اشتروا وردة للروح

حين مثل محمد عبدالوهاب فيلمه "الوردة البيضاء" عام 1932 كان قد سجل سبقا في مجال الأغاني التي تضع الورد على طاولة العواطف.
السبت 2023/12/09
يبقى الورد جميل.. جميل الورد

اشتهر الشاعر أبوتمام ببيته الغزلي الجارح "نقل فؤادك حيث شئت من الهوى/ ما الحب إلا للحبيب الأول"، غير أن هناك واحدا من أبياته لا يقل أهمية عن ذلك البيت، هو "قتل الورد نفسه حسدا منك/ وألقى دماه في وجنتيك". ذلك كما أظن هو الورد الجوري أو ما اصطُلح عليه عالميا بـ"الورد الدمشقي". وهو نوع عطري من الورود يمتاز برائحته النفاذة القوية ويستعمل في تركيب العطور النفيسة. وغالبا ما يكون أحمر اللون.

وقد يكون هو ورد الورود الذي قصده رضا علي حين غنى "يا ورد الورود يا ورد/ يا حلو الخدود يا ورد/ ريحتك فاحت ورد/ والناس صاحت ورد/ يا ورد يا ورد كلك ورد يا ورد"، مزج رضا علي بين الحبيبة والورد مثلما فعل أبو تمام. ومن الظريف أن يقف حضيري أبوعزيز ومحمد عبدالوهاب في السوق نفسه وهما يتأملان الورد. يقول أبوعزيز "عمي يا بياع الورد قل لي الورد بيش قل لي"، فيما يقول عبدالوهاب "يا ورد مين يشتريك وللحبيب يهديك". وفي السياق نفسه نسمع ليلى مراد وهي تقول "مين يشتري الورد مني/ وأنا بنادي وأغني". ولم يكن الورد خياليا كما هو الحال لدى فريد الأطرش "يا زهرة في خيالي/ جنت عليها الليالي".

حين مثل محمد عبدالوهاب فيلمه "الوردة البيضاء" عام 1932 كان قد سجل سبقا في مجال الأغاني التي تضع الورد على طاولة العواطف. فإضافة إلى "يا وردة الحب الصافي" يقول "علشان الشوك اللي في الورد أحب الورد/ واستنى جرحه وتعذيبه"، وقبل أن يصرخ عبدالحليم حافظ "رميت الورد طفيت الشمع يا حبيبي" كان قد غنى "فوق الشوك مشاني زماني/ قال لي تعال نروح للحب/ بعد سنين قال لي ارجع تاني/ حتى اشكي مجروح القلب". وإذا كانت الحكمة تقول "إذا كان معك قرشان فاشتر بواحد رغيفا للبطن وبالآخر وردة للروح" فإن أسمهان كانت قد غنت "يا بدع الورد يا جمال الورد/ من سحر الوصف قالوه ع الخد/ الورد الورد يا جمالو"، وهي هنا تُعيدنا إلى ما اكتشفه أبو تمام حين أشار إلى علاقة الورد بالخدود.

وكان كارم محمود قد اختار ورق الورد لكتابة رسائله إلى محبوبته "على ورق الورد حكتبلوا/ اكتبلوا وأعيد/ واشرحلو الود اشرحلو/ على ورق الورد". هناك مثل شعبي يقول "لأجل الورد ينسقى العليق"، و"أنا وحبيبي بجنينه/ والورد مزين علينه" على حد قول صباح فخري. أما فيروز فإنها صنعت جنة عنوانها الورد "درج الورد مدخل بيتنا/ درج الورد جنة حمانا" ويبقى "الورد جميل/ جميل الورد".

18