استمرار الانقسام بعد مرور عام على قمع الاحتجاجات في إيران

رفض إيران محاكمة المسؤولين عن مقتل المئات خلال احتجاجات 2019 دفع النشطاء إلى إنشاء "محكمة" لتحديد ما إذا كانت الجرائم قد ارتكبت بموجب القانون الدولي.
الجمعة 2020/11/20
اضرب فلسنا نخشى السوط والوجع

طهران- بعد مرور عام على الاحتجاجات التي أخمدتها السلطات الإيرانية بقسوة، يثير استمرار عدم المساءلة عن مقتل مئات الأشخاص خلال الحملة الأمنية التي تتكشف تفاصيلها تباعا، مشاعر من الحزن والغضب.

واندلعت الاحتجاجات في أنحاء البلاد في نوفمبر 2019 بعد قرار الحكومة المفاجئ برفع أسعار الوقود. وكان الحراك نادرا من نوعه بإيران في أعقاب الثورة الإسلامية عام 1979، وهو الأكبر منذ تظاهرات في 2009 حين خرجت الاحتجاجات رفضا لنتيجة الانتخابات آنذاك.

وأفاد نشطاء أن السلطات لم تتمكن من فرض سيطرتها على الأرض إلا بعد حملة قمع قاسية أسفرت، بحسب منظمة العفو الدولية، عن مقتل 304 أشخاص على الأقل في إطار سياسة متعمّدة لإطلاق النار على المتظاهرين. وتم إخفاء قسوة حملة القمع وحجم الخسائر من خلال قطع الإنترنت، وهو ما ندّد به النشطاء باعتباره محاولة لحجب المعلومات.

ولم يخضع أي مسؤول في إيران للمحاسبة بشأن القمع، وسط اتهامات بأن العائلات التي فقدت أحباءها تم الضغط عليها لإسكاتها. ومع ذلك، واجه معتقلون أثناء الاحتجاجات أحكاما تشمل الإعدام.

تارا سبهري فار: السلطات الإيرانية تجنبت أي إجراء من إجراءات المساءلة
تارا سبهري فار: السلطات الإيرانية تجنبت أي إجراء من إجراءات المساءلة

وقالت تارا سبهري فار الباحثة المتخصصة في الشؤون الإيرانية لدى منظمة هيومن رايتس ووتش، “تجنبت السلطات الإيرانية أي إجراء من إجراءات المساءلة وواصلت مضايقة عائلات قتلى الاحتجاجات”.

وحسب تقرير نشرته منظمة العفو الدولية هذا الأسبوع، نفذت إيران “تعتيما شبه كامل للإنترنت” اعتبارا من 16 نوفمبر الجاري، غداة بدء الاحتجاجات، من خلال إصدار أوامر لمشغلي الإنترنت بقطع الخدمة، لتعود تدريجيا لاحقا اعتبارا من 21 نوفمبر”.

وأوضحت أن قطع الإنترنت منع الناس من مشاهدة مقاطع فيديو مروّعة التقطها مواطنون إيرانيون بهواتفهم توثق حملة القمع، في ما تصفه المنظمة الحقوقية بـ”شبكة الإفلات من العقاب”.

وحتى الآن لا يزال حجم القمع الذي تمارسه السلطات الإيرانية غير واضح، وترجح منظمة العفو الدولية أن حصيلة القتلى قد تتجاوز العدد الذي أحصته والبالغ 304 وفيات، تم التحقق منها.

ونشرت المنظمة ومقرها لندن على الإنترنت ما تقول إنه أكثر من 100 مقطع فيديو، تم التحقق منها وقد التقطت بـ31 مدينة في نوفمبر 2019. وتكشف التسجيلات عن “الاستخدام المتكرر للأسلحة النارية” ضد المتظاهرين العزل والمارة.

وذكرت المنظمة أنّ ما لا يقل عن 23 من القتلى تقل أعمارهم عن 18 عاما، بمن فيهم مراهقون مثل محمد دستنكاه البالغ 15 عاما، والذي قُتل برصاص قوات الأمن المتمركزة على سطح منزله بينما كان عائدا من المدرسة في مدينة صدرا الواقعة في محافظة شيراز.

وسردت قصة أحد المارة الأبرياء، الممرضة آزار ميرزابور (49 عاما)، وهي أم لأربعة أطفال، قتلت بالرصاص في بلدة كرج، خارج طهران، بينما كانت على وشك الوصول إلى منزلها من العمل.

وقالت الباحثة المتخصصة بشؤون إيران في منظمة العفو الدولية راحة بحريني إن “قوات الأمن الإيرانية استخدمت القوة غير المشروعة والمفرطة ضد المتظاهرين العزل والمارة”. وأضافت “في معظم الحالات استخدمت القوات الأمنية الذخيرة الحية التي تستهدف الرأس أو الجسد”، في إشارة إلى أنها كانت تطبق سياسة إطلاق النار بقصد القتل.

وأفاد نشطاء أنّه بدلا من مساعدة أقارب الضحايا في السعي إلى تحقيق العدالة، كانت السلطات تقاضي المتظاهرين، حيث ذكرت منظمة العفو أن المعتقلين تعرضوا للتعذيب، بما في ذلك الإغراق بالماء والاعتداء الجنسي.

ولم تُلغ أحكام الإعدام التي صدرت في يونيو بحق ثلاثة شبان إلا بعد حملة لإنقاذ حياتهم خارج إيران وداخلها. وذكرت وسائل إعلام ناطقة بالفارسية مقرها خارج إيران أن منوشهر بختياري، الذي قُتل ابنه بويا البالغ 27 عاما بالرصاص، سُجن بعد أن وجه انتقادات للسلطات.

المسؤولون في إيران لم يخضع أيّ منهم للمحاسبة بشأن القمع، فيما واجه معتقلون أثناء الاحتجاجات أحكاما تصل إلى الإعدام

ودفع رفض إيران محاكمة أي مسؤول، وعدم الاستجابة لدعوات فتح تحقيق دولي بقيادة الأمم المتحدة، النشطاء إلى إنشاء “محكمة” خاصة بهم لتحديد ما إذا كانت الجرائم قد ارتكبت بموجب القانون الدولي.

وتم إنشاء محكمة آبان، التي سميت على اسم الشهر الإيراني الذي وقعت فيه الأحداث، من قبل المنظمات غير الحكومية بما في ذلك منظمة العدالة من أجل إيران ومقرها لندن ومنظمة حقوق الإنسان الإيرانية ومقرها أوسلو.

وسيستمع الحقوقيون وأعضاء المحكمة الآخرون إلى أدلة من الشهود والضحايا في الفترة من 10 إلى 12 فبراير 2021 في لاهاي، وستصدر الأحكام في أبريل 2021. وقال المدير التنفيذي لمنظمة حقوق الإنسان الإيرانية محمود أميري مقدم إنّ المحكمة ستبعث بـ”رسالة قوية إلى المسؤولين عن الفظائع بأنهم يخضعون للمراقبة وسيُحاسبون ذات يوم على الجرائم التي ارتكبوها”.

5