استعراض ميليشيات بين الدبيبة وباشاغا في طرابلس

طرابلس - قال مراقبون ليبيون إن العاصمة طرابلس تحولت إلى ملعب لاستعراض القوة بين طرفي الأزمة حاليا رئيس الحكومة المكلف من مجلس النواب فتحي باشاغا ورئيس حكومة الوحدة المنتهية ولايته عبدالحميد الدبيبة، وإنه ما لم يحسم الخلاف عبر الوسطاء فإن طرابلس ستكون مسرحا متجددا للصراع بين الميليشيات.
وأشار المراقبون إلى أنه في ظل تخلي الأطراف الدولية عن الملف الليبي بسبب انشغالها بملفات أخرى أكثر أهمية، فإن طرفي الأزمة الليبية باشاغا – الدبيبة سيستمران في حرب استنزاف متبادلة إلى ما لا نهاية، وأن العاصمة ستشهد عودة قوية لصراع الميليشيات وتهريب الأسلحة والمقاتلين من مناطق أخرى في مشهد أكثر حدة من فترة حصارها من قائد الجيش المشير خليفة حفتر.
ويجد الدبيبة نفسه في وضع مريح، فهو ينفق الكثير من الأموال لشراء التعاطف في العاصمة، ولن يكون من الصعب عليه ضخ المزيد من الأموال لتسليح الميليشيات الموالية له، وأن الأمر سيستمر ما لم تتجدد الضغوط الدولية من أجل فرض حلي سياسي وفاقي ملزم للجميع.
في المقابل، ورغم أنه بعيد عن طرابلس، فإن باشاغا سيعمل على تحريك تحالفاته القديمة مع الميليشيات من أجل منع استقرار العاصمة لخصمه وتحويلها إلى ورقة اعتراف به أو بحكومته والسماح لها بالإشراف على الانتخابات في وضع لا يحتمل إجراء الانتخابات.
ودعا باشاغا إلى فرض ترتيبات أمنية بإشراف البعثة الأممية لإخلاء العاصمة طرابلس من كافة أنواع الأسلحة الثقيلة والمتوسطة، وذلك “لحماية المدنيين والأبرياء من المواطنين العزّل”.
وأضاف باشاغا في تعليقه على أحداث اشتباكات “سوق الثلاثاء” في قلب العاصمة طرابلس مساء الجمعة “لا يمكن للأمن أن يستتب وللسلام أن يستقر دون وجود دولة تحظى سلطاتها بالشرعية الدستورية والقانونية، وهذا يحثنا على المضي قدماً نحو الانتخابات البرلمانية والرئاسية”، حسبما ذكر على حسابه بموقع التواصل الاجتماعي تويتر السبت.
وشدد باشاغا على أنه “لا تمكن الثقة في عصبة خارجة عن القانون منتحلةً للصفة أن تضمن إجراء انتخابات وهي فاقدة للسيطرة على أمن المواطنين وسلامتهم”.
من جهته، قال الدبيبة، السبت، إنه لا يمكن الخروج من المأزق السياسي في البلاد إلا عبر دستور واضح وانتخابات رئاسية وبرلمانية. جاء ذلك خلال كلمة ألقاها في حفل تكريم أساتذة بجامعة مصراتة.
وأضاف أن “المجتمع الدولي رافض لكل الحلول التلفيقية وأصبح يميل أكثر لإجراء الانتخابات باعتبارها الخيار الوحيد والسليم”.
ووقعت الاشتباكات بين أفراد من كتيبة “النواصي” المقربة من باشاغا و”جهاز دعم الاستقرار” المقرب من الدبيبة واستعملت فيها أسلحة خفيفة ومتوسطة.
وأدى الاشتباك إلى حالة من الذعر بين العوائل والأطفال، ونشرت مواقع تواصل مقاطع فيديو تظهر تبادل النيران وهروب العائلات ولجوء بعضهم إلى فندق قريب وبعض المقاهي التماسا للحماية، قبل أن تنتهي الاشتباكات.
وعبّرت بعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا (مانول) عن “قلقها العميق” من معارك “بأسلحة ثقيلة” أدت إلى “تعريض حياة مدنيين للخطر”.
من جهتها، كتبت المستشارة الخاصة للأمين العام للأمم المتحدة في ليبيا الأميركية ستيفاني ويليامز، في تغريدة على تويتر “كفى. أطالب بالهدوء المطلق وبحماية المدنيين”.
وكتب سفير الاتحاد الأوروبي في ليبيا خوسيه ساباديل على تويتر “إنه أمر مروّع ومشين. تم استخدام أسلحة في حديقة كان الأطفال يجرون فيها ويلعبون”.
وأسفرت هذه الاشتباكات العنيفة بين مجموعتين مسلحتين مؤثرتين في غرب ليبيا، عن سقوط قتيل من المسلحين وخسائر مادية كبيرة.
وسمع دوي انفجارات وتبادل إطلاق نار خصوصا برشاشات ثقيلة بالقرب من “سوق الثلاثاء” الذي يضم حديقة عامة كبيرة.
وقال مسؤول في وزارة الداخلية لوكالة الصحافة الفرنسية إن المواجهات “اندلعت بسبب احتكاك واحتجاز مسلحين من الطرفين بعدما نشرا في وقت سابق أفرادا وعربات مسلحة في محيط المنطقة”.
وأكد المصدر الأمني نفسه أن “الاشتباكات توقفت تماما بعد وساطة من طرف قوة عسكرية محايدة (لواء 444) نشرت عددا من مدرعاتها في منطقة ‘سوق الثلاثاء’ وأعيد فتح الشوارع وبدأت حركة السير بالعودة إلى طبيعتها”.
وأظهر شريط فيديو تم بثه ليل الجمعة الدبيبة يأمر زعيم هذه المجموعة عبر الهاتف بتأمين المنطقة.
وأثارت هذه المواجهات موجة غضب على مواقع التواصل الاجتماعي ضد هيمنة الميليشيات وهشاشة المؤسسات.
وتأتي هذه المواجهات بعد ثلاثة أسابيع من محاولة فاشلة قام بها باشاغا لتركيز حكومته في العاصمة طرابلس.
وأدى باشاغا اليمين أمام البرلمان الذي يتخذ من الشرق مقرا له في مارس، لكنه يواجه رفض الدبيبة التنازل عن الحكم قبل إجراء انتخابات.