استثمارات الخليج دعم جديد لإنعاش الاقتصاد المصري

القاهرة على أعتاب فورة في تدفق رؤوس الأموال من جيرانها تساعدها على مواجهة التغيرات.
الجمعة 2025/04/18
مجرد عينة أولى من المشاريع

تتوقع القاهرة ضخ المزيد من الاستثمارات الخليجية في الفترة المقبلة، التي تأتي في وقت مفصلي، حيث تساعدها على التصدي للتغيرات العالمية، والتداعيات الناشئة عن التوترات والصراعات في المنطقة، بدعم من السعودية وقطر والكويت، وقبلها الإمارات التي أنقذت الاقتصاد المصري من أسوأ أزماته التاريخية العام الماضي عبر صفقة رأس الحكمة.

القاهرة - لا تزال الاستثمارات الخليجية محركا رئيسيا للاقتصاد المصري وأحد أهم عوامل التنشيط لمساعدة القاهرة على تلافي التأثير الناجم عن التحديات الداخلية والتوترات الخارجية، ومن المتوقع أن تعطي نتائج إيجابية على قطاعات مختلفة في البلاد.

وتلقت تلك الاستثمارات دفعة قوية بزيارة الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي إلى قطر والكويت أخيرا، وتزامن معها انعقاد المنتدى الاستثماري المصري – السعودي بالعاصمة القاهرة.

وبدأت زيارة السيسي إلى قطر تؤتي ثمارها، حيث منح مجلس الوزراء الضوء الأخضر لوزارة الاستثمار لإعادة تشكيل مجلس الأعمال المصري – القطري، الذي توقف نشاطه عام 2014، إلى جانب حزمة استثمارات تقدمها الدوحة تقدر قيمتها بنحو 7.5 مليار دولار.

ويهدف التشكيل المرتقب للمجلس إلى تحفيز التعاون الاقتصادي بين مصر وقطر، وهو ما يعزز فرص الاستثمار بين البلدين في مجالات متعددة.

وأعلن مجلس الأعمال المصري – السعودي أن الشركات السعودية تستهدف زيادة استثماراتها في مصر من 35 مليار دولار إلى 50 مليارا في السنوات الأربع المقبلة عبر 5 مشاريع كبرى.

وعرض محافظ البنك المركزي المصري حسن عبدالله على المستثمرين السعوديين إيداع أموالهم في الجهاز المصرفي بالبلاد للحصول على عوائد تنافسية، كبديل عن التقلبات في الأسواق الدولية.

محرم هلال: تفعيل مجلس الأعمال المصري - القطري خطوة محورية
محرم هلال: تفعيل مجلس الأعمال المصري - القطري خطوة محورية

وسيتم توفير الفرصة للاستفادة القصوى من هذه الودائع لدعم السيولة في مصر، مع استمرار السياسة التي تضمن عدم فرض قيود على تحويلات الدولار، وإطلاق وحدة لإدارة الثروات في البنك الأهلي المصري لتلبية احتياجات المستثمرين.

وأعلنت الكويت عزمها تنفيذ استثمارات كبيرة في الاقتصاد المصري، مستفيدة من الفرص المتاحة في مجالات الطاقة والزراعة والصناعة وتكنولوجيا المعلومات، ما يعكس رغبة قوية في استثمار جزء من الثروات في الاقتصاد المصري.

ويعكس الزخم المتزايد في الاستثمارات الخليجية في الاقتصاد المصري دعما قويا من بعض الدول الخليجية للقاهرة في ظل التحديات الاقتصادية العالمية، ويبرهن على ثقة المستثمرين الخليجيين في قدرة الاقتصاد المصري تحقيق النمو المستدام.

ويؤكد تنوع مجالات الاستثمار، من الصناعة والطاقة إلى تكنولوجيا المعلومات والصناعات المتقدمة، تحول الاقتصاد المصري إلى وجهة جذب للاستثمار في قطاعات متعددة ومبتكرة.

وتعزز الاستثمارات الخليجية دعم الاحتياطي النقدي من العملات الأجنبية، وتسهم في استقرار سعر الجنيه والحد من التقلبات الناتجة عن التحديات الاقتصادية العالمية.

وتمكّن هذه الاستثمارات الحكومة المصرية من توجيه المزيد من الموارد إلى مشاريع التنمية والبنية التحتية التي تسهم في تحسين مستويات المعيشة وزيادة فرص العمل.

ومن المرجح أن يكون لهذه الاستثمارات تأثيرات إيجابي على الاقتصاد المصري، فعلى المدى القصير ستسهم في زيادة النمو ومعدل الإنتاج، وتوفير العديد من فرص العمل في القطاعات الحيوية، وبالتالي خفض معدلات البطالة في البلاد.

