اغتيال قاض في شيراز يكشف هشاشة الوضع الأمني في إيران

العملية تأتي بعد أشهر قليلة من حوادث مماثلة، فيما يظهر فشل تحديد الدوافع وملاحقة الجناة أن التحدي الأمني يتجاوز مجرد حوادث فردية.
الثلاثاء 2025/05/27
حوادث أمنية متكررة تثير القلق

طهران - اغتيل قاض في محكمة جنائية في مدينة شيراز في جنوب إيران صباح الثلاثاء أثناء توجهه إلى عمله، وفق ما أعلنت السلطة القضائية، وذلك في عملية تأتي بعد أشهر قليلة من حوادث مماثلة، لتثير تساؤلات جدية حول مدى استقرار الأوضاع الأمنية داخل البلاد.

وأفاد موقع "ميزان أونلاين" التابع للسلطة القضائية بحسب وكالة تسنيم الإيرانية "صباح اليوم (الثلاثاء)، هاجم شخصان القاضي إحسان باقري، رئيس الشعبة 102 للجنح (الفرع الثاني) في شيراز أثناء توجهه إلى عمله، وأقدما على تنفيذ عملية اغتيال أدّت إلى استشهاده".

وما زال المهاجمان اللذان استخدما "سلاحا أبيض" بحسب الموقع، طليقين، ولم تتضح دوافعهما على الفور.

وأشار "ميزان أونلاين" إلى أن رئيس السلطة القضائية غلام حسين محسني إجئي أصدر أوامر بإجراء تحقيقات عاجلة وموسعة لتعقّب منفّذي الجريمة وتقديمهما إلى العدالة.

وذكرت تسنيم أن إحسان باقري كان يبلغ 38 عاما وهو ينحدر من محافظة فارس ولديه خبرة قضائية تمتد على أكثر من 12 عاما.

كما وصف تقرير لوكالة أنباء الجمهورية الإسلامية الإيرانية الرسمية (إرنا) عملية القتل بأنها "عمل إرهابي"، مؤكدا أن اثنين من المهاجمين المجهولين لا يزالان طليقين.

 وعمل باقري سابقا مدعيا عاما في المحكمة الثورية، التي تنظر في قضايا الأمن وتهريب المخدرات. لم تعلن أي جهة مسؤوليتها عن الهجوم فورًا.

وهذا الاغتيال ليس الأول من نوعه الذي يستهدف مسؤولين قضائيين في إيران، مما يعمق القلق بشأن الوضع الأمني ويُظهر أن هذا النوع من الاستهداف له جذور تاريخية.

فقبل أشهر قليلة، وتحديدا في يناير الماضي، قُتل قاضيان بالرصاص في هجوم نادر الحدوث داخل المحكمة العليا؛ وهما علي رازيني، رئيس الفرع الـ39 للمحكمة العليا، ومحمد مقيسه، رئيس الفرع الـ53 فيها. كانا ينظران في قضايا حساسة تتعلق بـ"مكافحة جرائم التجسس والإرهاب وزعزعة الأمن".

وقالت السلطات وقتذاك إن تحقيقا فتح بالواقعة لكن الدافع وراءها غير واضحة.

وتزامنا مع اغتيال باقري، شهدت شيراز حادثة منفصلة مساء الاثنين، حيث قتل رجل مسلح أربعة أشخاص قبل أن تعتقله قوات الأمن، دون تقديم تفاصيل إضافية عن هذه الحادثة أو صلتها باستهداف القاضي.

وتؤكد هذه الحوادث المتكررة، وخاصة استهداف شخصيات قضائية رفيعة، على وجود تحديات أمنية جدية تواجهها السلطات الإيرانية، وتثير تساؤلات حول فعالية الإجراءات الأمنية في حماية المسؤولين وضمان استقرار البلاد.

وتاريخيا، لعب القضاة في إيران، خاصة في المحاكم الثورية بعد عام 1979، دورا محوريا وحساسا في التعامل مع قضايا أمن الدولة، ما جعلهم أهدافا محتملة لمجموعات معارضة أو متطرفة أو حتى تصفية حسابات داخلية.

والقاضي باقري نفسه، كونه عمل في المحكمة الثورية، يندرج ضمن هذه الفئة المعرضة للخطر، كما أن القضاة الذين يتولون قضايا حساسة، مثل المحتجين أو النشطاء السياسيين، قد يصبحون أهدافا للانتقام.

وتكرار هذه الحوادث، وخاصة فشل تحديد الدوافع والملاحقة السريعة للجناة في كثير من الأحيان، يزيد من الغموض ويثير التكهنات حول الجهات المسؤولة عن هذه العمليات. هذا الغموض يعزز الإحساس بـ "هشاشة الأمن"، ويُظهر أن التحدي الأمني في إيران يتجاوز مجرد حوادث فردية.

وعلى الرغم من أن الهجمات على القضاة نادرة الحدوث في إيران، شهدت البلاد عددا من حوادث إطلاق النار استهدفت شخصيات رفيعة المستوى في السنوات الأخيرة.

ففي أكتوبر، قتل رجل دين شيعي بالرصاص في مدينة كازرون في جنوب البلاد بعدما أمّ صلاة الجمعة. وفي أبريل 2023، قتل رجل الدين النافذ عباس علي سليماني بالرصاص في محافظة مازندران في شمال البلاد.

وفي أغسطس 2005 اغتال مسلحان القاضي المعروف حسن مقدس بعدما صعدا إلى سيارته في حي يشهد حركة كبيرة في طهران. وقد أعدم شنقا شخصان أدينا بقتله في مراسم علنية بعد سنتين على ذلك.