استبعاد باسيل من حكومة دياب الجديدة بغطاء من حزب الله

المحتجّون يعتبرون أنّ الحكومة لا تتجاوب مع مطالبهم، لأن الأحزاب السياسية التي يرفضونها هي التي قامت بتسمية الوزراء.
الأربعاء 2020/01/22
مهمة معقدة

بيروت - أعلنت الرئاسة اللبنانية عن تشكيلة الحكومة الجديدة بقيادة حسان دياب والتي تنتظرها مهام صعبة ومعقدة من أجل إيجاد حلول عاجلة لإنعاش الاقتصاد المنهار وتهدئة الشارع اللبناني المنتفض ضد الطبقة السياسية في احتجاجات غير مسبوقة منذ ثلاثة أشهر.

وتتألف الحكومة الجديدة من عشرين وزيراً يتولّون جميعاً، باستثناء رئيس الحكومة حسّان دياب ووزير البيئة دميانوس قطار، حقائب وزارية للمرة الأولى.

وشهدت الحكومة اللبنانية غياب جبران باسيل، صهرِ الرئيس اللبناني ميشال عون، والذي كان يتولى منصب وزير الخارجية في حكومة تسيير الأعمال اللبنانية.

ويبدو أن انتفاضة زعيم تيار المردة سليمان فرنجية على التيار الوطني الحر ورئيسه جبران باسيل والتي ما كانت لتتم لولا وجود ضوء أخضر من حزب الله، كان لها التأثير الأكبر في استبعاد باسيل من التشكيلة الجديدة.

وكان فرنجية الأكثر وضوحا في توجيه الاتهام لباسيل حيث صرح في المؤتمر الصحافي الذي عقده قبل ظهر أمس أن “طمع الوزير جبران باسيل وجشعه هو ما يعرقل تأليف الحكومة”، في إشارة إلى سعي وزير الخارجية في حكومة تصريف الأعمال للحصول على العدد الأكبر من الوزراء في الحكومة بما يمنحه حق “الثلث المعطّل”.

وكانت حكومة حسان دياب على أبواب الإعلان عنها الخميس الماضي لكن لعنة اللحظات الأخيرة أجهضتها، وسط اتهامات لباسيل بمحاولة الاستئثار بحصة الأسد من الحكومة.

وقال مراقبون إنه من الواضح أنه تم التضحية بجبران باسيل من طرف حزب الله باستعباده، نظرا لتشكيله عائقا أمام مساعي الحزب للتسريع بتشكيل حكومة جديدة تمنحه غطاء سياسي داخلي ودولي في ظل التطورات بالمنطقة.  

وتسارعت وتيرة الاتصالات بين حزب الله وحلفائه السياسيين في الفترة الأخيرة للتسريع بتشكيل حكومة دياب، لأنه من صالح الحزب اللبناني تشكيل حكومة في أسرع وقت ممكن في ظل التدهور الاقتصادي والاجتماعي الحاصل في لبنان، إضافة إلى الوضع الإقليمي والدولي الحرج والذي يفرض عليه تسريع توفير غطاء سياسي.

وفي محاولة لاستمالة الشارع اللبناني الذي واصل تحركاته الاحتجاجية حتى بعد الإعلان عن تشكيل الحكومة، قال حسان دياب "أحيّي الانتفاضة الثورة التي دفعت نحو هذا المسار فانتصر لبنان"، واصفا حكومته بأنها "حكومة تعبّر عن تطلّعات المعتصمين على مساحة الوطن خلال أكثر من ثلاثة أشهر من الغضب".

وحذر رئيس الحكومة اللبناني غداة إعلان تشكيل مجلس الوزراء أن بلاده تواجه "كارثة" اقتصادية جعلها من أولويات عمله في المرحلة المقبلة.

كما اعترف دياب بالتحديات الصعبة التي تنتظر الحكومة المطالبة بحلول عملية وعاجلة لتصحيح مسار الوضع الاقتصادي المتدهور وانقاذ البلاد من حافة الانهيار.

وأكّد دياب أنّ الحكومة تتألّف من "تكنوقراط" و"غير حزبيين"، علماً أنّ التقارير الإعلامية والتصريحات السياسية منذ بدأت تتسرب الأسماء المشاركة في الحكومة، تؤكّد أنّ الوزراء محسوبين إلى حد بعيد على أحزاب سياسية كبرى.

ومن بين الوزراء الجدد السفير السابق ناصيف حتي الذي عيّن وزيراً للخارجية، والخبير الاقتصادي غازي وزني الذي عيّن وزيراً للمالية. وذكرت تقارير إعلامية أن الأوّل قريب من رئيس "التيار الوطني الحر" وزير الخارجية السابق جبران باسيل، والثاني من رئيس المجلس النيابي نبيه بري.

وبعد الانتهاء من إعداد بيانها الوزاري، يتعين على الحكومة الجديدة الحصول على ثقة المجلس النيابي، وهو أمر مرجح كون الأحزاب الممثلة فيها، والتي دعمت تكليف دياب، مثل حزب الله وحلفائه تحظى بغالبية في البرلمان.

Thumbnail

وكانت ردّة الفعل الشعبية الأولى على تشكيل الحكومة تمثّلت في نزول العديد من المواطنين إلى الشارع، وقد عمدوا إلى قطع طريق رئيسية في بيروت ومدن جبيل (وسط) وطرابلس (شمال) وصيدا (جنوب)، بالإطارات المشتعلة والعوائق.

وفي وسط العاصمة تجمّع مئات المتظاهرين أمام مدخل شارع يؤدّي إلى البرلمان الذي أحاطت به تعزيزات من الشرطةّ، وحاول المحتجون انتزاع الأسلاك الشائكة وألقوا حجارة على قوات الأمن التي رّدت عليهم بقنابل الغاز المسيل للدموع وخراطيم المياه.

واعتبر المحتجّون أنّ الحكومة لا تتجاوب مع مطالبهم، لأن الأحزاب السياسية التي يرفضونها هي التي قامت بتسمية الوزراء. ويقول مراقبون إن تشكيل حكومة لا يعني أن الأزمة في لبنان تتجه لانفراجة، خاصة وأن هناك فيتو من قبل المحتجين على حكومة غير مستقلة سياسيا.

ويواجه لبنان تظاهرات شعبية غير مسبوقة، اتخذت في الأيام الأخيرة منحى خطيرا، وسط إصرار المتظاهرين على رحيل كل الطبقة السياسية التي يحملونها مسؤولية الأزمة الاقتصادية والاجتماعية التي يتخبط فيها لبنان.