استياء تركي من دعم فرنسا للأكراد: التعامل مع واشنطن فقط

فيدان يؤكد أن أنقرة ستمنح الإدارة السورية الجديدة فرصة لحل مسألة وجود المسلحين الأكراد في البلاد قبل أن تدخل.
الجمعة 2025/01/10
أنقرة تقيّم في الوقت الراهن وجودها في سوريا

إسطنبول – رأى وزير الخارجية التركي هاكان فيدان خلال مؤتمر صحافي الجمعة في اسطنبول أن فرنسا لا تأخذ بالاعتبار أمن تركيا بشأن قضية الجهاديين الأجانب في سوريا، مبديا استياءه من دعم باريس للأكراد وأن أي حديث بشأنهم سيكون مع واشنطن.

وانتقد فيدان فرنسا بشكل لاذع وأكد أن واشنطن تشكل المحاور الوحيد لبلاده بشأن التطورات في شمال شرق سوريا وأوضح "الولايات المتحدة هي محاورنا الوحيد… بصراحة لا نولي اعتبارا لدول تحاول أن تخدم مصالحها الخاصة في سوريا من خلال التلطي وراء قوة الولايات المتحدة" في تلميح واضح إلى فرنسا.

وردا على سؤال حول سياسة فرنسا بشأن الجهاديين المعتقلين في سوريا، قال فيدان "لديهم سياسة لا تقوم على إعادة السجناء من أعضاء تنظيم الدولة الإسلامية إلى بلدهم. لا يأبهون لأمننا. (..) يعطون الأولوية دائما لمطالبهم الخاصة" مشددا على أن باريس "يجب أن تستعيد مواطنيها وتضعهم في سجونها وتحاكمهم".

ولفت فيدان إلى أن باريس تعتمد في احتجاز الجهاديين الفرنسيين على قوات سوريا الديموقراطية (قسد) المدعومة من واشنطن والتي تشكل وحدات حماية الشعب الكردية عمودها الفقري.

وتصنّف أنقرة وحدات حماية الشعب الكردية مجموعة "إرهابية" وتعتبرها امتدادا لحزب العمال الكردستاني الذي يخوض تمردا مسلّحا ضدّ القوات التركية منذ عقود.

 ورد فيدان على سؤال حول دعوة القوات الكردية إلى نشر قوات فرنسية في شمال شرق سوريا قائلا إن الولايات المتحدة هي الجهة الوحيدة التي تتحدث معها أنقرة بشأن شمال شرق سوريا، حيث تهدد تركيا بشن عملية عسكرية ضد المقاتلين الأكراد.

وكانت الإدارة الكردية قد تحدثت عن محادثات لتأمين حدود شمال سوريا من قوات أميركية وفرنسية. مشيرة إلى أنها تطلب من فرنسا مساعدتها على إقامة علاقة جيدة مع تركيا في إطار جهود رامية تهدف إلى نزع فتيل صراع بين تركيا وقوات كردية سورية مدعومة من الغرب.

وأضافت الإدارة الذاتية أنها مستعدة لتولي التحالف الأميركي الفرنسي مسؤولية تأمين حدود سوريا الشمالية، وفق ما نقلت قناة "تي.في 5 موند".

وقال فيدان "بصراحة نحن لا نولي اعتبارا للدول التي تحاول أن تخدم مصالحها الخاصة في سوريا من خلال التلطي وراء قوة أميركا… محاورنا في هذه القضية هو أميركا. نحن نتحدث مع أميركا وليس مع الدول التي تختبئ وراءها".

وأثارت الإطاحة بالرئيس السوري بشار الأسد الشهر الماضي احتمال تدخل تركي مباشر في سوريا ضد المقاتلين الأكراد.

وصرح فيدان الجمعة إنه ينبغي منح الإدارة السورية الجديدة فرصة لحل مسألة وجود المسلحين الأكراد في البلاد، لكنه أكد أن أنقرة ستتخذ إجراءات ضدهم إذا لم يحدث ذلك.

وأضاف فيدان أن من الخطأ تصنيف معركة بلاده ضد المسلحين الأكراد على أنها معركة ضد الأكراد، مشيرا إلى أن أنقرة تقيّم في الوقت الراهن وجودها في سوريا في ضوء الوضع الجديد هناك.

وتعتبر تركيا وحدات حماية الشعب، التي تقود قوات سوريا الديمقراطية المتحالفة مع الولايات المتحدة، جماعة إرهابية مرتبطة بمسلحي حزب العمال الكردستاني الذين يخوضون تمردا ضد الدولة التركية منذ 40 عاما.

ولعبت قوات سوريا الديمقراطية دورا مهما في إلحاق الهزيمة بمسلحي تنظيم الدولة الإسلامية في سوريا في الفترة من 2014 إلى 2017. ولا تزال المجموعة تحرس مقاتلي التنظيم في معسكرات اعتقال هناك لكن نفوذها تراجع بعد أن أطاح مسلحون من المعارضة بالرئيس السوري بشار الأسد في الثامن من ديسمبر/كانون الأول.

وقال الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون قبل أيام إن باريس لن تتخلى عن قوات سوريا الديمقراطية، التي كانت واحدة من بين عدد كبير من جماعات المعارضة المسلحة خلال الحرب الأهلية السورية التي استمرت 13 عاما.

ويبدو أن هذه التصريحات أثارت انزعاجا تركيا واضحا جعلت المبادرة التي أطلقتها الإدارة الذاتية أشبه بالميتة.

وقال فيدان إن روسيا اتخذت قرارا عقلانيا جدا عندما أوقفت دعم الرئيس السوري المخلوع بشار الأسد، بينما كان بوسعها أن تدعمه عسكريا في وقف تقدم مقاتلي المعارضة.

وأضاف أنه لا يتوقع أي مشاكل مع الولايات المتحدة في مكافحة الإرهاب في سوريا على الرغم من دعم واشنطن لجماعات تعتبرها أنقرة إرهابية.

وتابع أن أنقرة ستواصل الحوار البناء والصريح مع الإدارة الجديدة للرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترامب، معبرا عن أمله في استمرار الزخم الإيجابي بين البلدين.

وأضاف أن تركيا تتوقع العمل مع الإدارة الجديدة على العلاقات الثنائية وقضايا إسرائيل وغزة وأوكرانيا وغير ذلك، وتأمل في إحراز تقدم في تلك المجالات.

وأكد أن بلاده لا مطامع لها في أي جزء من الأراضي السورية بعد إطاحة حكم بشار الأسد. فيما تكثر المخاوف من تهديدات انقرة للفصائل الكردية في سوريا، وأضاف "لا مطامع لتركيا في أي جزء من الأراضي السورية".

والثلاثاء الماضي، صرّح فيدان، بأن تركيا قد تلجأ إلى عملية عسكرية في سوريا إذا لم تنسحب عناصر وحدات حماية الشعب العمود الفقري لقوات سوريا الديمقراطية (قسد)، وبي كي كي من الأراضي السورية.

جاء ذلك خلال مقابلة تلفزيونية على قناة "سي إن إن تورك" ضمن برنامج "منطقة محايدة"، حيث أكد فيدان أن "شروط تركيا واضحة إذا كان المطلوب تجنب عملية عسكرية: انسحاب قيادة وكوادر تنظيم بي.كي.كي بالكامل من سوريا. ومع ذلك، لا نرى أي نوايا أو استعدادات لتحقيق هذا الأمر".

وأضاف فيدان أن "الإرهابيين القادمين من دول أخرى يجب أن يغادروا سوريا أيضاً"، مشيراً إلى أن بلاده تراقب الوضع من كثب.