استثمارات الطاقة النظيفة تصطدم بجدار من التحديات

35 تريليون دولار يحتاجها العالم في مشاريع التحول الأخضر بحلول نهاية العقد الحالي.
الأربعاء 2023/03/29
ما اسم الجهاز الذي يقيس التيار الكهربائي؟

تلتقي تقييمات الخبراء والتقارير الدولية عند نقطة مفصلية تتعلق ببطء أغلب البلدان في إجراء تعديلات جوهرية تساعد في تحفيز الاستثمارات الخضراء لتحقيق أهداف المناخ، في ظل وجود مؤشرات ترجح نمو تدفق رؤوس الأموال إلى مشاريع الوقود الأحفوري.

لندن - كرر خبراء الوكالة الدولية للطاقة المتجددة (آيرينا) الرأي السائد منذ فترة بأن حجم الاستثمارات التي يجب توجيهها إلى التحول الأخضر لا تزال ضعيفة وأنها تصطدم بجدار منيع من التحديات على ما يبدو.

ورأت الوكالة في تقرير حديث نشرته الثلاثاء أن الاستثمارات العالمية في تقنيات تحول الطاقة يتعين أن تتضاعف أكثر من أربع مرات سنويا لتتماشى مع التعهدات التي تم قطعها بموجب اتفاقية باريس للمناخ.

وتعكس تقييمات آيرينا حقيقة بطء الحكومات في التركيز بشكل أكبر على المشاريع المستدامة لمساعدة المجتمعات الحضرية والقرى على الاستفادة من الكهرباء خارج نطاق الشبكات المحلية.

فرانشيسكو لا كاميرا: الدعم الأساسي للدول النامية يرتكز على الطاقة البديلة
فرانشيسكو لا كاميرا: الدعم الأساسي للدول النامية يرتكز على الطاقة البديلة

وتتصدّر اتجاهات التحول إلى مجال الطاقة الخضراء أولويات معظم حكومات العالم، لكن حجم الاستثمار والدعم المطلوب للمشاريع في هذا القطاع الواعد لا يزال يشكل تحديا كبيرا لدول تعاني من ضائقات مالية أثّرت على اقتصاداتها.

وضخ المستثمرون حول العالم أموالا أكثر من أيّ وقت مضى في الطاقة النظيفة في العامين الماضيين، لكن الوتيرة ما تزال بعيدة عن أن تكفي للجم انبعاثات الكربون المتزايدة خاصة مع عودة الصين لاستخدام الفحم.

وسارت البنوك والشركات بخطى سريعة منذ العام 2021 باتجاه الالتزام بالمزيد من التمويل للمشاريع الصديقة للمناخ بعد أن ضخت تريليونات الدولارات في النفط والغاز والفحم في السنوات الأخيرة.

واعتبرت آيرينا أن الاستثمارات في تقنيات الطاقة المتجددة وصلت إلى مستوى قياسي بلغ حوالي 1.3 تريليون دولار العام الماضي.

لكن الخبراء يعتقدون أن هذا الرقم يجب أن يرتفع إلى نحو خمسة تريليونات دولار سنويا لتلبية الهدف الرئيسي المتمثل في منع درجة الحرارة العالمية من تجاوز 1.5 درجة مئوية فوق مستويات ما قبل الصناعة.

وقال فرانشيسكو لا كاميرا المدير العام للوكالة إن “التحول الأساسي في دعم الدول النامية يجب أن يركّز بشكل أكبر على الوصول إلى الطاقة وتجنب تبعات تغير المناخ”.

ويحتاج العالم إجمالا إلى حوالي 35 تريليون دولار لتكنولوجيا التحول الأخضر بحلول 2030، وهو ما يشمل تحسين الكفاءة والكهرباء وتوسيع الشبكات والمرونة.

ألبرت تشيونغ: الزيادة المسجلة في حجم الاستثمار الأخضر ليست كبيرة
ألبرت تشيونغ: الزيادة المسجلة في حجم الاستثمار الأخضر ليست كبيرة

ويتطلب نشر الطاقة المتجددة إلى مستوى نمو من حوالي 3 آلاف غيغاواط سنويا راهنا إلى أكثر من 10 آلاف غيغاواط في 2030.

ومن هذا المنطلق يعتقد لا كاميرا أن هناك حاجة ملحة إلى المزيد من المساواة في التوسع بالطاقة البديلة بين البلدان الصناعية والنامية. ودعا المؤسسات المالية إلى توجيه المزيد من الأموال نحو مشاريع تحويل الطاقة بشروط أفضل.

ورغم صعوبة هذه المهمة فإنها تفتح آفاقا غير مسبوقة لإنعاش الاقتصادات والحد من مشكلة الفقر، فتوقعات آيرينا تنطوي على أهمية بالغة كونها ترسم أطر السياسات وهياكل التمويل اللازمة لضمان تحول نظام الطاقة بصورة عادلة وشاملة.

