استمرار مأزق الحكومة الهندية مع تصاعد المواجهات بين الهندوس والمسلمين

نيودلهي – تواصلت المواجهات الدامية الخميس بين المسلمين والهندوس في العاصمة الهندية ما أسفر عن مقتل 33 شخصا، في سياق تصاعد الانقسام في هذا البلد الواقع في جنوب آسيا ويحكمه القوميون الهندوس برئاسة ناريندرا مودي الذي يحمّله منتقدوه مسؤولية ما آلت إليه الأوضاع بسبب طرحه لمشروع قانون بشأن منح الجنسية أثار حفيظة المسلمين.
ويزرع مثيرو شغب مسلحون بالحجارة والسيوف وأحيانا المسدسات الفوضى والخوف منذ الأحد في الضواحي الشعبية في شمال شرق العاصمة الواقعة على بعد عشر كيلومترات عن الوسط.
وتطوّرت صدامات على خلفية القانون المثير للجدل إلى مواجهات بين الهندوس والمسلمين. ووقعت بعض الحوادث المعزولة الليلة الفاصلة بين الأربعاء والخميس في المدينة الكبيرة، لكن لم تندلع مع ذلك موجة جديدة كبيرة من المواجهات.
ونشرت السلطات الأربعاء عددا كبيرا من عناصر الشرطة وعناصر شبه عسكرية، مزوّدة بمعدّات ثقيلة لمكافحة الشغب. وأكد سونيل كونار مدير مستشفى رئيسي في المنطقة أنه أحصى 30 قتيلا في منشأته. وأعلن مستشفى آخر عن تسجيل 3 وفيات على علاقة بأعمال الشغب.
وأصيب أكثر من مئتي شخص بجروح، معظمهم بالرصاص. وموجة العنف الطائفي هذه، التي أوقفت على إثرها الشرطة مئة شخص، هي الأسوأ في العاصمة منذ المجازر بحق السيخ عام 1984 التي وقعت ردّا على اغتيال أنديرا غاندي.
واستنادا إلى لائحة بأسماء القتلى في المستشفى الرئيسي بدا أن عدد ضحايا المسلمين والهندوس متساو تقريبا. وخلال الحوادث، هاجمت مجموعات مسلحة هندوسية مواقع وأشخاص يعرفون كمسلمين، مرددين شعار “جاي شري رام” الديني الهندوسي (شعار ابتهال بالإله الهندوسي رام).
وأعربت الخميس المفوضة السامية في الأمم المتحدة لحقوق الإنسان ميشال باشليه عن قلقها “من المعلومات التي تشير إلى عدم تحرك الشرطة أمام هجمات مجموعات أخرى ضد مسلمين”.
ويبقى التوتر سائدا في المناطق التي شهدت عنفا الخميس، وكذلك حالة من انعدام الثقة. وفي حي آشوك ناغار، الذي يسكنه خصوصا الهندوس، أحرق مثيرو الشغب منازل عائلات مسلمة.
وقالت بلقيس وهي أم لسبعة أطفال تضرر منزلها بشكل كبير “لم يأت أحد من الحكومة لمساعدتنا، جيراننا الهندوس هم من ساعدونا. أعانونا على إطفاء الحريق. أحضروا أوعية مياه، ويحضرون لنا الشاي. ويسألوننا باستمرار ما إذا كنا نحتاج إلى شيء ما”.
واندلعت أعمال العنف منذ الأحد حين اعترضت مجموعات هندوسية تظاهرة لمسلمين ضد قانون الجنسية الذي يعتبره منتقدوه تمييزيّا بحقّ المسلمين وهو خلف حركة احتجاج تسود الهند منذ ديسمبر.
وعزّز القانون مخاوف الأقلية المسلمة التي تعد 200 مليون نسمة من أصل 1.3 مليار نسمة في الهند، من تحويل المسلمين إلى مواطنين درجة ثانية في بلد يشكّل فيه الهندوس نسبة 80 في المئة من السكان، ويعيش في السنوات الأخيرة توترا سياسيّا ودينيّا.
ويتهم معارضو ناريندرا مودي رئيس الوزراء بأنه يريد تحويل الهند العلمانية إلى بلد هندوسي بشكل كامل. وأعيد انتخاب مودي الذي وصل السلطة عام 2014، بغالبية ساحقة العام الماضي. ودعا الأربعاء جميع الموطنين إلى “السلام والتآخي”.
ويشير خصومه خصوصا بأصابع الاتهام إلى الخطاب الناري الذي اعتمده مسؤولو حزبه خلال الحملة الانتخابية المحلية في دلهي مطلع العام. ووصف مسؤولون من حزب “بهاراتيا جاناتا” الحاكم المتظاهرين ضد قانون الجنسية بأنهم “جهاديون”، ودعا بعضهم إلى حبسهم أو قتلهم.
واعتبر المفكر المعروف براتاب بهانو ميهتا في مقال نُشر الخميس في صحيفة إنديان إكسبرس أن “لا شك أن الدولة كانت قادرة على وقف العنف إذا ما أرادت”، معربا عن قلقه من أن يكون ذلك “تمهيدا لمجزرة، أو على الأقل عزل” للمسلمين في الهند.