اشتباكات طرابلس تُفقد الدبيبة ورقة تثبيت الاستقرار

التوتر الأمني يتزامن مع مساع داخلية وخارجية لإزاحة الدبيبة.
الأربعاء 2023/08/16
نهاية الهدوء الذي "اشتراه" الدبيبة

طرابلس- أفقدت الاشتباكات التي شهدتها العاصمة الليبية طرابلس، ليلة الاثنين – الثلاثاء واستمرت حتى الثلاثاء، رئيس حكومة الوحدة الوطنية عبدالحميد الدبيبة ورقة الاستقرار. وهي إحدى أهم الأوراق التي ظل يحتفظ بها منذ وصوله إلى السلطة عام 2021.

وتعد هذه الاشتباكات الأولى بين ميليشيات موالية للدبيبة والأعنف؛ إذْ سبق أن اندلعت اشتباكات بين قوات موالية للحكومة وأخرى تسعى لتسهيل دخول حكومة فتحي باشاغا، التي كُلّفت من قِبل البرلمان، إلى طرابلس العام الماضي. ورغم أن تلك الاشتباكات قد اندلعت ثلاث مرات في فترات متقطعة فإنها لم تكن بحدة المعارك الأخيرة.

وسجلت طرابلس والمنطقة الغربية بشكل عام في عهد الدبيبة استقرارا أمنيا؛ حيث تراجعت حروب النفوذ بين المجموعات المسلحة، كما تراجعت معدلات جرائم الخطف للفدية التي انتشرت على نطاق واسع في الغرب خلال عهد رئيس الحكومة السابق فايز السراج.

◙ طرابلس سجلت في عهد الدبيبة استقرارا أمنيّا، وتراجعت فيها حروب النفوذ بين الميليشيات وجرائم الخطف

ويأتي هذا التوتر الأمني متزامنا مع المساعي الحثيثة الداخلية والخارجية لإزاحة الدبيبة وتشكيل حكومة جديدة.

ومؤخرا انضمت بريطانيا إلى الأصوات الداعية لتغيير حكومة الدبيبة وسط أنباء عن تفاهمات أميركية – إيطالية لإزاحته، في حين يظل موقف تركيا التي تسيطر على المنطقة الغربية غامضا.

وبدأت الاشتباكات بعد أن قبضت قوة الردع السلفية التابعة للمجلس الرئاسي على آمر اللواء 444 محمود حمزة، قبل أن تطلق سراحه مساء الثلاثاء.

واللواء 444 قوة عسكرية حديثة التشكيل نسبيا وتابعة لوزارة الدفاع التي يتولاها الدبيبة، ويعد مقاتلوها بالآلاف وينتشرون في العاصمة وبعض المدن الأخرى كترهونة وبني وليد. وكان اللواء محسوبا على تركيا التي شاركت في تدريبه.

وقال مصدر في اللواء 444 إن قوة الردع الخاصة، التي تسيطر على مطار معيتيقة في العاصمة، ألقت القبض الاثنين على قائد اللواء أثناء محاولته السفر.

ولئن لم يُعلن رسميا عن سبب اعتقال قوة الردع لحمزة فإن مواقع محلية قالت إن الاعتقال تم بقرار من المدعي العام العسكري بعد ورود أنباء تفيد بتخطيطه لتنفيذ انقلاب ضد الدبيبة بالتعاون مع قائد الجيش المشير خليفة حفتر.

◙ اعتقال محمود حمزة تم بقرار من المدعي العام العسكري بعد ورود أنباء تفيد بتخطيطه لتنفيذ انقلاب ضد الدبيبة
اعتقال محمود حمزة تم بقرار من المدعي العام العسكري بعد ورود أنباء تفيد بتخطيطه لتنفيذ انقلاب ضد الدبيبة

وقوة الردع الخاصة هي أحد الفصائل المسلحة الرئيسية في طرابلس منذ سنوات، وتسيطر على منطقة معيتيقة والمنطقة الساحلية المحيطة بها، ومن ضمْن ذلك جزء من الطريق الرئيسي الذي يؤدي إلى الشرق.

ويسيطر اللواء 444 على قطاعات كبيرة من العاصمة ومناطق في جنوب طرابلس. ولعب حمزة، وهو ضابط سابق في قوة الردع، دورا رئيسيا في التوسط لإنهاء التوتر بين فصائل مسلحة أخرى.

ونشر جهاز دعم الاستقرار بقيادة عبدالغني الككلي مقاتلين ومركبات في الشوارع ضمن مناطق يسيطر عليها لكنه لم يشارك في الاشتباكات، في حين أشارت تقارير إلى أن قوة جهاز دعم الاستقرار وسيط محايد سيتسلم حمزة من قوة الردع.

ونقل موقع بوابة الوسط عن مصدر مقرب من المجلس الرئاسي في طرابلس قوله إن رئيس المجلس محمد المنفي قدم مبادرة من ثلاث خطوات لاحتواء الوضع المتوتر جراء واقعة احتجاز آمر اللواء 444 خلال وجوده في مطار معيتيقة والتداعيات الأمنية التي أعقبتها.

وأوضح المصدر، الذي لم يذكره الموقع، أن الخطوة الأولى من المبادرة تقوم على ضمان أعيان وقيادات منطقة سوق الجمعة الاجتماعية تسليم العقيد محمود حمزة إلى رئيس الأركان في حكومة الوحدة الوطنية، محمد الحداد، داخل نطاق قاعدة معيتيقة ضمن تدابير تتعلق ببناء الثقة بين الأطراف المختلفة.

وتنص الخطوة الثانية على أن يجري نقل حمزة بتأمين من رئاسة الأركان، مع بقائه تحت طائلة الإيقاف المؤقت، فيما نصت الخطوة الثالثة على انتظار انتهاء أعمال لجنة التحقيق المشكلة لهذا الغرض، وتسوية موضوع أوامر القبض السابقة الصادرة عن المدعي العام في حق العقيد محمود حمزة.

واندلعت الاشتباكات مساء الاثنين، وقال أحد سكان منطقة طريق الشوك في جنوب طرابلس إنه سمع أصوات القتال عندما خلد إلى النوم على الساعة الواحدة والنصف بعد منتصف الليل بالتوقيت المحلي، وسمعه بقوة أكبر عندما استيقظ في الساعة السابعة والنصف صباحا.

وأضاف “نسمع إطلاق نار كثيفا منذ الصباح الباكر. تعيش عائلتي في منطقة خلة الفرجان على بعد حوالي سبعة كيلومترات وهي تسمع صوت الاشتباكات أيضا”.

وبحسب سكان فإن بعض المعارك اندلعت حول مطار معيتيقة واستمرت هناك حتى صباح الثلاثاء. وذكرت مصادر في شركات للطيران ومطار معيتيقة أن السلطات حولت مسار الرحلات من وإلى المطار إلى مدينة مصراتة الواقعة على بعد 180 كيلومترا شرقي طرابلس.

وقال مسؤول في وزارة الدفاع التركية بعد ظهر الثلاثاء إن الوضع الأمني استتبّ في طرابلس ولا مشكلات فيما يتعلق بأمن القوات التركية. ويقول دبلوماسيون إن في معيتيقة قوات عسكرية تركية.

وأكد شهود أن صوت الاشتباكات أصبح مسموعا بوضوح بعد ظهر الثلاثاء في بعض الأحياء وسط طرابلس، التي كانت أكثر هدوءا خلال الليل والصباح، مع سماع صوت انفجار قوي وتبادل لإطلاق النار.

1