استقلال ناغورني قره باغ يشعل خلافات بين مجلس النواب والحكومة الفرنسية

باريس - تبنت الجمعية الوطنية الفرنسية بأغلبية كبيرة قرارا مؤيدا للاعتراف بناغورني قره باغ، في خطوة قد تفتح الباب أمام دول أخرى للاحتذاء بها.
وصادقت الجمعية الوطنية الفرنسية على قرار تحث فيه باريس على الاعتراف بناغورني قره باغ وذلك بعد أسبوع على إقرار مجلس الشيوخ لمشروع القرار ذاته.
وتم تبني القرار غير الملزم الذي قدمته مجموعة الجمهوريين في مجلس النواب بأغلبية 188 صوتا مقابل ثلاثة أصوات وامتناع 16 عن التصويت في وقت أعلنت فيه الحكومة الفرنسية عن معارضته.
ويكمن الإشكال في مواقف باريس التي لا تبدو متحمسة للفكرة خشية أن تكون لها مفاعيل سلبية، خاصة إذا بقيت خطوتها بمعزل عن مواقف باقي الدول وهو ما قد ينجر عنه خروجها من مجموعة مينسك والمعادلة كلها.
وأثار القرار خلافا مع الحكومة الفرنسية التي أعلنت على لسان وزير الخارجية جان إيف لودريان أنها تعارضه من أجل الحفاظ على دور فرنسا كوسيط.
وأكد لودريان أنه لا يشارك البرلمانيين طلب الاعتراف هذا مؤكدا أن "أصدقاءنا الأرمن أنفسهم لا يطلبون ذلك".
وشدد على أن مثل هذا القرار "قد يعني استبعاد أنفسنا من الرئاسة المشتركة لمجموعة مينسك التي تضم باريس وموسكو وواشنطن في البحث عن حل لهذا الصراع، وسيشكل ذلك تخليا عن دورنا كوسيط".
وأشار لودريان إلى بيان صادر عن العواصم الثلاث أكد مجددا الخميس أهمية مجموعة مينسك لحل النزاع، بينما تطالب تركيا، حليفة باكو، بصيغة جديدة للمفاوضات تكون طرفا فيها.
وقام النواب المؤيدون لأرمينيا بتعبئة منذ فترة طويلة لمصلحة هذا النص الذي صوت ضده عضوان من مجموعة الصداقة الفرنسية الأذرية في الجمعية الوطنية.
ويدعو القرار بشكل خاص إلى "تنفيذ عملية السلام والاعتراف بناغورني قره باغ".
وصوت مجلس الشيوخ الفرنسي في 25 نوفمبر على قرار يدعو إلى الاعتراف بناغورني قره باغ ما أثار احتجاج أذربيجان وتركيا.
ودعا مجلس الشيوخ أيضا الحكومة الفرنسية إلى "طلب إجراء تحقيق دولي في جرائم الحرب التي ارتكبت في ناغورني قره باغ" و"استخلاص جميع النتائج الدبلوماسية للدور الذي لعبته السلطات التركية" في النزاع.
وخلال الجلسة شنّ السيناتور برونو ريتايو، رئيس كتلة "الجمهوريين" (معارضة يمينية)، هجوما عنيفا على "المشاركة الحاسمة وواسعة النطاق لتركيا أردوغان في النزاع".
ودان العديد من البرلمانيين الفرنسيين انخراط أنقرة في هذا الصراع.
ويندد قرار البرلمانيين الفرنسيين بـ"محاولة استئصال" الأرمن من هذه المنطقة كما حدث "للسكان المسيحيين أو الأكراد أو الإيزيديين" في الشرق الأوسط.
وانتقد بيار إيف بورنازيل (كتلة "لنتحرك معا") "التوسع العثماني الجديد للرئيس التركي" بينما رأت نييس تيل أن "تركيا لم تعد حليفنا داخل حلف شمال الأطلسي"، مشيرة إلى ضرورة فرض "عقوبات" على أنقرة.
غير أن العديد من البرلمانيين عبروا عن تضامنهم مع الأرمن، لكنهم نأوا بأنفسهم عن الإشارات الدينية في القرار الذي يؤكد "ضرورة الدفاع بفاعلية عن الأقليات المسيحية المهددة في أوروبا والشرق والعالم".
وطالب البرلمان الأذري باستبعاد فرنسا من الوساطة بينما نددت تركيا بما اعتبرته "نموذجا لتجاهل مبادئ القانون الدولي لاعتبارات سياسية داخلية".
وشهد إقليم ناغورني قره باغ حربا دامية من 1988 إلى 1994 ثم في خريف هذا العام عندما استمرت المعارك ستة أسابيع وأسفرت عن سقوط أكثر من أربعة آلاف قتيل وسمحت لأذربيجان باستعادة جزء من المنطقة.
ووقع اتفاق وقف الأعمال العدائية أخيرا في التاسع من نوفمبر برعاية الكرملين.