"استرجاع".. معرض عن الفن التشكيلي في حياة سيد أحمد حمداد

الفنان سجل عبر أعماله، مشاهداته وأسفاره إلى عمق الجزائر، بما تُمثّله صحراؤها الشاسعة، التي تضمُّ مواقع خلابة.
الجمعة 2023/09/22
تصوير للقصور العريقة

الجزائر - على مدى أكثر من نصف قرن، نقش الفنان التشكيلي الجزائريّ سيد أحمد حمداد معالم تجربته الفنيّة بالاتّكاء على عناصر التراث الجزائري بشقيه، المادي وغير المادي. ولوضع جمهور الفن التشكيلي في صورة هذه التجربة الغنيّة والممتدّة في الزمن، أقام هذا الفنان التشكيلي معرضا بغاليري محمد راسم بالجزائر العاصمة، تحت عنوان “استرجاع”، قدّم عبره نماذج من أعماله الفنيّة التي تُغطّي مسيرته ما بين سنتي 1965 و2023، وبلغ مجموع اللّوحات المعروضة 33 لوحة تصويريّة، معظمُها بالألوان الزيتيّة، أبانت عن مدى النضج والإبداع الذي تطوّر لدى هذا الفنان التشكيلي مع مرور الوقت.

ويؤكّد الفنان سيد أحمد حمداد المولود عام 1948، أنّ جذور تجربته الفنيّة تعود إلى سنوات الطفولة، فيقول "تعود الشرارة الأولى لتجربتي الفنيّة إلى ستينات القرن الماضي، عندما كنت تلميذا للرّسام الإسباني كارلوس ألبرتو لوبيز، الحائز على جائزة روما الكبرى، والذي شغل منصب مدرّس الرسم في ثانوية عبدالقادر عزة بسيدي بلعباس (غرب الجزائر). ومنذ بداياتي الأولى، من عام 1965 إلى عام 1968، قمتُ بالفعل بوضع تصوُّري على القماش، من خلال عرض أعمال ذات مواضيع رومانسية، مثل لوحات 'سلسلة القدر'، التي رسمتُها لإبراز صمود الإنسان وشجاعته في المضي قدما".

◙ فنان يستمد خصوصيته من طريقته في استخدام الألوان
◙ فنان يستمد خصوصيته من طريقته في استخدام الألوان

ويُضيف أنّ معرض “استرجاع” يكشف عن المراحل التي مرّ بها في حياته؛ بداية بمدرسته في المرحلة الثانوية، ثم مرحلة البلوغ التي تشكّلت لديه فيها نظرة انتقادية أحيانا، وصوفية أحيانا أخرى، وتارة ثالثة، كانت تتنازعُه نظرة فنّان مولع بتاريخ الجزائر، وجمال طبيعتها.

ويقول حمداد عن هذه المرحلة من تشكُّل ذائقته الفنيّة "قادني إلهامي إلى استغلال مختلف مدارس التعبير، مثل الواقعية والسريالية، وهما من أهمّ التيارات الفنيّة التي يدلّ استكشافها على نضج التفكير، والحاجة إلى تعميق التعبير عن المشاعر، في انسجام تامّ مع مزيج متناغم من الألوان والأدوات الفنيّة".

وسجّل الفنان، عبر مختلف أعماله، مشاهداته وأسفاره إلى عمق الجزائر، بما تمثّله صحراؤها الشاسعة، التي تضمّ مواقع خلّابة، على غرار جانت، والتاسيلي، وصولا إلى مختلف القصور الصحراوية العريقة.

ومن أهم اللوحات التي جلبت الاهتمام، لوحة "الأمير"، التي رسمها بمناسبة عيد الفطر سنة 1967، وتعكس الأصالة والتسامح الذي تبنّاه الأمير عبدالقادر، ونال به تقدير العالم من خلال النياشين التي حصل عليها، فضلا عن لوحة أخرى لطفل من سكان الصحراء الجزائرية، وهو ينزل سلالم أحد القصور القديمة، وهي من عمق أصالة الجزائر، سعى الفنان عبرها إلى تثمين التراث المعماري الصحراوي، الذي يُمثّل التاريخ والمستقبل أيضا، فحركة الطفل وهو يمشي ووالده خلفه يراقب آثاره، تمثّل رمزا للاستمرارية، والمحبّة، والتواصل بين الأجيال.

ويستمدّ الفنان خصوصيته من طريقته في استخدام الألوان، وأصالة موضوعاته التي تؤكّد على حرفيّته، وقدرته على التقاط الأفكار المناسبة للوحاته، وهو الأمر الذي تشكّل لدى هذا الفنان عبر سنوات طويلة من الممارسة الفنيّة المستمرّة.

يشار إلى أنّ سيد أحمد حمداد يقيم حاليا في مدينة شرشال بولاية تيبازة الساحليّة، اشتغل كمهندس في مجال الهيدروكربون، وهو يقضي حياته بعد تقاعده، رسّاما، كما يقوم بالتصميم السينوغرافي، وهو عضو فاعل في عدد من الجمعيات الثقافية.

14