استقبال حاشد واحتفالات بتحرير المعتقلين الفلسطينيين من السجون الإسرائيلية

بيتونيا (الاراضي الفلسطينية) - هتفت حشود من الفلسطينيين تجمّعت في بلدة بيتونيا في الضفة الغربية المحتلة لحافلتين تقلان عشرات المعتقلين الفلسطينيين من سجن عوفر الإسرائيلي الى الضفة الغربية المحتلة، وأطلقت المفرقعات وحيّتهم برفع إشارات النصر والتلويح بالأعلام.
وكانت إسرائيل أعلنت أنها أفرجت عن 90 معتقلا فلسطينيا في إطار أول عملية تبادل بموجب اتفاق الهدنة مع حماس، عقب إفراج الحركة الفلسطينية عن ثلاث إسرائيليات كن محتجزات في قطاع غزة منذ أكثر من 15 شهرا.
كانت الساعة تجاوزت الواحدة والنصف من فجر الاثنين (23:30 ت غ الأحد)، وكانت الحافلتان تشقان طريقهما في الظلام، وقد أقلّتا غالبية من النساء والأطفال، وفق المعلومات التي نشرتها مصلحة السجون الإسرائيلية.
وفي البلدة الصغيرة، استقبل المئات على طريق يؤدي الى مدينة رام الله إحدى الحافلتين وهم يرفعون أعلاما فلسطينية وأعلام حركة حماس، وصعد عدد منهم على سطحها، بينما كانت تسمع أصوات المفرقعات والألعاب النارية التي أطلقت ابتهاجا، والزغاريد.
وكانت الحافلتان تشقان طريقهما بصعوبة بسبب الحشود. وهتف المحتشدون "الشعب يريد كتائب القسام"، الذراع العسكري لحركة حماس.
وداخل الحافلتين، أمكن رؤية عناصر من الصليب الأحمر الدولي، وفلسطينيين كانوا يحييون الحشود بابتسامات عريضة.
وبين المعتقلين المُفرج عنهم، خالدة جرار، الشخصية المعروفة من الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين، وبدت بشعر أبيض وآثار التعب على وجهها.
وكانت الحشود انتظرت المفرج عنهم لساعات في بيتونيا. وأوقد عدد منهم النار في محاولة للحصول على بعض الدفء، فيما انشغل آخرون بالهتاف والأناشيد التي تمجّد حركة حماس وكتائب عزالدين القسام، ولوّحوا بأعلام فلسطينية ورايات حركة حماس الخضراء.
ومن الهتافات التي أطلقت "حط النار جنب النار واحنا رجالك يا سنوار"، في إشارة الى قائد حركة حماس الذي قُتل خلال الحرب يحيى السنوار.
وتنتهي المرحلة الأولى من اتفاق الهدنة في غضون 42 يوما، ويفترض أن يتم خلالها الإفراج عن 33 رهينة مقابل 1900 فلسطيني، بينهم 734 معتقلا نشرت الدولة العبرية الأحد أسماءهم (من أصل 737 تمّ الإعلان عنهم). وتترافق مع وقف الأعمال القتالية في قطاع غزة.
وقال محمد (20 عاما) الذي لم يعط اسمه بالكامل، إنه جاء من رام الله مع أصدقائه بمجرد سماعه الأخبار. وتحدّث محمد الذي أفرج عنه مؤخراً من سجن عوفر، عن "فرحة كبيرة" لفكرة لمّ شمل الأسر.
وقال "أعرف الكثير من الناس في السجن، هناك أشخاص أبرياء وأطفال ونساء".
وجاء محمد عوض مع كل أفراد عائلته من بلدة بيت أمر لاستقبال ابنته أشواق المعتقلة منذ خمسة شهور بتهمة التحريض عبر وسائل التواصل الاجتماعي.
وقال عوض لوكالة الصحافة الفرنسية، وهو يغطي رأسه بالكوفية الفلسطينية، "نحن فرحون كثيرا بأنه سيُطلق سراح ابنتي، لكن الفرحة تبقى منقوصة لأن هناك من سيبقى داخل السجن".
ويضيف عوض "صحيح أنها فرحة، لكن لا يفارقنا الحزن على الثمن الباهظ الذي تمّ دفعه لقاء إطلاق سراح أبنائنا"، مشيرا الى آلاف القتلى الذي سقطوا في غزة خلال فترة الحرب والذين تجاوز عددهم الـ46 ألفا.
ووصل الى بلدة بيتونيا 78 معتقلا ومعتقلة من سكان الضفة الغربية، في حين نقلت حافلة ثالثة 12 معتقلا ومعتقلة الى مدينة القدس.
ومن ضمن المعتقلين المفرج عنهم دلال وفاطمة العاروري، شقيقتا القيادي الكبير في حركة حماس صالح العاروي الذي قتل في ضربة إسرائيلية في بيروت في يناير 2024.
كما سيُفرج، وفق اللائحة التي نشرتها وزارة العدل الإسرائيلية الأحد عن أكثر من 230 من المعتقلين الفلسطينيين محكومون بالسجن المؤبد لارتكابهم، أو مشاركتهم، في هجمات أو تفجيرات أسفرت عن مقتل إسرائيليين، وبالتالي سيتم إبعادهم بصورة دائمة.
وبحسب مصدرين في حركة حماس شاركا في المفاوضات، فقد اتّفق الطرفان على أن يتمّ في المرحلة الأولى من الاتفاق إطلاق سراح 296 معتقلا فلسطينيا ممّن يقضون أحكاما بالسجن المؤبد، بينهم 236 معتقلا سيتمّ إبعادهم إلى قطر أو تركيا حال الإفراج عنهم.
ولم تتمكّن فتاة تبلغ من العمر 18 عاما من إخفاء فرحتها في انتظار لقاء والدتها التي اعتقلت في يناير 2024 من منزلهما في شمال الضفة الغربية المحتلة.
وقالت الفتاة التي رفضت ذكر اسمها "سأعانقها على الفور... بالطبع، سأعانقها. في البداية، ستكون مجرد دموع فرح". بعد ذلك، ستخبرنا عن وقتها في السجن، وسنخبرها عن حياتنا بدونها".
وأضافت، وقد وقفت الى جانب شقيقتها وخالتها، "أنا متأكدة من أنه سيكون هناك الكثير من البكاء".
وتابعت أن والدتها، وهي طبيبة، اعتقلت بسبب إبداء إعجابها أو كتابة منشورات على وسائل التواصل الاجتماعي عن النشطاء الفلسطينيين. "اتهموها بالتحريض بسبب المنشورات التي كتبتها على فيسبوك". ووصفت الفتاة التهم الموجهة لوالدتها بأنها "سخيفة".
بالقرب منها، وقف عدي وعائلته ينتظرون العائدين. واعتقل عدي الذي لم يفصح عن اسم عائلته مع ابنه في بداية الحرب، قبل أن يُطلق سراحه بينما بقي ابنه رهن الاعتقال. إلا ان اسم ابنه لم يرد في قائمة الأشخاص الذين سيتم إطلاق سراحهم خلال الدفعة الأولى من وقف إطلاق النار اليوم.
وقال عدي "ابننا ليس على تلك القائمة".
كذلك اعتقل ابن عدي بسبب نشاطه على وسائل التواصل الاجتماعي، كما قال الوالد لوكالة الصحافة الفرنسية.
وتابع "كنت في السجن وأعرف ما يحدث. لا يمكنك التفكير بنفسك وبابنك فقط. أريد الاحتفال بجميع عمليات الإفراج الليلة. فأنا أعرف كيف يكون الأسر".