استحواذ عمالقة الإنترنت على السوق الإعلانية يهدد الإعلام المغربي

الدار البيضاء (المغرب) - تسيطر شركات الإنترنت غوغل، ويوتيوب وفيسبوك على نصيب الأسد من المخصصات المالية التي تخصصها الشركات المغربية للإعلانات الرقمية؛ فيما تعاني المواقع الإلكترونية المغربية من شح الإيرادات الإعلانية، وتهددها بالإفلاس، أما الصحف المطبوعة فهي أكثر المتأثرين سلبا من هذا الاستحواذ الإعلاني لعمالقة الإنترنت.
وقال منصف بلخياط، الذي يشغل منصب الرئيس التنفيذي لمجموعة “وب أفريقا” المتخصصة في مجال الإعلانات الرقمية والورقية والإذاعات والقنوات التلفزيونية، إن مستقبل الصحف الورقية مهدد في ظل التقدم المطّرد لحصص المواقع الإخبارية الرقمية، وهذا يتطلب من المسؤولين والمهنيين الجلوس إلى طاولة المشاورات لوقف توجه المعلنين صوب المنصات العالمية، والعمل على تشجيع المحتوى الصحافي المغربي.
وطالب بلخياط، في لقاء صحافي عقده بالدار البيضاء، نهاية الأسبوع الماضي، بضرورة الحد من هيمنة المواقع الاجتماعية ومنصات “الميديا” والبحث على شبكة الإنترنت (غوغل، يوتيوب وفيسبوك) على أكثر من 80 بالمئة من سوق الإعلانات المغربية، أي بما يناهز 240 مليون درهم (الدولار= 10 دراهم) فيما لا تتجاوز حصة المواقع الإخبارية المغربية على شبكة الإنترنيت 60 مليون درهم.
وأكد ضرورة انكباب الحكومة المقبلة على تقنين الحصص السوقية القصوى لهذه المنصات العالمية وتخفيضها إلى 50 بالمئة على الأقل لإنقاذ الصحافة الرقمية من الإفلاس الذي يتهددها، وتعزيز صناعة المحتوى الصحافي المغربي على الإنترنت.
ويعتبر متابعون ومتخصصون في مجال الاتصال والإعلام أن هذه المشكلات لا تواجه المغرب وحده، إذ تعاني منها غالبية دول العالم بما فيها الدول الغربية، إلا أن المشكلة تتضاعف في الدول النامية والمنطقة العربية عموما نظرا إلى أن صناعة المحتوى الإعلامي لا تزال في طور النمو، وتحتاج إلى تحسين وتطوير أدائها سواء في الإعلام التقليدي أو الإلكتروني، هذا بالإضافة إلى أن الصحف المطبوعة تعيش على الإعلانات، إذ لا يمكنها بأي حال الاعتماد على سوق التوزيع المتردي أساسا.
وتتعمق المشكلة مع السرعة الهائلة التي تطور بها شركات الإنترنت أدواتها ومحتواها لاجتذاب أكبر عدد ممكن من المعلنين، فمنذ أيام، ذكرت تقارير إخبارية أن شركة فيسبوك، ستجرب خاصية إعلانات في “منتصف عرض مقاطع الفيديو” حيث تظهر على الشاشة بعد بدء تشغيل الفيديو بالفعل.
|
وقالت إيليني مارولي وهي محللة لدى شركة “آي إتش آس ماركت” إن الإعلانات على الأرجح ستظهر في فيسبوك أولا على مقاطع فيديو يبثها ناشرون متخصصون.
وكانت فيسبوك تعارض السماح بالإعلانات التي تسبق بدء عرض ملفات الفيديو. وسيحصل الناشرون على 55 بالمئة من إيرادات مبيعات الإعلانات في منتصف الفيديو، حسبما أفاد موقع “ريكود” لأخبار التكنولوجيا.
وقالت إيليني مارولي المحللة في مجال التكنولوجيا إن “المعلنين يحرصون بشكل خاص على (خدمة) إعلانات الفيديو”. وأضافت “إذا أراد فيسبوك هذه الدولارات من الإعلانات المصورة، فإنه يجب عليه الاستثمار أكثر في الفيديو”.
وتابعت مارولي في تصريح لـ”بي بي سي” إنها لا تعتقد بأن هذا النوع من الإعلانات سيكون بالضرورة مزعجا للمستخدمين الذين يشاهدون مقطع فيديو على فيسبوك، لكنها أشارت إلى أن الأمر متروك للشبكة الاجتماعية الشهيرة لتقرر على سبيل المثال إذا كان المحتوى المنشور (لإعلان الفيديو) سيبقى موجزا ولمدة زمنية أقل من الإعلانات التلفزيونية التقليدية.
وأعربت عن اعتقادها بأن فيسبوك في كل الأحوال حريص على زيادة الإيرادات التي يمكنه تحصيلها من المحتوى المصور الذي يُبث على الموقع.
وكان فيسبوك أقرّ العام الماضي بأنه بالغ في تقدير الإحصائيات الخاصة بمشاهدة بعض مقاطع الفيديو بنسبة وصلت إلى نحو 80 بالمئة.
وتتابع فيسبوك اكتساح سوق الإعلان عبر تطبيقها إنستغرام، الذي سيصبح لاعبا أكثر أهمية في الحفاظ على نمو إيرادات الإعلانات لفيسبوك في 2017.
وخلال آخر مؤتمرين عبر الهاتف لإعلان النتائج المالية قال رؤساء تنفيذيون لفيسبوك إنهم قد يصلون قريبا إلى حدّ معين بشأن كمّ الإعلانات التي يمكن أن يضعوها أمام المستخدمين وهو من العوامل المهمة في نمو إيرادات الإعلانات.
ويشعر المشترون الإعلاميون بالتفاؤل إزاء قدرة إنستغرام على الحفاظ على مكانة فيسبوك، الذي يحتل المركز الثاني بعد شركة غوغل المملوكة لألفابت، في سوق الإعلانات الرقمية.
وقال نواه مالين رئيس قسم التواصل الاجتماعي في وكالة “إم.إي.سي” الإعلانية “قد يصبح إنستغرام مصدرا قويا للإيرادات لفيسبوك مثلما كان يوتيوب لغوغل”.
ويمكن أن ينشر المستخدمون والشركات في قصص إنستغرام، سلسلة من الصور ومقاطع الفيديو التي تختفي بعد 24 ساعة.
ودشنت إنستغرام الخدمة في أغسطس الماضي وأصبح لها الآن نحو 150 مليون مستخدم نشط يوميا حسبما يقول جيم سكاويرز مدير عمليات الأسواق في إنستغرام.
وسيظهر المنتج الجديد للإعلانات على فترات متقطعة مع تنقل المستخدمين بين الصور ومقاطع الفيديو على (قصص إنستغرام). وتختبر الشركة الخاصية الجديدة مع معلنين كبار مثل جنرال موتورز ونايكيوإير بي إن بي.
ويتوقع مراقبو الإعلام أن تشكل هذه التطورات والتحديثات المستمرة تحديا للمواقع الإلكترونية العربية التي تئن تحت وطأة استحواذ شركات الإنترنت على السوق الإعلانية الرقمية، لهذا لا خيار لديها سوى بإثبات جودة المحتوى وكسب ثقة الجمهور العربي، بمصداقية وتميز القصص المقدمة.