استمرار تباطؤ التضخم في السوق التونسية

تونس - واصل معدل التضخم في السوق التونسية تراجعه مع بداية العام 2024، حسب ما أظهرت إحصائيات حديثة، وسط تفاؤل بأن ينخفض بشكل أكبر خلال الأشهر المقبلة.
وتباطأ نمو التضخم السنوي لأسعار المستهلكين إلى 7.8 في المئة خلال يناير الماضي من 8.1 في المئة في ديسمبر الماضي، مسجلا أدنى مستوياته منذ مايو 2022.
وجاء ذلك استنادا إلى بيانات صادرة، الإثنين الماضي، عن معهد الإحصاء أظهرت تراجعا في نمو التضخم بالبلاد للشهر الخامس على التوالي.
وذكر المعهد أن التضخم السنوي لأسعار المواد الغذائية، بلغ 12.1 في المئة في يناير، وسط ارتفاع أسعار الخضروات بنسبة 19.3 في المئة والزيوت النباتية بنحو 22.7 في المئة والأسماك بحوالي 11.9 في المئة.
وبلغ تضخم أسعار مجموعة المواد المصنعة الشهر الماضي، بنسبة 6.9 في المئة على أساس سنوي، مدفوعا بارتفاع أسعار مواد البناء بنحو 5 في المئة والملابس والأحذية بواقع 9.9 في المئة.
7.8
في المئة معدل أسعار الاستهلاك في يناير نزولا من ذروته في مايو 2022 عند 10.4 في المئة
ورغم هبوط التضخم خلال الشهر الماضي لأدنى مستوياته منذ عام ونصف العام، إلا أنه ما يزال أعلى من هدف البنك المركزي على المدى المتوسط البالغ قرابة 3 في المئة.
وكان التضخم قد بلغ خلال فبراير الماضي، نحو 10.4 في المئة، وهو أعلى مستوى منذ ثلاثة عقود، بحسب البيانات التاريخية لتضخم أسعار المستهلك المسجلة في البلاد، وفق البنك المركزي.
وارتفعت أسعار السلع في السوق المحلية بحدة منذ 2022، بسبب تبعات الحرب الروسية الأوكرانية، وتذبذب وفرة النقد الأجنبي في البلاد انسحابا على التضخم العالمي.
والأسبوع الماضي، أبقى البنك المركزي على سعر الفائدة الرئيسي دون تغيير عند 8 في المئة، مشيرا إلى أن النسبة الحالية من شأنها دعم تباطؤ التضخم خلال الفترة المقبلة.
وكان البنك قد رفع سعر الفائدة في نهاية العام 2022 بمقدار 75 نقطة أساس عندما كانت الأسعار في ذروتها، مما ترك التونسيين في وضع صعب مع التهام التضخم جزءا كبيرا من الرواتب.
ويرى متابعون أن الخطوة لم تكن مفاجئة، وذلك بالنظر إلى بقاء أسعار الاستهلاك مرتفعة بشكل مقلق، رغم أنها ستحد لوقت أطول من عمليات الإقراض بسبب التكاليف وهو ما قد يعود بانعكاسات سلبية على الاقتصاد.
وتعكس الخطوة تحذيرات محافظ المركزي مروان العباسي المتكررة من دخول الاقتصاد في أزمة أعمق لا يمكن توقع عواقبها، وهي إقرار بضعف السياسات المتبعة من قبل صناع القرار السياسي، وبفشل الخطط الاحترازية للحكومة.
الأسرة التونسية المكونة من أربعة أفراد تصل تكاليف مصاريفها الشهرية إلى 1203 دولار باستثناء الإيجار
وتشكل في الوقت ذاته قلقا من دخول النمو برمته في ركود مرة أخرى بعدما تركت تونس خلفها منغصات الأزمة الصحية، التي أدت إلى تسجيلها انكماش تاريخي.
وعانت تونس من أزمة اقتصادية حادة فاقمتها تداعيات تفشي جائحة كورونا، ثم ارتفاع تكلفة استيراد الطاقة والمواد الأساسية، إثر اندلاع الحرب الروسية – الأوكرانية في أواخر فبراير 2022.
وتظهر مؤشرات نمبيو، وهي منصة أميركية تتابع الأوضاع المالية والمعيشية للمواطنين في مختلف بلدان العالم، أن الأسرة التونسية المكونة من أربعة أفراد تصل تكاليف مصاريفها الشهرية إلى نحو 3722 دينار (1203 دولار) باستثناء الإيجار.
في المقابل، تقدر التكاليف الشهرية للفرد الواحد بحوالي 338.5 دولار بدون إيجار مسكن، وهذا يعني أن ثمة عجزا على مستوى الدخل وهو ما يجعل الناس تواجه صعوبات، وبالتالي تدهورا في قدرتهم الشرائية.
وينظر البرلمان في مشروع قانون صادقت عليه الحكومة مؤخرا، يسمح للبنك المركزي بمنح تسهيلات لفائدة الخزينة العامة للبلاد، ويهدف الإجراء، على الأرجح، إلى تمويل عجز الميزانية.
ويتعين على تونس سداد 1.8 مليار دولار، أي ما يعادل 4.6 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي، في 2024 ونحو 2.1 مليار دولار في 2025.
وستكون السندات الدولية البالغة 924 مليون دولار المستحقة هذا الشهر اختبارا لقدرة تونس واستعدادها للسداد لدائنيها، وفق مؤسسة كابيتال إيكونوميكس البحثية.
وقال البنك الدولي في تقرير في نوفمبر الماضي، إن الاقتصاد التونسي يرزح تحت عوامل سلبية عدة، من أبرزها “الجفاف المستمر والتحديات في التمويل الخارجي، مع تواصل تراكم الديون المحلية في أهم المؤسسات العمومية، والعقبات التشريعية”.