وعلى المدى الطويل، يمكن أن تسهم الاستثمارات في تعزيز اقتصاد أكبر بلد عربي من حيث تعداد السكان بشكل مستدام، وتساعد في تطوير البنية التحتية للمشاريع الكبرى، وزيادة التصدير، ما يفتح المزيد من الأسواق الخارجية أمام المنتجات المصرية.

وقد تؤدي هذه التوسعات إلى تحسين الجدارة الائتمانية لمصر، وربما رفعها دون الاقتصار على النظرات الإيجابية والمستقرة من جانب وكالات التصنيف العالمية، ما يسهل الحصول على التمويلات اللازمة لمشاريع التنمية المستقبلية.

وقال رئيس مجلس الأعمال المصري – القطري السابق محرم هلال إن “زيارة الرئيس السيسي إلى الدوحة سوف تعزز التنسيق مع دول الخليج الأخرى، وفي مقدمتها الإمارات والسعودية لمواجهة التحديات الاقتصادية والتغيرات المحتملة في المشهد التجاري الدولي، خاصة ما يتعلق بالرسوم الجمركية الأميركية وتأثيرها على تدفقات التجارة.”

وتوقع في تصريحات لـ”العرب” أن تشهد الفترة المقبلة ضخ استثمارات جديدة من قطر في السوق المصرية وتفعيل آليات التعاون الاقتصادي المشترك.

وأوضح أن إعادة تفعيل المجلس خطوة محورية لجذب استثمارات قطرية مضاعفة إلى السوق المصرية، حيث كان للمجلس دور بارز في استقطاب العديد من الشركات الكبرى من قطر إلى مصر.

ووسط هذا الزخم الخليجي يصعب إغفال الدور الإماراتي في دعم الاقتصاد المصري، وكانت صفقة رأس الحكمة العام الماضي نواة لاستثمارات لاحقة.

وانتزعت تلك الصفقة الضخمة مصر من أزمة اقتصادية طاحنة ومهدت لجذب الاستثمارات بعد إجهاض معضلة العملة الأجنبية وأزمة الدولار التي شهدتهما البلاد في السابق.

وقال الخبير الاقتصادي المصري أشرف غراب لـ”العرب” إن “زيارة الرئيس السيسي إلى قطر والكويت جاءت في وقت مهم، وسط تغيرات تشهدها السياسات التجارية العالمية.”

أشرف غراب: الفترة المقبلة ستشهد زيادة في تدفق الاستثمار الخليجي
أشرف غراب: الفترة المقبلة ستشهد زيادة في تدفق الاستثمار الخليجي

وأضاف “مع إعادة تشكيل خريطة التجارة الدولية، فإن الفترة المقبلة تتطلب تعزيز التعاون العربي لاستغلال المزايا النسبية بين دوله، بما ينعكس على التنمية الشاملة.”

وأشار غراب إلى أن الفترة المقبلة سوف تشهد زيادة الاستثمارات من دول السعودية وقطر والكويت وتنفيذ مشروعات كبرى في البلاد على غرار مشروع تطوير رأس الحكمة.

ومن آن إلى آخر تشهد الاستثمارات الخليجية في مصر فترات من الصعود والهبوط، كما هو الحال مع أيّ استثمار، بناء على عدة عوامل اقتصادية وسياسية.

وتعود أسباب الصعود إلى الثقة في التوجهات المصرية لتحسين بيئة الاستثمار وتسهيل الإجراءات القانونية التي تعد من العوامل التي تعزز تدفق الاستثمارات الخليجية.

وستدعم رؤوس الأموال القادمة من منطقة الخليج الجهود الرامية لتعزيز الشراكات الاقتصادية، إضافة إلى أن المشاريع الكبرى التي يتم تنفيذها باتت أساسا قويا لجذب المزيد من الاستثمارات.

كما أن الفرص المتاحة بقطاعات مثل الطاقة المتجددة، وتكنولوجيا المعلومات، توفر فرصا واعدة للاستثمار الخليجي، ما يعزز من جاذبية السوق المصري.

ويرى محللون أن أسباب الهبوط تحدث مع التقلبات الاقتصادية العالمية، ويمكن أن تؤثر الأزمات الاقتصادية العالمية المختلفة على قرارات الاستثمارات الخليجية.

وتلعب الضغوط الداخلية مثل حدوث تراجع في الأداء الاقتصادي أو عدم الاستقرار السياسي دورا في تحديد حجم الاستثمارات، ما يعيق بعض المشاريع الكبرى، علاوة على التغيرات في السياسات النقدية والضريبية بمصر.

ويعتقد المحللون أن مشاكل من تلك النوع تؤثر سلبا على تدفق الاستثمارات الخليجية في حال كانت السياسات تفرض المزيد من القيود وتزيد من منسوب الرسوم الجمركية.

11