اعتزام أردوغان إبرام صفقة مع الأسد يثير مخاوف السوريين في تركيا

الهواجس تطال السوريين الحاملين للجنسية التركية.
الثلاثاء 2024/07/09
تائهة بين حسابات الساسة

يراقب السوريون المقيمون في تركيا بقلق بالغ التحولات الجارية في مسار العلاقات بين أنقرة ودمشق، وما يمكن أن تفضي إليه من تداعيات مستقبلية على وجودهم في البلاد، لاسيما مع تنامي موجة الرفض الشعبي في تركيا لهم.

دمشق – أثار القرار المفاجئ للرئيس التركي رجب طيب أردوغان دعوة نظيره السوري بشار الأسد إلى إجراء محادثات مخاوف السوريين في تركيا من إعادتهم إلى بلادهم، وذلك بعد أسبوع من موجة عنف ضد المهاجرين أصابتهم بالفعل بحالة من الذعر.

وقطعت أنقرة العلاقات مع دمشق في عام 2011 بعد بدء الحرب الأهلية في سوريا، وقدمت قوات تركية الدعم للمعارضة المسلحة السورية في الشمال. لكن أردوغان شدد في الأسبوعين الماضيين على ضرورة المصالحة مع دمشق.

ونُقل عن أردوغان قوله الأحد إنه سيدعو الأسد “في أي وقت” للعمل على العودة إلى العلاقات السابقة مع سوريا، والتي انقطعت بسبب الحرب التي استقطبت الولايات المتحدة وروسيا وتركيا والعديد من الفصائل المسلحة.

سمير العبدالله: هناك من السوريين من يخشى تجريده من جنسيته التركية
سمير العبدالله: هناك من السوريين من يخشى تجريده من جنسيته التركية

وقال سمير العبدالله من مركز هارمون للدراسات المعاصرة في إسطنبول “هناك مخاوف من أن يبرم أردوغان صفقة مع الأسد ويعيد السوريين” إلى المناطق التي تسيطر عليها دمشق في البلاد.

وفي إشارة إلى بعض المهاجرين السوريين، قال العبدالله إن “هناك أيضا من يخشون من تجريدهم من جنسيتهم التركية”. وفوجئ السوريون المقيمون في تركيا، الخميس الماضي، بتسريب الملايين من بياناتهم الشخصية عبر مجموعة في تطبيق “تلغرام” تحمل اسم “انتفاضة تركيا”.

وأكد عدد من اللاجئين صحة البيانات المسربة، إذ إنها تشمل رقم القيد الخاص بهم مع اسم الأب والأم والحي الذي يقيمون فيه، مبدين مخاوف من المخاطر التي قد تترتب على ذلك.

وخرجت ثلاث روايات رسمية بشأن قضية التسريب، كان آخرها لوزير الداخلية علي يرلي كايا، حيث قال الجمعة من ولاية قيصري إن الحسابات التي نشرت المعلومات “هي ذاتها التي أطلقت دعوات لإثارة أعمال الشغب”.

وأضاف أن خبراء الداخلية “قاموا بمراجعة البيانات التي تمت مشاركتها على وسائل التواصل الاجتماعي منذ الخميس وحتى صباح الجمعة”، وأوضح أنه وفقا للنتائج الأولية “فإن معلومات الهوية المشتركة هي بيانات قبل 8 سبتمبر 2022”.

وأشار يرلي كايا في ذات السياق إلى أن “البيانات الحالية التي أعدتها مديرية إدارة الهجرة لدينا وبعد التاريخ المذكور، ليست مدرجة”. وتابع “لقد قمنا بتعيين مفتشين مدنيين لهذه المسألة، وبالإضافة إلى ذلك، تقدم مديرية إدارة الهجرة لدينا شكوى جنائية إلى مكتب المدعي العام”.

وجاء حديث يرلي كايا بعد ساعات قليلة من بيان نشرته إدارة الهجرة التركية، شككت فيه في البيانات المسربة حيث قالت إنها “غير متطابقة مع المعلومات الحالية الموجودة لديها”. وقالت الداخلية التركية إنها فتحت تحقيقا واسع النطاق لتحديد السنوات التي تعود إليها البيانات، ومن أي مصدر وفي أي تاريخ تم الحصول عليها.

وقبل ذلك نسبت تسريب البيانات إلى قاصر لا يتجاوز الرابعة عشرة من العمر، في رواية لم تقنع السوريين، الذين يخشون من توظيفهم في أعمال إجرامية قد تودي إلى ترحيلهم لسوريا. وتستضيف تركيا لاجئين أكثر من أي دولة أخرى ويبلغ عدد السوريين الذين هاجروا إليها بسبب الحرب نحو ثلاثة ملايين شخص.

وأثار عدد الوافدين السوريين قلق الأتراك، الذين يتساءلون عما إذا كانوا سيعودون في أي وقت إلى ديارهم، مما دفع أردوغان إلى التعهد بإجراء محادثات وبعودة طوعية “مشرفة” لمعظمهم في نهاية المطاف.

السوريون المقيمون في تركيا فوجئوا بتسريب الملايين من بياناتهم الشخصية عبر مجموعة في تطبيق "تلغرام" تحمل اسم "انتفاضة تركيا"

وقال أحمد (19 عاما)، وهو طالب سوري في منطقة أيوب سلطان بإسطنبول رفض ذكر اسمه بالكامل لأسباب أمنية، إن عائلته تفكر في بيع ممتلكاتها في تركيا بسبب الاضطرابات المناهضة للمهاجرين. وأضاف “إنهم خائفون رغم أنهم يحملون الجنسية التركية”.

وقال سكان في منطقة سلطان بيلي المكتظة بالسكان في إسطنبول، والتي تؤوي العديد من اللاجئين السوريين، إن مهاجمين حطموا واجهات محل حلاقة سوري ورددوا شعارات مناهضة للمهاجرين.

وذكرت أم سورية أن ابنها البالغ من العمر ثماني سنوات “يريد الآن البقاء في المنزل لأنه يعتقد أن الناس قد يؤذوننا”. وشدد أردوغان على أن النظام العام في البلاد خط أحمر.

وتقول سوريا إنه لن يحدث أي تطبيع للعلاقات مع تركيا إلا بعد موافقة أنقرة على سحب الآلاف من القوات من المناطق التي تسيطر عليها المعارضة المسلحة، وهو شرط مسبق وصفته أنقرة بأنه غير مقبول وأشارت إلى مخاوف أمنية من المسلحين الأكراد السوريين. وأفادت الشبكة السورية لحقوق الإنسان، التي تتخذ من بريطانيا مقرا، الجمعة بأن الوضع في سوريا ليس آمنا بما يسمح بعودة الملايين من اللاجئين من تركيا.

وفي الأسبوع الماضي، قال أردوغان إن 670 ألف شخص عادوا إلى تجمعات سكنية في شمال سوريا ومن المتوقع عودة مليون شخص آخر. وكان الرئيس التركي قد شدد إلى حد ما موقفه تجاه المهاجرين قبل الانتخابات الرئاسية العام الماضي.

2