استهداف منشآت الطاقة الكردية: حدث عرضي أم خطة إرباك

الهجوم يرتبط بمساعي ميليشيات شيعية نافذة في بغداد لعرقلة تصدير النفط في الإقليم والضغط على الأكراد لتقديم تنازلات.
الأحد 2024/04/28
لمصلحة من تعطيل الإنتاج الكردي

أربيل (العراق) - قالت وزارتا الكهرباء والموارد الطبيعية في إقليم كردستان العراق السبت إنهما تعملان مع شركاء لاستئناف العمليات في حقل كورمور للغاز بعد توقف الإنتاج بسبب هجوم بطائرة مسيرة أسفر عن سقوط قتلى.

ولم تعلن أيّ جهة مسؤوليتها عن الهجوم حتى الآن. لكنّ مراقبين يربطون الهجوم بمساعي ميليشيات شيعية نافذة في بغداد لعرقلة تصدير النفط في الإقليم والضغط على الأكراد لتقديم التنازلات التي تطلبها الحكومة خاصة في موضوع عائدات النفط.

ويقول متابعون للشأن العراقي إن المسيرات إمّا أن تكون لتركيا، وهذا مستبعد لأن أنقرة مستفيدة من سلاسة تصدير النفط في كردستان ولديها علاقات متقدمة مع أربيل، وإما مسيرات إيرانية وعادة ما تستعملها الميليشيات الحليفة لها إما ضد الأميركيين أو لتصفية حسابات مع خصومها، وهو ما هو متوقع في هذه الحادثة.

وفشلت الأحزاب والميليشيات الموالية لإيران في تسليط الضغوط على الأكراد ودفعهم إلى تقديم التنازلات وكان أهم توظيف المحكمة الاتحادية في الصراع السياسي.

وأصدرت المحكمة ذات القرارات غير القابلة للنقض قبل أيام قرارها بأن يتم صرف رواتب هؤلاء الموظّفين عبر مصارف عراقية بدل تحويل المبالغ المخصصة لها إلى حكومة كردستان العراق لتوزيعها على مستحقيها. كما قرّرت تقليص عدد أعضاء برلمان الإقليم إلى مئة عضو بإلغائها الأحد عشر مقعدا المخصصة للأقليات وفقا لنظام الكوتا.

عبداللطيف رشيد: على الأجهزة الأمنية إجراء تحقيق عاجل بالحادث وكشف ملابساته
عبداللطيف رشيد: على الأجهزة الأمنية إجراء تحقيق عاجل بالحادث وكشف ملابساته

ومع تصاعد الحرب في قطاع غزّة قامت الميليشيات الشيعية التي تطلق على نفسها اسم "المقاومة الإسلامية" باستهداف موقعي تمركز القوات الأميركية في قاعدة حرير وقاعدة مطار أربيل.

وكثيرا ما تنظر جهات سياسية كردية إلى أنّ التركيز على القاعدتين يتجاوز بعده الأمني، ويتضمّن رسالة سياسية من جهات شيعية مفادها أنّ أكراد العراق موالون للولايات المتّحدة ويحرسون مصالحها أكثر من ولائهم للبلد والانحياز لمصلحته.

وطالب نيجيرفان بارزاني رئيس الإقليم في وقت سابق حكومة السوداني بعدم السماح للقوى الخارجة عن القانون بخلق مشاكل للعراق، معتبرا أنّ “هذا النوع من الأعمال لن يساعد العراق وليس صحيحا ولا تكمن المصلحة في دخول البلاد في هذه المشاكل”.

وبالنسبة إلى القيادات الكردية، فإنّ تلك الميليشيات التي تقول الحكومة العراقية إنها متمرّدة على سلطتها، ليست سوى أذرع لقوى شيعية مشاركة في السلطة تستخدمها ضدّ خصومها عندما يقتضي الأمر.

وقالت حكومة إقليم كردستان إن ما لا يقل عن أربعة عمال يمنيين قتلوا وأصيب عاملان آخران في الهجوم الذي وقع في وقت متأخر من الجمعة. وأضافت أن إمدادات الغاز إلى محطات توليد الكهرباء توقفت لينخفض الإنتاج بنحو 2500 ميغاواط.

وندد الرئيس العراقي عبداللطيف رشيد ورئيس حكومة الإقليم مسرور برزاني بالهجوم. وقال رشيد في منشور على منصة إكس السبت "على الأجهزة الأمنية إجراء تحقيق عاجل بالحادث وكشف ملابساته ومحاسبة الجناة واتخاذ كافة الإجراءات الكفيلة لمنع تكراره".

وقال مسرور برزاني رئيس حكومة الإقليم الجمعة “استهداف منشآت الطاقة التي تزود الملايين من المواطنين في إقليم كردستان ومحافظات العراق بالكهرباء عمل إجرامي لا مبرر له، ويقوّض جهود أربيل وبغداد الرامية إلى تطوير قطاع الطاقة، خاصة وأن هذه الاعتداءات تتكرر بوتيرة مثيرة للقلق وتصل إلى حد جرائم الحرب”.

وقالت وزارة الخارجية اليمنية إنها على اتصال مع حكومة بغداد وسلطات إقليم كردستان “لمعرفة حيثيات وملابسات الحادثة”، مشيرة إلى أنها “تعمل، وبالتنسيق مع الجهات المعنية، من أجل إمكانية إخلاء وإيصال جثامين العمال اليمنيين إلى أرض الوطن”.

◙ الأحزاب والميليشيات الموالية لإيران فشلت في تسليط الضغوط على الأكراد ودفعهم إلى تقديم التنازلات وكان أهم توظيف المحكمة الاتحادية في الصراع السياسي

وقالت وزارة الخارجية الأميركية في بيان "مثل هذه الهجمات تمثل إهانة لسيادة العراق". ويملك كونسورتيوم اللؤلؤة، الذي يضم شركة دانة غاز الإماراتية للطاقة وشركة نفط الهلال التابعة لها، حقوق استغلال كورمور وجمجمال، وهما من أكبر حقول الغاز في العراق.

ووصفت وزارة الخارجية الإماراتية الهجوم بأنه “انتهاك صارخ لمبادئ القانون الدولي”. وعبرت الوزارة في بيان “عن تضامن الإمارات مع كافة الإجراءات التي يتخذها العراق الشقيق لحماية سيادته وأمنه واستقراره، ووقوفها إلى جانب العراق في مواجهة الإرهاب”. وأكد البيان “حرص الإمارات على استتباب الأمن والاستقرار فيه”.

ويشهد العراق هجمات شبه يومية بطائرات مسيّرة وصواريخ منذ نشوب الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة في أكتوبر. واستهدفت معظم الهجمات قواعد تضم قوات تابعة لتحالف عسكري تقوده الولايات المتحدة. وأعلنت حركة المقاومة الإسلامية في العراق، وهي مظلة تضم فصائل مسلحة متحالفة مع إيران، مسؤوليتها عن تلك الهجمات.

ويسلط هجوم الجمعة الضوء على المخاوف الأمنية التي تحيط بالدولة الغنية بالنفط. ويقع حقل كورمور للغاز بالقرب من الأراضي الخاضعة للسيطرة العراقية ومحافظة كركوك، إحدى المناطق المتنازع عليها بين حكومة بغداد وأربيل عاصمة إقليم كردستان العراق الذي يتمتع بحكم شبه ذاتي.

وتشكل الموارد الطبيعية العمود الفقري لآمال الأكراد في الحكم الذاتي منذ اندلاع الحرب الأهلية في تسعينات القرن العشرين.

3