استمرار الضغوط المالية يخفض تصنيف تونس الائتماني

تونس - واصل التصنيف الائتماني السيادي لتونس الانحدار نتيجة استمرار الضغوط المالية الخانقة والبطء في القيام بالإصلاحات الجوهرية المطلوبة، وهو ما يسلط الضوء على مكامن الخلل التي لم تعالجها السلطات على النحو الأمثل.
ويأتي خفض وكالة رايتنغ آند انفستمنت اليابانية تصنيف تونس السيادي إلى بي سلبي نزولا من بي مع الحفاظ على النظرة السلبية رغم المحاولات الحكومية لمعالجة علل الاقتصاد التي تحتاج إلى سيولة عاجلة من المانحين لتحريك محركات النمو.
ويتزامن صدور هذا التقييم المتشائم مع مصاعب اقتصادية تواجهها البلاد أحدثها شح وفرة السلع الأساسية وسط تذبذب معروض النقد الأجنبي.
ونقل البنك المركزي التونسي عن الوكالة قولها إن القرار يأتي "تبعا للوضعية الصعبة لتونس على مستوى المالية العمومية ونظرا إلى تواصل عجز الميزانية وارتفاع حجم الدين العام، وغياب آفاق تصحيح وضع الميزانية".
وذكرت رايتنغ آند انفستمنت أن "المداخيل الضريبية في ارتفاع، وفاتورة أجور موظفي الدولة تعد تحت السيطرة، في حين تبقى مخصصات الدعم الحكومي هامة، ما يولد ضغطا على الميزانية”.
لكن، ومنذ أكثر من عقدين، يدعو صندوق النقد الدولي السلطات التونسية إلى ضرورة ضبط فاتورة أجور القطاع العام، وتوسيع جباية الضرائب أفقيا، وإعادة توجيه برامج الحماية الاجتماعية لمستحقيها.
ورغم النظرة السلبية اعتبرت الوكالة اليابانية أن تونس “تبذل جهدا كبيرا للحفاظ على مستوى الاحتياطي من العملة الأجنبية وأن مخاطر السيولة على المدى القصير تعد منخفضة مع توقع تراجع العجز الجاري في 2023".
وأكد خبراء رايتنغ آند انفستمنت أن الضغوط لا تزال حاليا مسلطة على الميزان التجاري، ومستوى الديون الخارجية مرتفع، كما يساهم الوضع العالمي في جعل تونس عرضة للصدمات الخارجية.
واعتبروا أن توصل تونس إلى اتفاق نهائي مع صندوق النقد الدولي شرط أساسي لضمان التمويلات الخارجية والحفاظ على استقرار الاقتصاد الكلي، وتحقيق نمو اقتصادي مستدام من خلال تنفيذ الإصلاحات الهيكلية.
ومنذ أكتوبر الماضي، تتعثر مفاوضات بين تونس وصندوق النقد للحصول على قرض بقيمة 1.9 مليار دولار على مدى أربع سنوات.
ويعود التعثر إلى الانخراط في برنامج إصلاح اقتصادي، يشتمل على خفض دعم الطاقة والسلع الغذائية، بجانب خفض كلفة الأجور العامة وإعادة هيكلة الشركات الحكومية، وهو ما لا يتوافق كليا مع توجه السلطات.
وعاودت تونس مباحثاتها مع الصندوق في مايو الماضي عقب رفض الرئيس قيس سعيد خفض دعم الغذاء والطاقة وبيع شركات مملوكة للدولة.
وخلال يونيو الماضي، خفضت وكالة فيتش تصنيف تونس إلى الدرجة عالية المخاطر سي.سي.سي سلبي، في ظل الضائقة التي تواجهها البلاد، ومصاعب في التوصل إلى اتفاق نهائي مع صندوق النقد الدولي
وقالت الوكالة الأميركية في ذلك الوقت إنَّ "خفض التصنيف يعكس عدم اليقين بشأن قدرة تونس على حشد التمويل الكافي لتلبية احتياجاتها المالية الكبيرة".
وأواخر الشهر الماضي قدّمت السعودية قرضا ميسراً ومنحة لتونس بقيمة نصف مليار دولار، وهي خطوة جاءت في أعقاب إعلان الاتحاد الأوروبي أن إقراض تونس مبلغ مليار دولار سيعتمد على توصل الحكومة إلى اتفاق مع صندوق النقد.
وفي إطارَ شراكة إستراتيجية جديدة مع تونس أعلن البنك الدولي منتصف يونيو الماضي أنه سيضخ ما بين 400 و500 مليون دولار سنويا خلال الفترة من 2023 إلى 2027 لمساندة المخطط التنموي للحكومة.