استطلاعات الرأي تفاجئ مراكز الأبحاث الأميركية.. تراجع غير مسبوق لشعبية واشنطن في الخليج

أرقام مفاجئة لمراكز الأبحاث والاستطلاعات الأميركية لكنها موثوقة للغاية تكشف تراجع شعبية الولايات المتحدة عربيا -وخاصة في الخليج- إلى مستوى غير مسبوق، وهو ما جعل هذه المراكز تقترح ترميم العلاقة مع جمهور مواقع التواصل الاجتماعي في مرحلة أولى.
الرياض - أثار مقطع فيديو للمتحدثة باسم وزارة الخارجية الروسية ماريا زاخاروفا، تحدثت فيه عن فشل محاولات الولايات المتحدة في عزل وتهميش المملكة العربية السعودية، تفاعلا واسعا على موقع تويتر.
وخلال مقابلة أجرتها زاخاروفا على قناة “آر.تي” الروسية الحكومية قالت فيها وفقا لترجمة القناة “أود أن آتي لكم بمثالين، هل تتذكرون منذ سنتين أن الولايات المتحدة قد حاولت أن تلغي بشكل كامل المملكة العربية السعودية وهذا الأمر كان مضحكا، لأننا نعلم ما هي المملكة العربية السعودية”.
وتابعت زاخاروفا “نعلم تاريخ هذه الدولة (السعودية) ووضعها الحالي وكل ما يتعلق بها ونعلم ما المدى الذي يمكن أن تصل إليه من التطور ونعلم مدى سخرية هذا القرار أو التخطيط من قبل الولايات المتحدة بشأن هذه الدولة”، وأضافت “كل ما قيل تجاه هذه الدولة (السعودية) وحولها وحول شعبها وسياستها نعلمه”. وغرد إعلامي:
واعتبر مغرد متحدثا عن إطلاق اسم جمال خاشقجي على شارع السفارة السعودية في واشنطن بعد يوم من إعلان الرئيس الأميركي جو بايدن عن موعد زيارته الأولى في منصبه إلى السعودية حيث يلتقي بولي العهد السعودي محمد بن سلمان:
وقالت صحيفة “بوليتيكو”، “رغم التقدم المطرد الذي يحرزه الجانبان (الأميركي والسعودي) على مستوى العمل، فإن رفض بايدن المستمر لتطبيع العلاقات مع الأمير محمد بن سلمان كان له أثره، لاسيما على الجمهور السعودي الذي شعر بعدم الاحترام بسبب الهجمات الشخصية ضد ولي العهد، الذي بقي يحظى بشعبية كبيرة في بلاده”. ونقلت الصحيفة على لسان مسؤول سعودي قوله “نحن أمم متحضرة.. هذه ليست حربًا على تويتر بين كيم كارداشيان وكاني ويست”.
وتظهر بيانات ناتجة عن استطلاع جديد للرأي وفريد من نوعه وشمل ثلاث دول رئيسية في الخليج، هي المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة والكويت، أن شعوب هذه الدول تقيّم روابطها مع روسيا بقدر تلك التي تجمعها مع الولايات المتحدة. ويشعر الآن نصف الذين شملهم الاستطلاع أو أكثر بأنه لا يمكن الاعتماد على واشنطن.
وتهتم الأنظمة في المنطقة بالمشاعر الشعبية اهتماماً وثيقاً. وتمثل مواقع التواصل عادة مقياسا، ونتيجة لذلك، فإن أي تحول في سياستها المحايدة حالياً قد يتطلب اتخاذ خطوات لتحسين نظرة الرأي العام بشأن إمكانية الوثوق بالولايات المتحدة.

ماريا زاخاروف: نعلم تاريخ هذه الدولة (السعودية) ووضعها الحالي وكل ما يتعلق بها
على الرغم من كون هذه الأرقام مفاجئة، إلا أنها تظل موثوقة للغاية. وقال ديفيد بولوك -وهو زميل برنشتاين في معهد واشنطن لسياسة الشرق الأدنى- في تعليقه “تكشف نظرة معمقة إلى هذه النتائج، لاسيما عند مقارنتها باستطلاعات الرأي السابقة على مدى السنوات القليلة الماضية، عن بعض المفاجآت الفعلية. ففي كل من السعودية والإمارات تخطت الأهمية المتصورة لروسيا والصين حالياً الأهمية المتصورة للولايات المتحدة.
