اشتباكات جديدة في عين الحلوة: لا أحد يقترب من الحل

تواصل الاشتباكات في مخيم عين الحلوة في ظل غياب الجيش اللبناني والسلطة الفلسطينية اللذين لا يملكان الحل.
الأحد 2023/09/10
اشتباكات متجددة رغم اتفاقات التهدئة

صيدا (لبنان)- دعت قيادة الجيش اللبناني، السبت، جميع الأطراف المعنيين في مخيم عين الحلوة للاجئين الفلسطينيين جنوب لبنان إلى وقف إطلاق النار حفاظًا على مصلحة أبنائهم وقضيتهم، معلنة العمل على اتخاذ التدابير المناسبة والاتصالات اللازمة لوقف الاشتباكات في المخيم.

يأتي هذا في وقت أطلق فيه الرئيس الفلسطيني محمود عباس تصريحات شبيهة بهذه تحث على وقف الفوضى، في وقت يتساءل فيه مراقبون عن الجهة التي تمتلك مفتاح الحل، أو التأثير في وقف جدي للمعارك إذا كان الجيش اللبناني والسلطة الفلسطينية لا تأثير لهما.

ويرى المراقبون أن الحل بيد حزب الله والحركات الفلسطينية المؤثرة في المخيم، وخاصة حركة حماس التي طورت علاقاتها في الأشهر الأخيرة مع الحزب ومع إيران.

وقالت قيادة الجيش اللبناني في بيان صحفي، إنه “على إثر تجدد الاشتباكات المسلحة داخل مخيم عين الحلوة – صيدا، تعمل قيادة الجيش على اتخاذ التدابير المناسبة والقيام بالاتصالات اللازمة لوقف هذه الاشتباكات التي تُعرّض حياة المواطنين الأبرياء للخطر”.

وأعلنت قيادة الجيش أنها “تدعو جميع الأطراف المعنيين في المخيم إلى وقف إطلاق النار حفاظًا على مصلحة أبنائهم وقضيتهم، وصونًا لأرواح السكان في المناطق المجاورة”.

ودعت قيادة الجيش “جميع المواطنين إلى توخي الحيطة والحذر في المناطق المحيطة بالمخيم وعدم الاقتراب من أماكن الاشتباكات، والتقيّد بالإجراءات التي تتخذها الوحدات العسكرية المنتشرة في المنطقة حفاظًا على سلامتهم”.

وقبل ذلك، شدّد رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي في اتصال مع الرئيس الفلسطيني على أولوية وقف الأعمال العسكرية في مخيم عين الحلوة جنوب لبنان، معتبراً أن ما يحصل لا يخدم على الإطلاق القضية الفلسطينية.

وأجرى ميقاتي “اتصالاً بالرئيس الفلسطيني وتشاور معه حول التطورات الحاصلة في مخيم عين الحلوة”، بحسب بيان صادر عن مكتب ميقاتي.

وشدد رئيس الحكومة اللبنانية “في الاتصال على أولوية وقف الأعمال العسكرية والتعاون مع الأجهزة الأمنية اللبنانية لمعالجة التوترات القائمة”.

من جهته، صرح الرئيس الفلسطيني بأنه أصدر تعليمات مشددة بضرورة تحقيق تهدئة كاملة وشاملة في مخيم عين الحلوة للاجئين الفلسطينيين في لبنان. وأكد ضرورة التزام الأطراف كافة بتحقيق التهدئة.

وبحسب البيان، جدد عباس “حرصه على تحقيق هذه التهدئة، وأن تتم معالجة الأمور وفق القانون اللبناني، وبالتنسيق مع الدولة اللبنانية”.

وقتل شخصان السبت في اشتباكات جديدة في مخيم عين الحلوة للاجئين الفلسطينيين في جنوب لبنان، وفق ما أفادت الوكالة الوطنية للإعلام الرسمية.

وتدور اشتباكات منذ مساء الخميس بين حركة فتح ومجموعات إسلامية متشددة في هذا المخيم القريب من مدينة صيدا. وقتل 13 شخصا خلال اشتباكات مماثلة بدأت في 29 يوليو واستمرت خمسة أيام.

وبعد ليلة هادئة نسبيا، تجددت الاشتباكات السبت وأسفرت عن مقتل شخص وإصابة سبعة آخرين بجروح داخل المخيم، وفق ما أفادت الوكالة الوطنية للإعلام.

◙ الحل بيد حزب الله والحركات المؤثرة في المخيم، وخاصة حماس التي طورت علاقاتها مع الحزب ومع إيران

وأوضحت أن “حدة الاشتباكات تصاعدت في مخيم عين الحلوة ظهراً في غرب المخيم، وسرعان ما امتدت إلى المحاور التقليدية في البركسات والطوارئ والبستان اليهودي، واستخدم خلالها طرفا النزاع، حركة فتح والمجموعات المتشددة، الأسلحة الرشاشة والقذائف الصاروخية وأسلحة القنص التي طالت أماكن بعيدة عن محاور القتال وصولا إلى مدينة صيدا، حيث أصيبت سيارة بشظايا صاروخية عند الطرف الجنوبي الغربي للمدينة وسقط جريح، فيما سجل مقتل شادي عيسى في حي حطين وجرح 7 آخرين”.

