والريبة فضلا عن وجود ملاحظات في شكلها ومضمونها وطبيعة تشكلها”، حسب تعبير بيان التحالف.
وجدد البيان الدعوة إلى «ضرورة وجود آلية وطنية دولية مشتركة منذ مداولات الصخيرات ولكن بشكل مختلف عما يسوق له الآن وبما يضمن النزاهة والشفافية والكفاءة والسيادة”.
وأعلنت في وقت سابق الأمم المتحدة عن قلقها إزاء تطور الأوضاع في ليبيا، ودعا الأمين العام للمنظمة أنطونيو غوتيريش في بيان كل الأطراف المعنية إلى “الامتناع عن أي أعمال من شأنها تقويض الاستقرار في ليبيا”.
تحالف القوى الوطنية يعتبر المشكلة الرئيسية للحالة الليبية هي مشكلة تشخيص وتصميم وليس تقاسم سلطة
وذكر البيان “يتابع الأمين العام بقلق التظاهرات التي خرجت في عدة مدن بليبيا، منها طرابلس وطبرق وبنغازي، في الأول من يوليو الجاري”.
وأضاف “اعترافا بالحق في التظاهر السلمي، يدعو الأمين العام المتظاهرين إلى تجنب أعمال العنف، وقوات الأمن إلى ممارسة أقصى درجات ضبط النفس”.
وحثّ غوتيريش “الأطراف الليبية على التكاتف للتغلب على المأزق السياسي المستمر الذي يعمق الانقسامات ويؤثر سلبا على اقتصاد البلاد”.
وأكد الأمين العام أن “الأمم المتحدة والمستشارة الخاصة بشأن ليبيا ستيفاني ويليامز مستعدان لتقديم المساعي الحميدة والوساطة بين الأطراف لرسم طريق للخروج من المأزق السياسي بإجراء الانتخابات على أساس دستوري ثابت في أقرب وقت ممكن”.