اكتشاف جديد يرسخ مكانة الإمارات في صناعة الغاز العالمية

دخل الاقتصاد الإماراتي في أفق جديد بعد الإعلان عن اكتشاف احتياطات كبيرة للغاز في سواحل البلاد التي تشهد تحولات تنموية متسارعة رغم منغصات الأزمة الصحية، وسط ترجيح المحللين بأن تعزز هذه الخطوة مكانة البلد الخليجي في صناعة الغاز العالمية.
أبوظبي - فتح اكتشاف عملاق النفط أدنوك الخميس احتياطات كبيرة للغاز الطبيعي آفاقا اقتصادية جديدة للإمارات التي تسعى للاستفادة من هذا المورد عبر استراتيجية مدروسة يتوقع أن ترسخ مكانة البلد الخليجي الثري في هذه الصناعة مستقبلا.
وأعلنت المجموعة المملوكة لحكومة أبوظبي عن باكورة اكتشافات الغاز بمنطقة بحرية قبالة السواحل الإقليمية للإمارة تضم احتياطات تصل إلى تريليوني قدم مكعب.
وذكرت الشركة في بيان أنه “وفقا للنتائج المبدئية التي تم الحصول عليها من أول بئر استكشافية في الامتياز البحري رقم 2 تم اكتشاف موارد من الغاز في المنطقة الواقعة قبالة سواحل إمارة أبوظبي تقدّر بنحو 1.5 إلى تريليوني قدم مكعب قياسية”.
ويمثل هذا الإعلان أول اكتشاف ضمن مناطق الامتيازات البحرية التي تمت ترسيتها في إطار الجولة الأولى من المزايدة التنافسية التي أطلقتها أبوظبي لإصدار تراخيص استكشاف لمناطق جديدة في العام 2019.
وبفضل اعتماد المجلس الأعلى للبترول لاستراتيجية الشركة الشاملة للغاز، يتوقع أن تتمكن الإمارات من تحقيق الاكتفاء الذاتي من الغاز مع إمكانية التصدير في المستقبل، في تحول اعتبره محللون أنه سيعزز من مكانة أدنوك كإحدى أكبر شركات الطاقة في العالم.

وتم التوصل إلى هذه الاحتياطات بفضل المسح الجيوفيزيائي ثلاثي الأبعاد الذي تقوم أدنوك المملوكة لحكومة أبوظبي بتنفيذه حاليا في الإمارة، والذي تقول شركة النفط الإماراتية إنه يعد أكبر مشروع مسح يشمل مناطق برية وبحرية في العالم.
وأكد سلطان الجابر وزير الصناعة والتكنولوجيا المتقدمة العضو المنتدب والرئيس التنفيذي لأدنوك أن هذا الاكتشاف يأتي نتيجة لرؤية الحكومة بتحقيق أقصى قيمة ممكنة من الموارد الهيدروكربونية في إمارة أبوظبي.
ونسبت وكالة الأنباء الإماراتية الرسمية إلى الجابر قوله إن هذا الأمر “يعكس نهج الشراكات الذكية الذي اتبعته أدنوك في ترسية امتيازات المناطق البرية والبحرية وجهودها المستمرة لخلق القيمة وزيادة العائد الاقتصادي” للإمارات.
ويهدف تحول الشركة المنسجم مع رؤيتها الاستراتيجية 2030 إلى توفير فرص جديدة للاستثمارات المشتركة تشمل مجالات وجوانب ومراحل الأعمال كافة للاستفادة من فرص التكامل.
وتتشارك كل من شركتي إيني الإيطالية للطاقة وبي.تي.تي للاستكشاف والإنتاج التايلاندية مع أدنوك في هذا المشروع، الذي يتوقع أن يعزز مكانة الإمارات في سوق الغاز مع بداية عمليات الإنتاج الفعلية.
ويغطي امتياز المنطقة البحرية رقم 2 مساحة تتجاوز الأربعة آلاف كيلومتر مربع شمال غرب أبوظبي. وقد تمت ترسية هذا الامتياز في العام 2019 على تحالف تقوده إيني.
