استمرار هبوط الدينار يقوض القدرة الشرائية للتونسيين

تونس - يتجوّل صلاح بن حميدة، الذي يعمل موظفا، في سوق السيارات المستعملة بضاحية المروج جنوب العاصمة تونس، بحثا عن سيارة تساعده في التخفيف من ضغط الحياة اليومية، يكون سعرها مناسبا لقدرته الشرائية.
ومنذ نحو شهر يتابع بن حميدة بورصة أسعار السيارات داخل البلاد في الصحف والمجلات والمواقع الإلكترونية المختصة، علّه يجد سيارة سعرها يكون مناسبا.
ويعتبر الموظـف، الـذي تجاوز عقـده الرابع وهو أب لطفلين، أن أسعار السيارات الجديدة والمستعملة لم تعـد تطـاق، إذ شهـدت أسعارها في السنوات القليلة الماضية ارتفاعا كبيرا لم يعد الموظف البسيط يقدر على شرائها، وفق قوله.
ومنذ بداية العام الجاري، بدأت تونس في تطبيق رسم ضريبي إضافي على السيارات الجديدة، ما أدى إلى ارتفاع أسعارها خاصة بعد زيادة ضريبة القيمة المضافة من 12 بالمئة إلى 18 بالمئة.
وسجّلت مشتريات السيارات السياحية زيادة بنسبة 10.8 بالمئة خلال الأشهر السبعة الأولى من العام الجاري، وفق بيانات للمعهد الوطني للإحصاء.
ويقول بن حميدة إن السيارة في تونس صارت من الضروريات ولم تعد من الكماليات، مفسّرا ذلك بتشعّب الحياة اليومية وتواضع وسائل النقل العام، إلى جانب التوسع العمراني الذي تشهده العاصمة التي تضم أربع محافظات وهي تونس وبن عروس وأريانة ومنوبة وبروز أحياء ومدن سكنية جديدة بعيدة عن مراكز العمل.
|
وتعتبر سوق السيارات التي تقام أيام الأحد في ضاحية المروج جنوب العاصمة تونس من أبرز الأسواق، إذ يتوافد إليها التجار والوسطاء والمـواطنون من كـافة أرجـاء البلاد بحثا عن سيارة يكون سعرها مناسبا.
ويبقى انزلاق سعر صرف الدينار مقابل اليورو والدولار أهم سبب في الارتفاع الملحوظ لأسعار السيارات، وفق مهدي مـحجوب المتحدث باسم الغرفة الوطنية لوكلاء بيع السيارات.
وأوضح مـحجوب أن سعر السيارة صعد من 25 ألف دينار (10 آلاف دولار) في 2012 إلى 43 ألف دينار (17 ألف دولار) في 2017، كدليل على تراجع العملة التونسية، وفق رأيه.
واستنادا لبورصة العملات العالمية، تراجع سعر الدينار التونسي من 1.5 دينار لكل دولار واحد في 2012، إلى 2.44 دينار لكل دولار في العام الحالي، بنسبة هبوط بلغت 62.6 بالمئة.
وأكد محـجوب أن وكلاء بيع السيارات المعتمدين يورّدون السيارات من المصنعين الأوروبيين أساسا بنفس الأسعار التي لم تتغير.
ورغم تدهور قيمة الدينار، فإن حجم مبيعات السيارات مع نهاية يوليو الماضي، بلغ أكثر من 37 ألف سيارة مقابل 34 ألفا بمقارنة سنوية.
وتظهر الأرقام ارتفاع الطلب على شراء السيارات بنسبة 9.2 بالمئة خلال الشهور السبعة الأولى من العام الجاري على أساس سنوي.
ويقول طارق بن جازية، المدير العام للمعهد الوطني للاستهلاك، إن تطوّرا طرأ على قيمة القروض الموجهة لشراء سيارة من 70 مليون دينار (29 مليون دولار) في ديسمبر 2003 إلى 293 مليون دينار (122 مليون دولار) في مارس الماضي.
وأوضح أنه رغم ارتفاع سعر الوقود وتسجيل زيادة في كلفة التأمين، فإن المستهلك التونسي يحرص للحصول على سيارة سواء عبر الاقتراض من البنوك أو الصناديق الاجتماعية أو بشراء المستعمل.
ويرجع المسؤول هذه الوضعية إلى تغيّرات في نمط الاستهلاك في البلاد التي جعلت من السيارة ضرورة لا عامل رفاهية وللوضعية المتردية لخدمات النقل العام.
ولا تغطي وسائل النقل العام المناطق الحضرية والريفية كافة خاصة مع التوسع العمراني الـذي تشهده المـدن. وتـوجد حـوالي مليـوني مركبة، 60 بالمئـة منها سيارات خاصة.