وثمة إجماع بأن العقد الحالي سيكون محوريا لتحقيق أهداف اتفاقية باريس للمناخ وأهداف التنمية المستدامة، وسيفضي التأخر في ذلك إلى تفاقم ظاهرة الاحتباس الحراري، إضافة إلى التبعات الاقتصادية والإنسانية غير القابلة للإصلاح.

وتؤكد إحصائيات رسمية أن حجم مشاريع الطاقة البديلة الجديدة في الصين والاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة بلغ ثلثي طاقة التشغيل المثبتة في العام الماضي، بينما بلغ في أفريقيا واحدا في المئة فقط من الطاقة المثبتة.

وتُظهر الزيادة الطفيفة في تمويل المشاريع الخضراء في 2022 مناعة هذه الصناعة التي تقود المعركة ضد تغير المناخ رغم ارتفاع التكاليف بسبب ارتفاع أسعار السلع الأساسية.

موديز تقدر نمو استثمارات الوقود الأحفوري خلال 2023 بنحو 12.8 في المئة لتبلغ 470 مليار دولار
موديز تقدر نمو استثمارات الوقود الأحفوري خلال 2023 بنحو 12.8 في المئة لتبلغ 470 مليار دولار

ومع ذلك، فهي أقل بكثير مما تحتاجه الدول والشركات للوصول إلى أهدافها في الحد من الانبعاثات خلال العقود القادمة وهو ما يعني أنها في خضم سعيها لمقاومة كل التحديات والصعوبات إلا أنها تصطدم بجدار منيع قبل بلوغ الهدف.

ويقول ألبرت تشيونغ رئيس قسم التحليل في بلومبرغ أن.إي.أف إن الاستثمار في الطاقة المستدامة صمد أمام نتائج الوباء العالمي على عكس مجالات أخرى في قطاع الطاقة الذي شهد تقلبات غير مسبوقة لكن الزيادة المسجلة في حجم الاستثمار ليست كبيرة.

وتشير العديد من الدراسات إلى أن تسريع وتيرة تحول نظام الطاقة استنادا إلى الخطط الموضوعة لحماية المناخ سيحفز نمو الاقتصاد العالمي بنسبة 2.4 في المئة خلال هذا العقد.

ومن المتوقع أن يسهم هذا المسعى ليس فقط من الناحية البيئية، ولكن أيضا في توفير 122 مليون فرصة عمل في القطاع بحلول 2050، وهذا يتجاوز ضعف عدد الوظائف الحالية البالغة 58 مليون وظيفة.

وحاليا يستأثر قطاع الطاقة البديلة وحده بأكثر من ثلث فرص العمل مع توفيره 43 مليون وظيفة في العالم، وقد ساهم في دعم التعافي الاقتصادي للدول بعد الأزمة الصحية، كما حفّز نموّها قبل أن تظهر أزمة التضخم مع اندلاع الحرب في أوكرانيا.

ومع ذلك يشكل إصرار منتجي الوقود الأحفوري على توسيع استثماراتهم في الفترة المقبلة بداعي تلبية تنامي الطلب العالمي من النفط والغاز أحد العراقيل التي قد تجعل زيادة المشاريع الخضراء تسير ببطء.

ولذلك حث لا كاميرا إلى توجيه الاستثمارات المخطط لها في الوقود الأحفوري، والبالغة حوالي تريليون دولار من استثمارات الوقود الأحفوري سنويا بحلول عام 2030، نحو تقنيات الطاقة المتجددة والبنية التحتية لها.

Thumbnail

ويتزامن صدور تقرير آيرينا مع ترجيح وكالة موديز للتصنيفات الائتمانية أن ترفع شركات الطاقة العالمية استثماراتها خاصة في منطقة الشرق الأوسط بهدف تطوير واستغلال احتياطيات المنطقة مع ارتفاع أسعار الخام.

وتقدّر موديز نمو الاستثمارات في عمليات التنقيب والإنتاج خلال العام الجاري بنحو 12.8 في المئة لتصل إلى 470 مليار دولار على أساس سنوي.

وبحسب بيانات وكالة التصنيف كانت استثمارات القطاع قد نمت في العام الماضي بواقع 8.6 في المئة لتبلغ 417 مليار دولار بمقارنة سنوية.

ورغم القفزة في هذا النمو إلا أن هذه المعدلات ما زالت أدنى من الاستثمارات خلال الفترة الفاصلة بين عامي 2015 و2019، والتي تراوحت بين نصف تريليون دولار إلى 660 مليار دولار.

وتأتي الاستثمارات مع استمرار ارتفاع أسعار النفط في تقديم الحوافز لتطوير واستغلال الاحتياطات بعد اختلال التوازن في السوق، والذي كان يتراكم منذ 2017 ما أدى إلى سلسلة من الصدمات التي تسببت في تحليق الأسعار نحو مستوى قياسي العام الماضي.

11