الآلاف من علويي سوريا يخشون العودة إلى الديار

موسكو تعلن عن صدمتها من الأحداث التي تشهدها سوريا وتأمل في محاسبة المسؤولين عن العنف ومعاقبتهم.
الجمعة 2025/03/14
مأساة تتكرر

دمشق - يرفض الآلاف من الطائفة العلوية السورية العودة إلى ديارهم في الساحل، خشية على حياتهم، رغم مرور أيام على إعلان السلطات السورية إنهاء العملية العسكرية في المنطقة، وتعهدات الرئيس أحمد الشرع بمحاسبة مرتكبي الانتهاكات.

ونشبت أعمال عنف طائفية في سوريا بين قوات الأمن ومجموعات رديفة تابعة للإدارة الجديدة ومقاتلين ينتمون إلى الأقلية العلوية التي ينحدر منها الرئيس السابق بشار الأسد. وقتل خلال تلك الأعمال المئات من المدنيين ونكل بالعديد منهم، كما تم نهب وسرقة المنازل والمتاجر، من قبل الجماعات المحسوبة على الإدارة السورية.

وعلى وقع تلك الهجمات الدموية أجبر الآلاف من المدنيين على مغادرة المنطقة، فبعضهم لجأ إلى قاعدة حميميم الروسية، والبعض الآخر نزح إلى لبنان، فيما اختبأ الكثير منهم في الأحراش، من دون طعام أو شراب أو وسائل اتصال لليوم الخامس على التوالي.

وأعلنت وزارة الخارجية الروسية الخميس، أنها فتحت أبواب قاعدتها العسكرية في حميميم أمام أكثر من 8 آلاف شخص فروا من أعمال العنف. وقالت المتحدثة باسم وزارة الخارجية الروسية ماريا زاخاروفا للصحافيين "فتحت القاعدة الجوية الروسية في حميميم أبوابها أمام السكان الفارين من المذابح." وأضافت "استقبل جيشنا أكثر من 8000 سوري، وفقا لإحصاءات الأمس.. وربما حتى ما يقرب من 9000. وهؤلاء معظمهم من النساء والأطفال."

وأفاد المرصد السوري لحقوق الإنسان الثلاثاء أن القاعدة تستضيف سوريين من الأقلية العلوية. كما قال المرصد إن 1225 مدنيا، معظمهم من العلويين، قتلوا منذ السادس من مارس في عمليات انتقامية وطائفية.

وكانت روسيا الداعم الدولي الرئيسي لبشار الأسد منذ تدخلها عسكريا إلى جانبه في عام 2015. لكن مع انخراطها في النزاع في أوكرانيا، لم تتمكن من منع سقوطه في ديسمبر الماضي، بعد هجوم خاطف شنه تحالف فصائل مسلحة بقيادة هيئة تحرير الشام.

وقالت زاخاروفا إن روسيا تبذل كل ما في وسعها لضمان سلامة مواطنيها ومنشآتها في سوريا وإنها على اتصال مع دول عربية وتركيا وإيران في محاولة لتحقيق استقرار طويل الأمد في سوريا. وأضافت أن موسكو مصدومة من الأحداث التي تشهدها سوريا وتأمل في محاسبة المسؤولين عن العنف ومعاقبتهم.

ماريا زخاروفا: جيشنا استقبل ما يقرب من 9000 سوري معظمهم نساء وأطفال
ماريا زخاروفا: جيشنا استقبل ما يقرب من 9000 سوري معظمهم نساء وأطفال

ولاتزال الحدود اللبنانية – السورية تشهد تدفق اللاجئين السوريين الفارين من عمليات القتل الطائفية. وأفادت السلطات اللبنانية الأربعاء بأن أكثر من 350 عائلة عبرت إلى لبنان خلال الأيام القليلة الماضية.

ويعد هذا النزوح الأحدث في تاريخ موجات اللجوء السوري إلى لبنان، حيث يستضيف البلد بالفعل أكثر من مليون لاجئ سوري منذ اندلاع الحرب الأهلية عام 2011، مما يزيد من الضغط على البنية التحتية اللبنانية ويثير مخاوف من تداعيات أمنية وإنسانية جديدة.

وعلى مدى الأيام الماضية قدم الرئيس الشرع قدم تعهدات بمحاسبة مرتكبي الجرائم والتجاوزات، وتم تشكيل لجنة لتقصي الحقائق، لكن هناك شكوكا كبيرة في إمكانية تحقق ذلك. وروى كثر من سكان المنطقة الساحلية السورية تفاصيل مروعة عن المعارك وعمليات التمشيط الأمنية وعمليات قتل لمدنيين.

ونشر مقاتلون وناشطون والمرصد السوري منذ بدء التصعيد مقاطع فيديو تظهر عمليات إطلاق رصاص بشكل مباشر على أشخاص عزل بملابس مدنية، وأخرى تظهر فيها عشرات الجثث بملابس مدنية مكدّس بعضها قرب بعض على الأرض. ولم تتمكن فرانس برس من التحقق من مقاطع الفيديو.

وانتشر الأربعاء مقطع فيديو على مواقع التواصل الاجتماعي لامرأة وهي تقف أمام جثماني رجلين تسيل منهما الدماء وتواجه رجلا يقوم بتصويرها وتوجيه الإهانات اليها وإلى العلويين، قبل أن يظهر في خلفية الفيديو ثلاثة رجال متوجهين نحوها يحمل أحدهم على الأقلّ سلاحا.

وبحسب المرصد السوري الذي قال إنه تمكن من التحقق من الفيديو، فهو لامرأة تدعى زرقة سباهية (86 عاما) من قرية قبو العوامية في ريف اللاذقية، وحولها جثمانا ولديها بعدما قتلهما “عناصر سوريون من الأمن العام” عند اقتحام قريتهم في 7 مارس، مضيفا أن حفيدها أيضا قتل. ووفق المرصد الذي تحدّث مع ابنة المرأة، بقيت الجثث ملقاة خلف منزلها لأربعة أيام، لتقوم بحراستها على أمل أن تتمكن من دفنها.

وظهر محافظ اللاذقية محمد عثمان الاثنين الماضي في مقطع مصور خلال زيارة لقريتي صنوبر وإسطامو في ريف جبلة، ودعا جميع المدنيين للعودة إلى قراهم. وأكد عثمان أن الأمن العام لن يعتقل من خضع للتسوية سابقاً، وأن المطلوبون هم فقط من شاركوا في الأيام الأخيرة بالاعتداء على عناصر الأمن العام وقوات وزارة الدفاع.

من جهته أجرى وزير الداخلية السوري، علي كدة، الثلاثاء، زيارة إلى مدينة جبلة وحي الدعتور في اللاذقية، والتقى بعدد من الأهالي والوجهاء للاطلاع على أوضاعهم والاستماع إلى شكاويهم.

وتحدثت مصادر إعلامية عن قيام وفود رسمية وعسكرية تابعة للإدارة السورية بزيارة القاعدة الجوية حميميم اليومين الماضيين من أجل إقناع الأهالي بمغادرتها والعودة إلى منازلهم بعد إعلان انتهاء العمليات العسكرية، وسط رفض معظمهم ومطالبتهم بحماية روسية لهم أو حماية دولية.

ويقول نشطاء إنه من غير الوارد عودة الفارين في ظل استمرار انتشار الفصائل المتورطة في المجازر التي ارتكبت فظاعات بحق المدنيين، والذين لم يجر اتخاذ أي قرار بإبعادهم، رغم كل ما يثار عن ذلك.

2