وتملك الإمارات أحد أكبر احتياطات الغاز في العالم، إذ تقدر كميات الغاز التقليدي فيها بنحو 273 تريليون قدم مكعب، والغاز غير التقليدي بنحو 160 تريليون قدم مكعبة قياسية. ما يعني أن الاحتياطيات الإجمالية ستبلغ 435 تريليون قدم مكعب.
واستنادا إلى بيانات وزارة الطاقة الأميركية فإن هذه الكمية ستنقل الإمارات من المركز السابع إلى السادس عالميا في احتياطات الغاز المؤكدة.
لكن البلد الخليجي يستورد جزءا كبيرا من احتياجاته من الغاز من جارته قطر، والتي تعتبر أحد أكبر مصدري الغاز المسال في العالم عبر خط الأنابيب دولفين، والذي يمكن أن يتوقف عن الضخ بعد تطوير الاكتشافات الجديدة.
وكانت الحكومة قد اعتبرت في شهر نوفمبر الماضي أن على صناعة النفط والغاز استثمار نحو 600 مليار دولار بحلول العام 2030 لتمويل الطلب المتزايد وكذلك عملية الانتقال إلى الطاقة النظيفة.
ولم تحدد أدنوك إطارا زمنيا لبدء إنتاج الغاز من الحقل البحري، لكن ياسر المزروعي الرئيس التنفيذي لدائرة الاستكشاف والتطوير للشركة أشار في تصريحات صحافية إلى أن هذا الكشف المهم يعكس النجاح المستمر الذي يحققه برنامجها الطموح لتطوير أعمالها.
435 تريليون قدم مكعب حجم الاحتياطات المؤكدة ما يجعل البلد السادس على مستوى العالم
وقال "تؤكد البيانات التي تم الحصول عليها أهمية المسوحات في تطوير وتوسعة أعمال أدنوك وشركائها الاستراتيجيين واستكشاف موارد هيدروكربونية جديدة في إمارة أبوظبي".
ويأتي الإنجاز في أعقاب اكتشاف ما يصل إلى مليار برميل من المكافئ النفطي في نهاية العام الماضي في امتياز المنطقة البرية 4، الذي تديره شركتا انبكسو وجودكو اليابانيتان ليؤكد مدى إصرار أدنوك على اتباع نهج يوسع نطاق شراكاتها الاستراتيجية.
وتغطي منطقة الامتياز مساحة تتجاوز الستة آلاف كيلومتر مربع وبها حقلان للنفط والغاز غير مطورين هما رمحان والحديريات. ويعد الامتياز هو الأحدث بين عدة مناطق طُرحت في أبريل 2018 في أول جولة مزايدة تنافسية تطرحها أبوظبي.
وفي فبراير 2020 شهدت صناعة الطاقة في الإمارات نقلة نوعية باكتشاف حقل للغاز يقع بين إمارتي أبوظبي ودبي تقدر احتياطاته بنحو 80 تريليون قدم مكعب. واعتبرت الحكومة أن الاكتشاف يسهم في “الاقتراب” من هدف تحقيق الاكتفاء الذاتي للبلاد.
وأبرمت أدنوك مع هيئة دبي للتجهيزات حينها اتفاقية تنص على تطوير مشروع مشترك، أطلق عليه اسم “جبل علي”، ويشمل منطقة تبلغ مساحتها 5 آلاف كيلومتر مربع وتقع بين منطقة سيح السديرة في أبوظبي وجبل علي في دبي.
ويعد المكمن المكتشف بين أبوظبي ودبي فريدا من نوعه إذ أنه يحتوي على غاز عضوي عالي الجودة وعلى عمق قليل نسبيا تحت سطح الأرض.
وقامت أدنوك بتسخير تكنولوجيا جديدة في حفر الآبار واعتماد أساليب الحفر الأفقي والتكسير الهيدروليكي تحت الأرض بهدف ضمان تحقيق أفضل إنتاجية مع خفض عدد المنصات الأرضية قدر الإمكان.
وقبل عامين من ذلك التاريخ وقعت أدنوك اتفاقية امتياز مع توتال تحصل بموجبها شركة النفط الفرنسية على حصة امتياز في حوض الذياب غير التقليدي بمنطقة الرويس لإنتاج الغاز الصخري، هي الأولى من نوعها في المنطقة.