وطرح الاستطلاع العرض الآتي “لا يمكننا الاعتماد على الولايات المتحدة في هذه الأيام، لذلك من الضروري التطلع أكثر إلى روسيا أو الصين كشريكين”.
ويُنظر إلى النفوذ الأميركي بشكل عام على أنه آخذ في التراجع. ففي السعودية، على سبيل المثال، تتعادل روسيا الآن مع الولايات المتحدة (بنسبة 34 - 35 في المئة لكل منهما) باعتبارها “الدولة التي من المحتمل أن يكون لها النفوذ الأكبر في المنطقة خلال العقد المقبل”. وتأتي الصين في المرتبة الثالثة بنسبة 25 في المئة.
وقال بولوك “قد يسهم هذا المزيج غير البديهي من المواقف في توجيه السياسة الأميركية المستقبلية، يجب ألا تتمثل الخطوة الرئيسية الأولى للولايات المتحدة في تفنيد سلوك روسيا في أوكرانيا، بل عليها إحياء الثقة في الالتزامات الأميركية بالدفاع عن أصدقائها ومصالحها في الشرق الأوسط. وإذا كان من الممكن تحويل هذه المواقف الشعبية على مواقع التواصل الاجتماعي لصالح الولايات المتحدة، فمن المرجح أن تكون حكومات الخليج العربي أكثر استعداداً للتعاون بشكل وثيق مع الولايات المتحدة”.
وتكشف اتجاهات وسائل التواصل الاجتماعي في العالم العربي عن دعم كبير للرئيس الروسي فلاديمير بوتين. ويقول تقرير -أعده مركز كارنيغي- متعجبا “يأتي هذا الدعم على الرغم من مشاهد القتل والتهجير اليومية في أوكرانيا بالإضافة إلى تأثير الحرب المضر باقتصاديات المنطقة العربية. في هذا السياق، فإن السؤال الذي يستحق اهتمامنا هو: لماذا يوجد دعم لبوتين في العالم العربي؟”.
اتجاهات وسائل التواصل الاجتماعي في العالم العربي تكشف عن دعم كبير للرئيس الروسي فلاديمير بوتين
ومنذ عام 2011 شكل الاستقطاب في الشرق الأوسط ردود فعل الجمهور العربي على السياسة في مواقع التواصل. وبينما يؤثر الاستقطاب الديني – العلماني على الاستجابات للقضايا المحلية والإقليمية، فإن الاستقطاب حول نموذج الحكم (أي الديمقراطية مقابل نموذج الرجل القوي) يشكل ردود الفعل على العديد من القضايا العالمية. وجزء من هذا الاستقطاب هو الصراع المستمر بين روايتين حول أسباب النزاعات العربية وتدهور العديد من الدول العربية منذ عام 2011.
وفي حين أن الرواية “الداعمة للديمقراطية” تعتبر هذا التدهور نتيجة حتمية للاستبداد والمستبدين الذين حكموا المنطقة على مدى عقود، فإن الرواية المضادة تلقي اللوم على الثورات العربية ودعاة الديمقراطية والغرب. وتدعي الرواية الأخيرة -التي تجد دعما على مواقع التواصل- أن نموذج الرجل القوي (الذي يمثله بوتين) يجب أن يلهم الشعوب العربية كمسار للتطور والتأثير على النظام العالمي.
وبالتوازي مع ذلك تمثل ازدواجية ردود الفعل الغربية الرسمية على الغزو الروسي لأوكرانيا عنصرًا آخر في بناء الدعم لبوتين بين السكان العرب. وشاركت الدول الغربية نفسها في الغزو الأميركي للعراق عام 2003 أو تجاهلت ذلك الغزو. وقد تم تأطير الغزو، الذي اعتُبر انتهاكًا للقانون الدولي، على أنه عمل “تحرير”.
ويتهم تقرير مركز كارنيغي الإعلام أيضا بأنه “عنصر حاسم آخر في تشكيل المواقف العربية”، مؤكدا أن “الكثير من المنصات الإعلامية العربية الموجهة لا تزال تركز على إنتاج دعاية محلية لخدمة استقرار الأنظمة الحاكمة في كل منها”.