استعداد جزائري لإصدار أول صكوك سيادية بحلول يونيو

الجزائر - تستعد الجزائر لطرح أول صكوك إسلامية سيادية في منتصف هذا العام، وذلك في سياق رهان المسؤولين على هذا الخيار بهدف تنويع مصادر التمويل التي يحتاجها البلد النفطي لتنفيذ خططه المتعلقة بالتنمية الاقتصادية.
وقالت مديرة المديونية العامة بوزارة المالية رزيقة ميقاتلي الأربعاء إن إصدار الصكوك “وصل إلى مرحلة متقدمة جدا،” في خطوة تهدف إلى تنويع مصادر تمويل البلاد، بحسب ما أوردته وكالة الأنباء الجزائرية الرسمية.
وتعد الصكوك السيادية أدوات مالية إسلامية تعتمد على مشاركة المستثمرين في ملكية منافع أصول أو مشاريع، بدلا من إقراض المال بفائدة كما هو الحال في السندات التقليدية.
وأعربت ميقاتلي خلال جلسة بعنوان “الصكوك السيادية: رافعة إستراتيجية للتمويل الوطني”، في إطار الاجتماعات السنوية لمجموعة البنك الإسلامي للتنمية التي اختتمت الخميس بالجزائر العاصمة، عن أملها في استكمال العملية قبل نهاية شهر يونيو.
ومن المتوقع أن يسهم هذا النوع من الإصدارات في تعزيز ثقة المستثمرين من خلال الشفافية في تمويل وإنجاز المشاريع من واردات الصكوك وتأكيد التزاماتها بتمويل إنجازات آمنة متوافقة مع أحكام الشريعة الإسلامية.
ولم تكشف الحكومة حتى الآن عن حجم الإصدار المرتقب، والذي سيكون بمثابة اختبار ثقة المستثمرين في متانة النظام المالي للبلد، ومدى الاقتناع بنهج الإصلاح الذي لا يزال يسير ببطء.
وخلال الجلسة اعتبر رئيس لجنة المالية الإسلامية بالجمعية المهنية للبنوك والمؤسسات المالية سفيان مزاري أن الصكوك تمثل “بديلا موثوقا وخيارا ناجعا” لتنويع مصادر التمويل وتعبئة المدخرات، في سياق تعزيز التمويل الإسلامي وتوسيع قاعدة المستثمرين.
وتم إدراج مادة ضمن قانون المالية لسنة 2025، ترخص لوزارة المالية إصدار صكوك سيادية لأول مرة في الجزائر، وهو ما يسمح بمشاركة الأفراد والشركات في تمويل المنشآت والتجهيزات العمومية ذات الطابع التجاري.
وتجد الجزائر نفسها في وضع أفضل قياسا بالسنوات الماضية في ظل ارتفاع عائدات الطاقة بفضل الأسعار المرتفعة، لكنها في الوقت ذاته تواجه تحديا كبيرا وصعبا يتمثل في تجنب إهدار هذه الفرصة للنهوض باقتصادها حتى ينعكس ذلك على الناس.
ولعقود ظل الاقتصاد الجزائري يشكو من أزمة هيكلية مزمنة جراء ارتباطه العضوي بالصناعة النفطية، والتي تشكل العمود الفقري للنمو، وهو ما جعل الحكومات المتعاقبة تضيع الكثير من فرص تنويع مصادر الدخل.
وتعتمد الحكومة على مبيعات النفط والغاز في تحصيل 95 في المئة من إيراداتها من العملة الأجنبية التي تقلصت بشكل كبير منذ عام 2014 قبل أن تعاود النمو منذ أواخر فبراير 2022 مع انتعاش أسعار الطاقة في الأسواق العالمية جراء الحرب في شرق أوروبا.
وبحسب وزير المالية السابق لعزيز فايد سيسمح ذلك المسار بدمج البنوك الإسلامية في سوق الدين العام والاستفادة من مستثمريه. وكان قد أكد أثناء مناقشة الميزانية في البرلمان خلال نوفمبر الماضي أن الصكوك “تشكل أداة لتنويع مصادر تمويل الاستثمارات العمومية.”
في مطلع عام 2021 بدأت البنوك المحلية مرحلة محاصرة الأموال الموازية، وذلك بالمراهنة على الصيرفة الإسلامية لدعم الإيرادات والاستحواذ على حصة من السيولة المالية
وقال آنذاك إنها تسهم “في امتصاص الأموال المكتنزة واستقطاب أكبر شريحة ممكنة من المستثمرين إلى جانب مستثمري سوق سندات الخزينة وتمويل المشاريع الهيكلية والبنية التحتية دون الحاجة إلى زيادة الديون التقليدية أو حتى اللجوء إلى تغيير النظام الضريبي.”
وتشير البيانات إلى أن الديون الخارجية في الجزائر، البلد النفطي العضو في منظمة أوبك، بلغ متوسط قيمتها 4 مليارات دولار منذ عام 2007 حتى نهاية العام الماضي.
ووصلت قيمة الديون الخارجية إلى أعلى مستوى على الإطلاق قدره 5.85 مليار دولار خلال الربع الثالث من عام 2010، ليتراجع إلى أدنى مستوى قياسي قدره 2.9 مليار دولار في الربع الثالث من عام 2022.
وفي مطلع عام 2021 بدأت البنوك المحلية مرحلة محاصرة الأموال الموازية، وذلك بالمراهنة على الصيرفة الإسلامية لدعم الإيرادات والاستحواذ على حصة من السيولة المالية التي تدخل القنوات الرسمية.
وتتضارب الإحصائيات بشأن حجم السيولة المذكورة، لكنها تتراوح بحسب تصريحات مختصين في المالية بين 40 و60 مليار دولار، حيث تدور هذه الأموال خارج القنوات الرسمية.
ويمتلك البلد الكثير من مصادر النمو وفرص العمل، التي لم تستغل منذ زمن بعيد، ولتطويرها يقتضي الوضع القائم تحولا جذريا على مستوى الاقتصاد مع تنويعه بعيدا عن الوقود الأحفوري.