اعتقال ويليام نون يثير جدلا سياسيا في لبنان

بيروت - لا تزال عملية اعتقال المتحدث باسم عائلات ضحايا انفجار مرفأ بيروت ويليام نون لفترة قصيرة قبل إطلاق سراحه، تثير جدلا في لبنان، ما أعاد تحقيقات الانفجار المعلّقة إلى الواجهة وحوّل الحادثة إلى تراشق للاتهامات بين السياسيين.
وشارك ويليام الذي يُعرف بلسانه السليط وانتقاداته الحادة لعرقلة التحقيق ويتصدّر كافة التحركات الاحتجاجية لأهالي الضحايا، في اعتصام أمام قصر العدل، طالب بإعادة إطلاق التحقيقات في قضية انفجار المرفأ. وظهر على شاشات التلفزة وهو يرمي حجارة على نوافذ عدد من مكاتب قصر العدل.
وجاء إطلاق سراحه بعد اعتصام مفتوح نفذه العشرات من أهالي ضحايا الانفجار بمشاركة نواب وناشطين أمام مقر المديرية في بيروت، في وقت لا تزال التحقيقات معلّقة منذ نهاية 2021، جراء تدخلات سياسية ودعاوى رفعها تباعا مدعى عليهم بينهم نواب حاليون ووزراء سابقون لكفّ يد المحقق العدلي القاضي طارق بيطار.
وقال النائب ملحم خلف “ميزان العدالة معطل ويستقوي على الضعيف”، مضيفا “ليتهم ينفّذون بالحماسة ذاتها كافة المذكرات الصادرة عن المحقق العدلي في جريمة المرفأ”.
ووجّه النّائب أشرف ريفي، في تصريح عبر مواقع التّواصل الاجتماعي، التحيّة إلى “المناضل ويليام، الذي كسر شوكة الدّولة الأمنيّة، وأصبح رمزا لقدرة اللبنانيّين متى تضامنوا على تأديب المنظومة”، مشيرا “إنّنا نتضامن وسنناضل مع كلّ المظلومين، ومنهم عرب خلدة الذين يتمّ التّنكيل بهم من الدّولة الأمنيّة بتحريض من الدّويلة”. وأكّد أنّه “لن يموت حقّ وراءه مُطالب”.
وشدد البطريرك الماروني مار بشارة بطرس الراعي الأحد على أنّ توقيف ويليام “يبيّن أن القضاء أصبح وسيلة للانتقام والحقد، وأن الأجهزة الأمنية تلبس لباس الممارسة البوليسية، وليبين هذا الأمر فلتان القضاء، حيث يحلو لأي قاض توقيف أي شخص دون التفكير بالعدالة”، متسائلا “ألا يخجلون من أنفسهم الذين أمروا باعتقال هذا الشاب المناضل ومداهمة منزله وسجنه غير مبالين بردات الفعل”.
والتحقيق معلّق منذ أكثر من عام في الانفجار الذي نجم وفق السلطات عن تخزين كميات ضخمة من نيترات الأمونيوم داخل المرفأ من دون إجراءات وقاية، إثر اندلاع حريق لم تُعرف أسبابه. وتبيّن لاحقا أن مسؤولين على مستويات عدة كانوا على دراية بمخاطر تخزين المادة ولم يحركوا ساكنا.
وبعد نحو خمسة أشهر من تسلّمه الملف إثر تنحّي قاض سابق بسبب ضغوط سياسية، أعلن القاضي بيطار عزمه استجواب مسؤولين سياسيين بينهم رئيس حكومة سابق ونواب مدعى عليهم طلب من البرلمان رفع الحصانة عنهم. كما طلب منحه الإذن لملاحقة مسؤولين أمنيين بينهم مدير جهاز أمن الدولة طوني صليبا وادعى على مسؤولين عسكريين سابقين.
لكنه اصطدم بتدخلات سياسية حالت دون إتمام عمله، مع اعتراض قوى رئيسية أبرزها حزب الله، اللاعب السياسي والعسكري الأبرز في لبنان، على عمله واتهامه بـ”تسييس” الملف، وصولا إلى المطالبة بتنحيه.
وغرّدت نائبة المدير الإقليمي لمنظمة العفو الدولية في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا آية مجذوب السبت “يظهر اعتقال ويليام بوضوح أن القضاء اللبناني يهتم بحماية من هم في السلطة والمسؤولين عن انفجار مرفأ بيروت أكثر من اهتمامه بحماية المصلحة العامة”. وتابعت “نظامنا القضائي ليس مستقلا. إنه أداة للطبقة السياسية”.
ويؤجج تعليق التحقيق والتدخلات السياسية المتكررة في بلد تسود فيه ثقافة الإفلات من العقاب غضب أهالي الضحايا ومنظمات حقوقية تطالب الأمم المتحدة بإرسال بعثة تقصي حقائق مستقلة، أمام تعثّر التحقيق المحلي.
ويزور قاضي تحقيق فرنسي في الثالث والعشرين من الشهر الحالي بيروت للاستفسار عن معلومات طلبها القضاء الفرنسي حول انفجار مرفأ بيروت ولم يحصل على أجوبة بشأنها.
وقالت ريتا حتّي التي خسرت ابنها وزوج ابنتها وقريبها، والثلاثة من عناصر فوج الإطفاء، “القضاء اليوم أمام الامتحان الأخير.. فإما أن ينتفض ويقول كلمته بتجرّد من أي ضغط سياسي أو تكون نهايته”.