استراتيجية الخداع: كيف تفبرك مظاهرة ويبثها خصومك

معركة جديدة يخوضها المصريون ضد من يسمّونهم “أبواق الفتنة” في الخارج، والذين يدفعون نحو إخراج المصريين في مظاهرات هدفها إسقاط النظام. ويبدو عنوان المرحلة الجديدة هو “صناعة مظاهرة مصورة” وإرسال مقطع الفيديو لمن يهمه الأمر.
القاهرة- أثار تورط قناة الجزيرة القطرية وبعض القنوات المحسوبة على جماعة الإخوان، التي تبث من تركيا، في بث مقطع فيديو لمظاهرة في منطقة نزلة السمان التابعة لمحافظة الجيزة، تبين أنها مفبركة ولا تعدو سوى فيلم تم تجهيزه مسبقا من قبل الشركة المتحدة للخدمات الإعلامية، التي جمعت عددا من المصريين وصورتهم على أنهم يتظاهرون ضد النظام، سخرية لاذعة على مواقع التواصل الاجتماعي.
وكشف عدد من القنوات المصرية “كواليس” الفيلم، وقالت إنه تم إرسال مقاطع الفيديو إلى قناة الجزيرة والمنصات الإعلامية الموالية لجماعة الإخوان في الخارج، وتم بثها على أنها تظاهرات حقيقية في ما أطلق عليه “جمعة الغضب”.
وتملك الشركة المتحدة للخدمات الإعلامية العديد من الصحف والمحطات التلفزيونية في مصر، مثل صحف “اليوم السابع” و”الوطن” و”الدستور” و”صوت الأمة”، إضافة إلى قنوات “أون.تي.في” و”الحياة” و”أكسترا نيوز” و”دي.أم.سي”.
وجرى تداول مشاهد بعنوان “إزاي (كيف) تفبرك مظاهرة”. وخلال مقطع الفيديو ظهر تجمع لمجموعة من الأفراد، فيما تردد صوت شخص في خلفية المشهد، بدا أنه يوجههم خلال عملية التصوير، قائلا “متضحكش (لا تضحك)، كأنك في مظاهرة بجد”. وقال مغردون إن ما فعلته الشركة المتحدة يندرج في إطار ما يعرف عسكريا بـ”استراتيجية الخداع”. وكتب معلق في هذا السياق:
ويشير مفهوم الخداع العسكري إلى “محاولات تضليل قوات العدو خلال الحرب”. وبالنظر إلى الخداع العسكري كوسيلة استراتيجية للمعلومات (التضليل)، فهي تتقاطع مع الحرب النفسية، إلى درجة أنّ أيّ عدوّ يقع في فخّ الخداع، سيفقد الثقة بنفسه، وسيعتريه الشكّ عندما يُواجَه بالحقيقة. وبات المفهوم متداولا مؤخرا في الحروب الإعلامية. وعبر مغرد في هذا السياق:
وبموجب قانون التظاهر الصادر في نوفمبر 2013، ينبغي على الراغبين في التظاهر إخطار السلطات قبل ثلاثة أيام من موعد التظاهرة، فيما يحق لوزير الداخلية منع الاحتجاجات إذا وجد “ما يهدد الأمن والسلم”.
وعلى مواقع التواصل الاجتماعي وفي الإعلام، تدور حرب ضارية بين المصريين في الداخل، وآخرين في الخارج يريدون إسقاط النظام. وتستخدم في هذه الحرب البيانات والمعلومات كأسلحة.
ويعيش المصريون تحت سيل جارف من تدفق الصور ومقاطع الفيديو التي أصبحت جزءا أساسيا من العملية الإعلامية، تجعل العنصر الصحافي الخالي من الصورة، مجرد مادة ميتة لا تستهوي قارئا ولا تشد متصفحا. ويبلغ عدد مستخدمي مواقع التواصل في مصر أكثر من 40 مليون مستخدم.
بالنظر إلى الخداع العسكري كوسيلة استراتيجية للمعلومات (التضليل)، فهي تتقاطع مع الحرب النفسية، إلى درجة أنّ أيّ عدوّ يقع في فخّ الخداع، سيفقد الثقة بنفسه، وسيعتريه الشكّ عندما يُواجَه بالحقيقة
يذكر أن القنوات الإخوانية سقطت الأسبوع الماضي، في فضيحة فبركة مقاطع فيديو قديمة ونشرها على أنها لاحتجاجات الأحد، ومن بينها مقطع فيديو لمشجعي فريقي الأهلي والزمالك، مدعين كذبا أنها مظاهرة للمواطنين في المحلة، وهو ما كشفه “ميدان الشون”، إذ ظهرت في مقطع الفيديو ساعة الميدان التي تمت إزالتها منذ أكثر من 6 أشهر وتمت توسعة الطريق.
وتشير الإحصائيات إلى أن موقع يوتيوب الشهير يشهد كل دقيقة تحميل أربعمئة ساعة فيديو، فيما يتم نشر أكثر من تسعة ملايين صورة ومقطع فيديو عبر إنستغرام، أما واتساب وفيسبوك فالإحصائيات فيهما أكبر من ذلك بكثير.
ووفقا لغريغ ألن زميل المساعد في مركز الأمن الأميركي، “سيواجه الناس في المستقبل المعطيات المرئية والصوتية المزورة والشبيهة بالواقع باستمرار. وبالتالي، سيناضل الجميع لمعرفة ما عليهم تصديقه ومن هو جدير بثقتهم حين يغرقون في دوامة الصورة والصوت والفيديو والوثائق الحقيقية والمزورة على حد سواء.
وشن مغردون عدة هاشتاغات ساخرة على غرار #نزلة_السمان و#نزلة_السمان_فضحت_الخرفان و#الإخوان_خدوا_بالقفا. ومنذ مدة اختار مصريون رافضون للاحتجاج ضد النظام السخرية كسلاح لإسقاط دعوات الاحتجاج، فيما اختار طابور جماعة الإخوان المؤيدين للاحتجاجات التحريض والتضخيم. وغرد إعلامي مصري:
وفي المقابل، دخلت شخصيات محسوبة على جماعة الإخوان المسلمين بثقلها على مواقع التواصل الاجتماعي للتحريض على “التخريب”، ما عده مصريون استهدافا لبلادهم وليس للنظام.
ورد إعلاميون محسوبون على جماعة الإخوان على الفيديو المركب، وقال الإعلامي سامي كمال الدين، الذي كان من أوائل من “ابتعلوا الطعم” ونشر فيديو نزلة السمان المفبرك:
samykamaleldeen@
هذه المظاهرة صورتها الشركة المتحدة للمخابرات الحربية من خلال كومبارس وممثلين، وأرسلتها مع فيديوهات المظاهرات الحقيقية في القرى والمحافظات.. ونشرتها بكل أسف جميع المواقع والقنوات خارج مصر.. وأنا أيضا،لذا أعتذر عن نشرها هنا… #نزلة_السمان.
وسخرت ناشطة:
من جابنها، حذفت الصفحات الرسمية لقناة الجزيرة القطرية، على مواقع التواصل الاجتماعي مقطع الفيديو الخاص بمظاهرات نزلة السمان. كما أقدمت الصفحة الرسمية لموقع “رصد”، التابع لجماعة الإخوان، على حذف مقطع الفيديو المفبرك.