اقتحام بن غفير للأقصى ينذر بتوسع نطاق المواجهة

القدس - تشكل زيارة وزير الأمن القومي الإسرائيلي إيتمار بن غفير -الذي ينتمي إلى اليمين المتطرف- إلى مجمع المسجد الأقصى الثلاثاء خطوة تصعيدية من شأنها أن تؤجّج التوتر بين الإسرائيليين والفلسطينيين بعد تزايد العنف في الضفة الغربية خلال العام الماضي.
ولاقت زيارة بن غفير انتقادات فلسطينية ودولية. ودعا رئيس الوزراء الفلسطيني محمد أشتية الفلسطينيين إلى “التصدي لمثل هذه الاقتحامات في المسجد الأقصى”. واتهم بن غفير بترتيب الزيارة في إطار استهداف تحويل المسجد الأقصى إلى “معبد يهودي”.
وتنفي إسرائيل وجود أي مخططات من هذا القبيل. وأيد بن غفير في السابق إنهاء الحظر الذي يمنع من زيارة اليهود لمجمع المسجد الأقصى، ولكنه بدا غير مكترث بالأمر منذ التحالف مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو. ومازال أعضاء آخرون من حزبه عوتسماه يهوديت (قوة يهودية) يؤيدون هذا المسعى.
وحذر الناطق باسم الرئاسة الفلسطينية نبيل أبوردينة من مغبة هذه الخطوة معتبرا أن “استمرار هذه الاستفزازات بحق مقدساتنا الإسلامية والمسيحية سيؤدي إلى المزيد من التوتر والعنف وتفجر الأوضاع”.
وحمّل “الحكومة الإسرائيلية المتطرفة المسؤولية عن أية نتائج أو تداعيات حيال ما تتخذه من سياسات عنصرية بحق أبناء شعبنا ومقدساته”.
ونتج انضمام بن غفير، زعيم حزب عوتسماه يهوديت، إلى ائتلاف ديني يميني تحت قيادة رئيس الوزراء نتنياهو تنامي غضب الفلسطينيين الذين يشعرون بالإحباط المستمر منذ فترة طويلة في سعيهم لإقامة دولة.
وقبل الزيارة بساعات قال مسؤولون طبيون وشهود إن القوات الإسرائيلية قتلت بالرصاص طفلا فلسطينيا خلال اشتباك في مدينة بيت لحم، وهو أحدث الوفيات في حصيلة وفيات متزايدة بالضفة الغربية. وقال الجيش الإسرائيلي إن قواته أطلقت النار على فلسطينيين ألقوا عليها عبوات ناسفة يدوية الصنع وحجارة وعبوات حارقة.
وأجرى بن غفير زيارات متكررة إلى الموقع منذ أن دخل البرلمان في أبريل 2021، وقد أعلن عزمه الذهاب إلى هناك وزيرا، وهو ما اعتبرته حركة حماس الإسلامية التي تسيطر على قطاع غزة “تمهيدا للتصعيد في المنطقة”.
وقال حازم قاسم المتحدث باسم حركة حماس، التي ترفض التعايش مع إسرائيل، إن “استمرار هذا السلوك سيقرب جميع الأطراف من اشتباك كبير”.

ويرمز الأقصى إلى هوية الفلسطينيين ومساعيهم لإقامة دولتهم، وهو هدف يبدو اليوم أصعب من أي وقت مضى عقب تولي بن غفير وحلفاء آخرين من اليمين المتطرف مناصب في حكومة نتنياهو الجديدة.
وقالت السفارة الأميركية في بيان إن توماس نيديس سفير الولايات المتحدة لدى إسرائيل “كان في غاية الوضوح أثناء محادثاته مع الحكومة الإسرائيلية حول قضية الإبقاء على الوضع الراهن في الأماكن المقدسة في القدس”، مضيفة أن “الأفعال التي تحول دون ذلك غير مقبولة”. وأدان الأردن الزيارة قائلا إنها خرق للقانون الدولي و”الوضع التاريخي والقانوني القائم في القدس”.
وأدانت أيضا مصر والإمارات العربية المتحدة، وهما من الدول العربية القليلة المعترفة بإسرائيل، الزيارة. وانتقدت المملكة العربية السعودية، التي يريد نتنياهو إبرام اتفاق سلام معها، تصرف بن غفير.
وتشمل واجبات بن غفير الوزارية الإشراف على الشرطة الإسرائيلية المكلفة رسميا بإنفاذ حظر صلاة اليهود في المجمع.
حماس تؤكد أن استمرار هذا السلوك سيقرب جميع الأطراف من اشتباك كبير
وتعتبر إسرائيل أن مدينة القدس بالكامل عاصمة لها لا يمكن تقسيمها، وهو وضع لا يحظى باعتراف دولي. ويريد الفلسطينيون اتخاذ القدس الشرقية، حيث يوجد المجمع، عاصمة لدولتهم المستقبلية التي ستضم الضفة الغربية وقطاع غزة أيضا.
وقال بن غفير على تويتر “إذا كانت حماس تظن أن بإمكانها ردعي بالتهديدات فعليها أن تفهم أن الزمن قد تغير”، مضيفا أن “هناك حكومة في القدس”. لكن نتنياهو الذي يعود الآن في ولايته السادسة كرئيس للوزراء تعهد بالإبقاء على اتفاق “الوضع القائم” الخاص بالأماكن المقدسة.
وقال رئيس الوزراء الإسرائيلي السابق يائير لابيد إن اقتحام وزير الأمن القومي إيتمار بن غفير للمسجد الأقصى، الثلاثاء، جعل إسرائيل في “خلاف” مع نصف العالم.
وذكر زعيم المعارضة في تغريدة أن إسرائيل “لا تقبل إملاءات من أحد في ما يتعلق بأمنها، لكن حتى يقضي بن غفير 13 دقيقة في الحرم القدسي وضعنا في خلاف مع نصف العالم”. وأضاف لابيد أن ذلك يمثل “عدم شعور بالمسؤولية السياسية وضعفا لا يصدق من جانب (رئيس الحكومة بنيامين) نتنياهو أمام وزرائه”.