استثمارات بريطانية توسع آفاق الطاقة النظيفة في تونس

تونس - أحيت مجموعة تونور البريطانية طموحاتها للاستثمار في مشاريع الطاقة المتجددة في تونس بعد سنوات من التردد لدخول السوق المحلية بسبب الاضطرابات التي مرت بها البلاد خلال العشرية الماضية.
وقالت وزارة الاقتصاد والتخطيط في بيان نشرته على حسابها في فيسبوك مساء الثلاثاء الماضي إن “تونور قدمت برنامج استثمار لإقامة محطة لإنتاج الكهرباء من الطاقة الشمسية بقيمة 1.5 مليار دولار بولايتي (محافظتي) قابس وقبلي” جنوب البلاد.
وذكرت الوزارة أن لقاء جمع وزير الاقتصاد سمير سعيد بالمدير التنفيذي لتونور المتخصصة في مجال الطاقة المتجددة، دانيال ريتش الذي كشف أن حجم الاستثمار، سيكون بمقدوره الوصول إلى قدرة إنتاجية تناهز 500 ميغاواط، ستوجه إلى السوق الأوروبية.

سمير سعيد: تونور ستبني محطتين شمسيتين بتكلفة 1.5 مليار دولار
وتعاني أوروبا من تذبذب وفرة الطاقة الكهربائية بسبب أزمة الغاز الطبيعي الناجمة منذ بدء الحرب الروسية الأوكرانية، ومحاولة دول الاتحاد الأوروبي خفض الاعتماد على مصادر الطاقة الروسية.
ووفق البيان، ذكر ريتش أن “الموقع الجغرافي لتونس إستراتيجي، يمكن أن يجعل منها أحد أبرز المواقع في شمال أفريقيا لإنتاج وتزويد أوروبا بالكهرباء”.
وستستفيد تونور من طبيعة الطقس في تونس الذي يتضمن أيام حرارة مرتفعة أكثر من أي دولة في أوروبا إلى جانب توفر البنية التحتية اللازمة لتوصيل الكهرباء إلى القارة الأوروبية.
وتطمح تونس، في إطار مخططها الشمسي، إلى إنتاج 3815 ميغاواط من الكهرباء بالاعتماد على الطاقات المتجددة وانطلاقا من الزيادة في حصة هذه الطاقة في الإنتاج الإجمالي للكهرباء بنسبة 30 في المئة بحلول 2030.
لكنها لم تتمكن حتى الآن من إنتاج سوى حوالي 500 ميغاواط من المصادر المستدامة أي ما يعادل 3 في المئة من حجم إنتاج الكهرباء الإجمالي.
وكانت الحكومة التونسية قد كشفت في مطلع يونيو الماضي عن ملامح خطة طموحة لتنويع مزيج الطاقة عبر إطلاق حزمة مشاريع لإنتاج الكهرباء من المصادر النظيفة حتى نهاية العقد الحالي.
وقالت وزيرة الطاقة نائلة نويرة حينها إن “الحكومة تستهدف توليد 35 في المئة من الكهرباء من الطاقة البديلة بحلول 2030”. وقدرت الاستثمارات اللازمة لذلك بعشرة مليارات دينار (نحو 3.3 مليار دولار).
وفي مايو الماضي، كشفت الوزيرة أن بلادها ستطرح مناقصات دولية في يونيو سعيا للحصول على عروض لإنتاج ألفي ميغاواط من الطاقة الشمسية والرياح.
وتقدمت تونس خطوة أخرى في مساعيها لبناء اقتصاد معدوم الكربون في إطار إستراتيجيتها في هذا المضمار بالإعلان في مارس الماضي عن خمسة مشاريع جديدة للطاقة المستدامة سيتم تنفيذها خلال هذا العام.
وتأتي المشاريع البالغة تكلفتها 412 مليون دولار، وستتولى ثلاث شركات عالمية وإقليمية تنفيذها، ضمن خطط الحكومة للضغط أكثر على عجز الطاقة الذي يكلف الدولة سنويا الملايين من الدولارات.
وتواجه تونس خسائر في الموازنة الحالية بحوالي 4 مليارات دينار (1.31 مليار دولار) بسبب تداعيات الأزمة في شرق أوروبا على قطاع الطاقة، المتضرر الرئيسي.
ويكاد إنتاج تونس من الكهرباء يغطي الاستهلاك المحلي، إلا أنها تضطر إلى الاستيراد من الجزائر والمغرب في حالات استثنائية خاصة عند وقوع أعطاب في وحدات التوليد.
وتستورد تونس من الجزائر بقدرة 500 ميغاواط، فيما أنتجت صيف 2020، نحو 4.6 ألف ميغاواط، بينما احتياجاتها لا تتجاوز 4.1 ألف ميغاواط بحسب شركة الكهرباء والغاز الحكومية (ستاغ).
ورغم اضطرار تونس إلى استيراد الكهرباء، فإن نسبة الوصول إلى الكهرباء في المدن والأرياف تبلغ مئة في المئة، وفق البنك الدولي.
محاولات الحكومة تبسيط الإجراءات المتعلقة بإنشاء مشاريع الطاقة لتدارك ما فاتها قياسا بدول أخرى في المنطقة العربية تبدو معقدة وهي رهينة تحسن مناخ الأعمال
ودخلت تونس في عام 2019 مرحلة توليد الطاقة النظيفة بتدشين أولى مراحل تشغيل محطة توزر للطاقة الشمسية، في تحول نوعي في سياسات الدولة، الساعية لتسريع وتيرة برامجها في هذا المجال لتقليص فاتورة دعم الطاقة التي تلتهم ثلث موازنة الدولة سنويا.
وكانت تونس قد حددت احتياجاتها من الموارد المالية بحوالي 20 مليار دولار لتنفيذ تعهداتها المتعقلة بتقليص انبعاثات الغازات الدفيئة بنسبة 41 في المئة والتأقلم مع تغيرات المناخ، ولكن حتى الآن لم تتمكن من تعبئة الدعم المالي الدولي اللازم لتنفيذ خططها.
وفي مايو 2018 وافقت السلطات على منح القطاع الخاص تراخيص تشييد 10 محطات للطاقة الشمسية بقيمة 81 مليون دولار، ست منها ستنتج مجتمعة 60 ميغاواط، بينما تبلغ طاقة إنتاج المحطات الأربع الأخرى مجتمعة 4 ميغاواط.
ولكن وتيرة المشاريع الخضراء التي تراهن عليها تونس فقدت قوة الدفع بفعل آثار الوباء على الاستثمار بشكل عام، ما جعلها تسقط في فخ التراجع، وفق المنتدى الاقتصادي العالمي الذي أظهر مؤشره خسارة القطاع أربع نقاط.
ويؤكد خبراء أن محاولات الحكومة تبسيط الإجراءات المتعلقة بإنشاء مشاريع الطاقة لتدارك ما فاتها قياسا بدول أخرى في المنطقة العربية تبدو معقدة وهي رهينة تحسن مناخ الأعمال.