الآلاف في شمال غرب سوريا ينتفضون على الوصاية التركية

مولود جاويش أوغلو يدعو إلى "مصالحة" بين دمشق والمعارضة لتحقيق "سلام دائم".
السبت 2022/08/13
رفض واسع للمصالحة مع نظام الأسد

دمشق - خرج الآلاف من السوريين الجمعة في عدة تظاهرات في مناطق سيطرة الفصائل المعارضة للنظام السوري في شمال وشمال غرب سوريا، منددين بتصريحات وزير خارجية تركيا مولود جاويش أوغلو التي دعا فيها إلى “مصالحة” بين دمشق والمعارضة لتحقيق “سلام دائم”، وأعلنوا رفضهم للوصاية التركية.

وقال جاويش أوغلو الذي كانت بلاده في بداية النزاع السوري عام 2011 من أبرز داعمي المعارضة السورية، لاسيما التنظيمات الإسلامية الراديكالية، خلال مؤتمر صحافي في أنقرة الخميس “علينا أن نجعل النظام والمعارضة يتصالحان في سوريا، وإلا لن يكون هناك سلام دائم”.

وخرجت تظاهرات متفرقة عقب صلاة الجمعة في كبرى مدن الشمال السوري كأعزاز والباب وعفرين وجرابلس التي تسيطر عليها القوات التركية وفصائل إسلامية موالية لها، تحت شعار “لن نصالح”. كما شهدت مدينة إدلب (شمال غرب)، الواقعة تحت سيطرة هيئة تحرير الشام (جبهة النصرة سابقاً) وفصائل أخرى أقل نفوذاً، ومحيطها تحركات مماثلة.

خروج تظاهرات في أكثر من ثلاثين نقطة في شمال سوريا على خلفية دعوة أنقرة إلى المصالحة بين المعارضة ودمشق

وفي وسط مدينة الباب قال النازح ياسين الأحمد (37 عاماً) “اجتمعنا هنا كثوار لرفض أي مصالحة مع النظام لأنها تعني دمار وتشريد الملايين من السوريين”. وأضاف “هذه المصالحة ليست بيدنا وليست بيد تركيا (…) هي بالنسبة إلينا أشبه بانتحار وجريمة”.

وحمل متظاهرون أعلام المعارضة السورية ولافتات عدة جاء في إحداها “لا تصالح والثورة مستمرة”، وفي أخرى “ضامن وليس وصيا”، في إشارة إلى دور تركيا كضامن لوقف إطلاق النار في مناطق الشمال السوري.

وأحصى المرصد السوري لحقوق الإنسان خروج تظاهرات في أكثر من ثلاثين نقطة في شمال وشمال غرب سوريا الجمعة، وأطلقت دعوات لتظاهرات مماثلة مساء الجمعة.

وقرب نقطة عسكرية تركية في بلدة المسطومة الواقعة على بعد سبعة كيلومترات جنوب مدينة إدلب، تجمّع العشرات من المتظاهرين منددين بالتصريحات التركية ومجددين المطالبة بـ”إسقاط النظام” في سوريا.

وأوضحت سناء العلي على هامش مشاركتها في الوقفة الاحتجاجية “نحن هنا (…) لنؤكد أننا لن نصالح ولن ننسى دماء الشهداء ووجع المعتقلين والمجازر”.

وكانت تحركات غاضبة جرت ليلاً، تم خلالها إحراق العلم التركي وإزالته من مدن عدة. وتجمّع العشرات قرب معبر باب السلامة مع تركيا، مرددين هتاف “الموت ولا المذلة”.

وفي أنقرة صدر الجمعة بيان توضيحي عن المتحدث باسم وزارة الخارجية التركية تانجو بيلغيتش أكد فيه أن بلاده “ستواصل المساهمة بقوة في الجهود الرامية إلى إيجاد حل دائم” للنزاع في سوريا “بما يتماشى مع توقعات الشعب السوري”.

ورأى معارضون في تصريحات جاويش أوغلو تحولا في الموقف التركي. ولطالما وصف الرئيس التركي رجب طيب أردوغان نظام الرئيس السوري بشار الأسد بـ”القاتل”. وقال في مايو الماضي إنه لن يعيد اللاجئين السوريين الموجودين في بلاده إلى “أفواه القتلة”.

وتستضيف تركيا أكثر من 3.6 مليون لاجئ سوري على أراضيها منذ بدء النزاع السوري الذي تسبّب بمقتل نحو نصف مليون شخص وألحق دماراً هائلاً بالبنى التحتية والقطاعات المنتجة وأدى إلى نزوح وتشريد الملايين من السكان داخل البلاد وخارجها.

وكان جاويش أوغلو صرح الخميس بأنه بعد مرور 11 عاماً على اندلاع النزاع السوري “مات كثيرون وغادر عديدون بلدهم. يجب أن يتمكن هؤلاء من العودة، بمن فيهم الموجودون في تركيا. لهذا، يتعيّن أن يكون هناك سلام دائم”.

النظام السوري يرهب مواطنيه
النظام السوري مازال يرهب مواطنيه

واعتبر أن مسار أستانة موجود “من أجل التوصل إلى حلّ عبر الدبلوماسية والسياسة في سوريا”.

وتجري أنقرة منذ سنوات محادثات مع طهران وموسكو، أبرز داعمي دمشق، في إطار مسار أستانة الهادف الى إيجاد تسوية سياسية للنزاع، بموازاة جهود الأمم المتحدة في جنيف. وأدت اتفاقات تهدئة ضمن هذا المسار إلى وقف هجمات عسكرية واسعة نفذتها القوات الحكومية خصوصاً في إدلب.

ونفى جاويش أوغلو وجود أي تواصل مباشر راهناً بين الرئيس التركي ونظيره السوري، رغم مطالبة روسيا بذلك منذ زمن طويل، على حد قوله. لكنه أشار إلى عودة التواصل مؤخراً بين أجهزة استخبارات البلدين بعد انقطاع.

وكشف عن لقاء قصير جمعه مع نظيره السوري فيصل المقداد في بلغراد في أكتوبر أكد خلاله أن “الحل السياسي هو السبيل الوحيد للخروج” من الأزمة، مشدداً في الوقت ذاته على ضرورة “القضاء على الإرهابيين”، في إشارة إلى الوحدات الكردية.

وتلوّح تركيا منذ مايو الماضي بشنّ هجوم على منطقتين تحت سيطرة المقاتلين الأكراد في شمال سوريا. وأكد جاويش أوغلو أن بلاده “ستواصل قتالها ضد الإرهاب في الميدان في سوريا”، بموازاة جهودها للتوصل إلى حل سياسي.

وتصنّف تركيا المقاتلين الأكراد الذين يسيطرون على منطقة واسعة في شمال وشمال شرق سوريا “إرهابيين”، وتخشى أن يستقوي بهم المتمردون الأكراد في تركيا.

وخلال مشاركته في تظاهرة مدينة الباب، قال صدام حجار (38 عاماً) بانفعال “ليفاوضْ المقاتلين الأكراد ويتصالح معهم”.

2