اكتشاف 500 جين مسؤول عن تفضيلات الطعام لدى البشر

النتائج المتحصل عليها تمثل خطوة مهمة نحو استخدام الصفات الوراثية للبشر في تطوير إستراتيجيات غذائية دقيقة.
الأربعاء 2023/07/26
الأشخاص يفضلون أنواعا من الطعام ويرفضون أخرى

سان فرانسيسكو (الولايات المتحدة) - توصل فريق من الباحثين في الولايات المتحدة إلى نحو 500 من الجينات المسؤولة عن تفضيلات الغذاء لدى البشر. وتمثل هذه النتائج خطوة مهمة نحو استخدام الصفات الوراثية للبشر في تطوير إستراتيجيات غذائية دقيقة للمساعدة في تحسين الصحة ومنع الإصابة بالأمراض.

وتقول الباحثة جوان كول، المتخصصة في مجال المعلوماتية الطبية في كلية الطب بجامعة كولورادو الأميركية، “بعض الجينات التي حددناها ترتبط بالمسارات الخاصة بالحواس مثل التذوق والشم واللمس، وربما تزيد أيضا من استجابة المخ تجاه الشعور بالمكافأة”.

وأضافت في تصريحات للموقع الإلكتروني “ميديكال إكسبريس”، المتخصص في الأبحاث الطبية، أنه “نظرا لأن بعض الجينات لها مسارات واضحة مرتبطة بالحواس، فإنها تؤثر على تفضيلات الطعام، ويمكن استخدامها لرسم خارطة جينية لكل شخص من أجل وضع توصيات غذائية تتناسب مع ذوقه في تناول الطعام”.

واعتمدت الدراسة على بيانات البنك الحيوي البريطاني “يو كيه بيوبانك” الذي يضم بيانات حيوية تخص نحو 500 ألف شخص، وتركزت الدراسة على تحديد الجينات التي تؤثر بشكل كبير على الوجبات الغذائية، وارتباط بعض هذه الجينات بصفات وسلوكيات معينة بما في ذلك العادات الغذائية للبشر.

وذكرت كول أن “الأغذية التي نختارها تتأثر بشكل كبير بعوامل بيئية مثل الثقافة، والوضع الاجتماعي والاقتصادي، وتوافر الغذاء، كما تلعب الجينات دورا أصغر في تحديد اختياراتنا الغذائية، ولابد من إخضاع مئات الآلاف للدراسة من أجل رصد التأثيرات الجينية على عاداتهم الغذائية”. ومن المقرر عرض نتائج هذه الدراسة خلال المؤتمر السنوي للجمعية الأميركية للغذاء “نيتريشن 2023” الذي يعقد في مدينة بوسطن الأميركية هذا الأسبوع.

جينات الأشخاص تلعب دورا كبيرا في تحديد أذواقهم وتفضيلاتهم، لكنّهم في الوقت نفسه يمتلكون القدرة الذهنية والإدراكية على تغيير تلك الأذواق في مراحل الحياة المختلفة

جنبا إلى جنب مع العوامل البيئية والجغرافية التي تؤثر على اختيارات الأشخاص الغذائية، هناك العديد من الأدلّة التي تشير إلى أنّ التركيب الجيني يؤثر على كيفية تذوّقهم للطعام. فالمذاقات الأساسية: الحلو والمالح والحامض والمرّ، تعدّ بالأساس نتيجة لتفاعل المواد الكيميائية التي تنتج هذه الأذواق مع مستقبلات معينة على ألسنتهم. وبما أنّ تلك المستقبلات تعتمد على الحمض النووي لكلّ فرد، فتتفاوت أذواقهم وتتمايز عن غيرها من الآخرين.

ففي دراستها لعلم النفس البيولوجي، حاولت مارشا بيلشات العثور على إجابة معقولة لسؤالها عن سبب تفضيل الأشخاص لأطعمة معيّنة ورفضها لأخرى، وانطلقت من دراسة تأثير جينات الأشخاص الوراثية على مذاقاتهم للأطعمة، لتتوصل فعليّا إلى أنّ هناك العديد من العوامل البيولوجية التي تسهم في إحساسهم بمذاق معيّن، مثل براعم التذوق باللسان ومكوّنات اللعاب، إضافة إلى الاختلافات الوراثية، وغيرها.

وتعتقد بيلشات في أبحاثها أنّ الجينات تشكّل ميولات الأشخاص التذوّقية في الطفولة، لهذا تجد بعض الأطفال يحبّون بعض الأطعمة فيما يبغضها آخرون. أمّا في ما يتعلّق بتغيّر أذواقهم وتفضيلاتهم الغذائية فترجع بيلشات السبب إلى استعداد الفرد للتغلّب على مكوّناته الوراثية، عوضا عن أنّ الرغبة في تجربة الجديد تزداد مع العمر، فالبالغون يتعاملون مع الأشياء الجديدة وغير المعتادة بطريقة تختلف عن الصغار.

وبكلمات أخرى، ترى بعض الأبحاث أنّ جينات الأشخاص تلعب دورا كبيرا في تحديد أذواقهم وتفضيلاتهم، لكنّهم في الوقت نفسه يمتلكون القدرة الذهنية والإدراكية على تغيير تلك الأذواق في مراحل الحياة المختلفة بفعل قدراتهم المعرفية والإدراكية بالنظر للأمور والأشياء من حولهم، بما فيها الاستعداد لتجربة الجديد أو المغامرة والتغيير.

من جهة ثانية، يعتقد بعض الباحثين أنّ الأشخاص يطوّرون بعض الصلات المبكّرة مع العديد من الأذواق في مرحلة ما قبل الولادة، فالجنين يتأثر بما تتناوله أمّه وما تفضّله ويأنف ممّا تأنف منه هي. لهذا، يعتاد الجنين الذي تأكل أمه الطعام الحارّ على هذا النوع من الطعام، فيما قد يفضّل جنين آخر الحلويات أو الموالح لتفضيل أمه لها، كما يستمرّ الأمر في مرحلة الرضاعة عن طريق حليب الأمّ الذي يستهلكه الرضيع.

16