وأضافت أن “الرصاص الطائش طال حسبة صيدا غرب المخيم، حيث أصيب عامل مصري برصاصة في رجله عملت سيارة إسعاف على نقله إلى المستشفى للمعالجة، في حين أصيب إثنان وقتل آخر برصاصة طائشة في منطقة الغازية، ونقلت جثته إلى مستشفى الراعي في صيدا”.

ونقل مستشفى حكومي مجاور للمخيم جميع مرضاه إلى مؤسسات أخرى بسبب الخطر، على ما قال مديره أحمد الصمدي.

ومخيّم عين الحلوة هو أكبر مخيمات اللاجئين الفلسطينيين في لبنان. ويُعرف بإيوائه مجموعات إسلامية متشددة وخارجين عن القانون. ويقطن فيه أكثر من 54 ألف لاجئ فلسطيني مسجلين لدى الأمم المتحدة، انضم إليهم خلال الأعوام الماضية الآلاف من الفلسطينيين الفارين من النزاع في سوريا.

وغالباً ما يشهد المخيم عمليات اغتيال وأحيانا اشتباكات خصوصاً بين الفصائل الفلسطينية ومجموعات إسلامية متشددة.

وفي 29 يوليو، اندلعت في المخيم اشتباكات عنيفة استمرت خمسة أيام بين حركة فتح ومجموعات إسلامية متشددة. وأودى التصعيد بحياة 13 شخصاً، غالبيتهم مقاتلون وبينهم قيادي في فتح قتل في كمين.

بعد ذلك، عاد الهدوء إلى المخيم إثر سلسلة اتصالات بين فصائل فلسطينية ومسؤولين وأحزاب لبنانية، وتم الاتفاق على ضرورة تسليم المشتبه بهم في اغتيال القيادي في فتح ومقتل آخر ينتمي إلى المجموعات الإسلامية اعتبر مقتله شرارة لاندلاع الاشتباكات.

حسين خريس: هناك موزاييكًا معقدا للجماعات الإسلامية داخل المخيم ولا تخضع جميعها لنفس القيادة ولا تتفق مع بعضها على قرارات موحدة
حسين خريس: هناك موزاييكًا معقدا للجماعات الإسلامية داخل المخيم ولا تخضع جميعها لنفس القيادة ولا تتفق مع بعضها على قرارات موحدة

ولا يدخل الجيش أو القوى الأمنية اللبنانية إلى المخيمات بموجب اتفاقات ضمنية سابقة، تاركين مهمة حفظ الأمن فيها للفلسطينيين أنفسهم داخلها، لكن الجيش اللبناني يفرض إجراءات مشددة حولها.

ويقول حسين خريس الصحافي اللبناني المتخصص بشؤون التنظيمات الإسلامية، إن هناك “موزاييكًا (تشكيلة مختلفة) معقدا للجماعات الإسلامية داخل المخيم ولا تخضع جميعها لنفس القيادة ولا تتفق مع بعضها على قرارات موحدة”.

ولفت خريس إلى أن الاشتباكات الأخيرة “وقعت بين مقاتلين من حركة فتح وآخرين تابعين لحركة الشباب المسلم، وهي عبارة عن مجموعات مسلحة كانت تسمى سابقا جند الشام وكانت توالي تنظيم القاعدة”.

وأضاف “فضلا عن الجهتين المتقاتلتين، يضم المخيم تنظيم عصبة الأنصار الإسلامية، والحركة الإسلامية المجاهدة، وحركة حماس، إضافة إلى حركتي أنصار الله والجهاد الإسلامي المواليتين لإيران”.

وأشار الصحافي اللبناني إلى أن “عصبة الأنصار التي تعد من أقوى الفصائل المسلحة في المخيم سبق أن أبرمت ربط نزاع مع حزب الله قبل سنوات، في حين أن الحركة الإسلامية تمثل مختلف القوى الإسلامية أمام الدولة اللبنانية”.

ورأى خريس أن “في الظاهر فإن المعركة اندلعت عقب إطلاق نار استهدف أحد الأشخاص المحسوبين على المجموعات الإسلامية، أما في الكواليس فإن إسرائيل طلبت من المخابرات الفلسطينية كبح نشاط حركتي حماس والجهاد في المخيم”.

ويحظى مخيم عين الحلوة بأهمية إستراتيجية بسبب موقعه الجغرافي بمدينة صيدا بوابة الجنوب اللبناني، ومعروف أن لحزب الله نفوذا قويا في الجنوب بما يمتلكه من ترسانة أسلحة وصواريخ.

ويبلغ إجمالي عدد اللاجئين الفلسطينيين في لبنان نحو 200 ألف يتوزعون على 12 مخيما يخضع معظمها لنفوذ الفصائل الفلسطينية، إلا أن معظم تلك المخيمات باتت تضم في السنوات الأخيرة لاجئين سوريين أيضا.

6