استهداف مطاعم ونواد ليلية في دمشق يشي بعجز السلطة السورية عن ضبط المتطرفين داخلها

دول غربية تطالب السلطة السورية بضرورة ضبط المتطرفين داخلها لكن لا يبدو أن الأخيرة قادرة أو تملك الإرادة لفعل ذلك.
الثلاثاء 2025/05/06
ملهى الكروان مغلق بأمر من السلطات

دمشق- تثير الحوادث المتكررة التي تستهدف مطاعم ونوادي ليلية في العاصمة دمشق حيرة السوريين في مسألة ما إذا كانت السلطة الحالية عاجزة عن ضبط المتطرفين داخلها أم أن ما يحصل يندرج ضمن تمش رسمي غير معلن، لفرض قيود على الحريات والسلوك العام، والأمر في كلتا الحالتين مدعاة للقلق.

ومنذ صعودها إلى سدة الحكم بعد الإطاحة بنظام الرئيس بشار الأسد في ديسمبر الماضي، ما فتئت القيادة الحالية المنبثقة عن هيئة تحرير الشام (كانت في السابق فرعا من تنظيم القاعدة) ترسل إلى مكونات المجتمع السوري رسائل طمأنة تفيد بأنها لا تنوي المساس بالحريات، وأنها حريصة على احترام الخصوصيات، لكن الواقع يقول خلاف ذلك.

وقُتلت امرأة خلال هجوم شنّه مسلحون فجر الاثنين على ملهى ليلي ذائع الصيت في وسط دمشق، وفق ما أفاد به شاهد عيان والمرصد السوري لحقوق الإنسان، في ثاني حادثة من نوعها في غضون أسبوع، لم تعلق السلطات عليها.

◄ هناك خشية حقيقية من عملية متدرجة لفرض نمط حياة معين على السكان، كما حصل خلال سيطرة هيئة تحرير الشام على إدلب وتحويلها إلى "إمارة" داخل الدولة السورية

وأورد المرصد السوري أن “مسلحين مجهولين هاجموا بالأسلحة الرشاشة ملهى الكروان الليلي في منطقة الحجاز وأطلقوا الرصاص، ما أدى إلى مقتل امرأة وإصابة آخرين.”

وقال شاهد عيان، رفض الكشف عن هويته خشية على سلامته، “سمعت إطلاق رصاص فجرا، ولم أجرؤ على دخول الملهى إلا بعد وقت” من توقف صوت الرصاص. وأضاف “رأيت جثة امرأة وبقع دماء على الأرض وحالة من الفوضى.”

وصباح الاثنين بدا الملهى مغلقا بأمر من قوات الأمن، وفق ما قاله حارس أحد الأبنية المجاورة.

وقال أحد الباعة في جوار المبنى “أعمل هنا منذ خمس سنوات ولم يسبق أن حصل أي إشكال في الملهى الذي يغلق أبوابه نهارا.”

يقع الملهى في الطابق الأرضي من مبنى موجود في منطقة تجارية في قلب دمشق، حيث توجد الكثير من الملاهي والنوادي الليلية المرخصة منذ عقود.

وقال أحد القاطنين في الشارع إن سيارة أمن تضم مسلحين تابعين للسلطة، كانت تراقب المكان منذ أيام وتتوقف عند ناصية الشارع.

وجاء الهجوم بعيد ساعات من تداول مقطع فيديو التقطته كاميرا مراقبة وفيه تظهر مجموعة من المسلحين تهاجم ملهى ليليا آخر في المنطقة ذاتها، تبيّن أنه جرى فجر الثلاثاء الماضي.

وبدا في مقطع الفيديو، الذي تحققت فرانس برس من صحته، مسلحون وهم يتوجهون إلى الملهى، قبل أن يظهروا في مشاهد أخرى وهم يضربون بأعقاب بنادقهم رواد الحانة من نساء ورجال أثناء فرارهم مذعورين. وبدت امرأة وهي تتعثر مرتين جراء الضرب.

◄ مسلحون هاجموا بالأسلحة الرشاشة ملهى الكروان في منطقة الحجاز وأطلقوا الرصاص، ما أدى إلى مقتل امرأة وإصابة آخرين

وأعلن المكتب الإعلامي لوزارة الداخلية، وفق ما نقلته الإخبارية السورية الأحد، توقيف العناصر الذين نفذوا الاعتداء.

وأورد أنه “تم تداول مقطع فيديو التقطته إحدى كاميرات المراقبة على مواقع التواصل الاجتماعي يظهر اعتداء عدد من العناصر العسكريين على مجموعة من الأفراد بأحد أحياء مدينة دمشق.” وأضاف “بعد التحقيقات الأولية ومراجعة التسجيلات، تم التعرف على العناصر المتورطين بالاعتداء واعتقالهم وتحويلهم إلى القضاء لينالوا جزاءهم العادل.”

وشددت الداخلية، وفق المصدر ذاته، على أن “أي تجاوز أو اعتداء يمس المواطنين أو المرافق العامة سيقابل بإجراءات قانونية صارمة.”

ومنذ وصولها إلى الحكم يحضّ المجتمع الدولي السلطات الجديدة على احترام الحريات الشخصية والعامة وحماية مواطنيها خصوصا الأقليات وإشراك كافة المكونات في إدارة المرحلة الانتقالية.

وقد طالبت دول غربية، وفي مقدمتها الولايات المتحدة، السلطة السورية بضرورة ضبط المتطرفين داخلها وجزء كبير منهم من الأجانب، لكن لا يبدو أن الأخيرة قادرة أو تملك الإرادة لفعل ذلك.

ويرى حقوقيون أن الوضع الحالي لا يبشر بخير، وأن هناك خشية حقيقية من عملية متدرجة لفرض نمط حياة معين على السكان، كما حصل خلال سيطرة هيئة تحرير الشام على إدلب وتحويلها إلى “إمارة” داخل الدولة السورية.

2