استبعاد اتحاد الشغل التونسي من تعديل قانون العمل يفاقم عزلته

صدور قانون جديد لتنظيم عقود العمل ومنع المناولة ضربة قوية لاتحاد الشغل.
الاثنين 2025/05/26
اتهامات خطيرة

تونس - لقي تعديل الحكومة التونسية لقانون العمل في تونس انطلاقا من تنظيم عقود الشغل ومنع المناولة، رفضا كبيرا من الاتحاد العام التونسي للشغل (أكبر منظمة نقابية في البلاد)، وهو ما اعتبره المراقبون مؤشرا على استمرار أزمته مع السلطة في البلاد.

وتقول أوساط سياسية ونقابية في تونس إن صدور قانون جديد لتنظيم عقود العمل ومنع المناولة بالجريدة الرسمية، شكل ضربة قوية لاتحاد الشغل، الذي يعيش وضعا صعبا في ظل خلافاته وانقساماته الداخلية بين القيادة والمعارضة.

وتضيف تلك الأوساط أن تلك الخطوة وضعت المنظمة النقابية في موقف حرج أمام قواعدها، في المقابل تدعم توجهات الرئيس قيس سعيّد في إصلاح سوق العمل.

وأدان الاتحاد العام التونسي للشغل ما اعتبره “رفض السلطة للحوار الاجتماعي وتعطيل المفاوضات الاجتماعية” و”إقصاء الاتحاد” من إبداء رأيه في تعديل قانون العمل.

الأمين العام للاتحاد العام التونسي للشغل نورالدين الطبوبي اتهم سلطات بلاده بانتهاج سياسة التفرد بالرأي

جاء ذلك في بيان للاتحاد بعد عقد هيئته الإدارية اجتماعا موسعا ما بين الأربعاء والجمعة، بمدينة الحمامات (شرق).

وأدانت “الهيئة الإدارية الوطنية للاتحاد رفض السلطة للحوار الاجتماعي وتعطيلها للمفاوضة الجماعية وآخرها المرور بقوة في تنقيح (تعديل) بنود من مجلة الشغل (قانون العمل)”، وفق البيان.

كما أدان الاتحاد “إقصاء السلطة للاتحاد من إبداء رأيه الوجوبي في شأن يهم العمال وممثليهم الشرعيين المنتخبين”.

ودعا اتحاد الشغل “الهياكل النقابية إلى التهيؤ لمجابهة كل التداعيات المنجرة عن هذا التعديل”، دون تفاصيل أخرى، مطالبا “بوجوب تكريس الحوار الاجتماعي وفتح مفاوضات عاجلة في الوظيفة العمومية والقطاع العام تنطلق من تطبيق الاتفاقيات المبرمة وإنهاء التفاوض في الأنظمة الأساسية العامة والخاصة ومراجعة الأجور”.

كما دعا “الهياكل النقابية وكافة الشغالين قطاعيا وجهويا ومحليا إلى الاستعداد للدفاع عن مطالبهم المشروعة بجميع الوسائل النضالية المشروعة ومتابعة تنفيذ مقررات المجلس الوطني للاتحاد بخصوص رزنامة التجمعات وندوات الإطارات وكافة أشكال التعبئة”.

وصدر السبت قانون “تنظيم عقود الشغل ومنع المناولة” بالجريدة الرسمية، وذلك بعد مصادقة البرلمان عليه، الأربعاء، بأغلبية 121 صوتا، وتحفظ 4 نواب ودون أي رفض (125 نائبا شاركوا في التصويت من أصل 161).

وفي تعليق على المصادقة على القانون، قال الرئيس قيس سعيّد، الخميس، إن “هذا النص التشريعي يمثل خطوة أولى في اتجاه حلول جذرية لبقية القطاعات.”

وينص قانون الشغل الجديد على القطع مع كل أشكال المناولة (التشغيل الهش).

ويمنع القانون كل العقود التي تكون بمدة محددة إلا في حالات استثنائية، وبموجب القانون يصبح وجوبا على أصحاب العمل انتداب عمال وفق عقود غير محددة المدة.

وتقدمت الحكومة بمشروع تعديل قانون مجلة الشغل للبرلمان، وكان الرئيس سعيّد دعا في مناسبات سابقة إلى تعديل قانون الشغل القديم.

اتحاد الشغل يطالب بوجوب تكريس الحوار الاجتماعي وفتح مفاوضات عاجلة في الوظيفة العمومية والقطاع العام تنطلق من تطبيق الاتفاقيات المبرمة

وفي يوم العمال العالمي، الموافق للأول من مايو من كل عام، اتهم الاتحاد العام التونسي للشغل، على لسان أمينه العام نورالدين الطبوبي، سلطات بلاده بانتهاج سياسة “التفرد بالرأي”، مطالبا بفتح المفاوضات الاجتماعية.

وقبلها بأيام أصدر الاتحاد بيانا أدان فيه ما اعتبره “سياسة إقصاء متعمدة تنتهجها الحكومة وكل الأجهزة التي ناقشت مشروع تنقيح مجلة الشغل”، معبّرا عن “رفضه لكل ما يترتب عليها”.

ويعتبر الرئيس سعيد أن للاتحاد دورا نقابيا فقط، وقال في يناير 2023 إن “الحقّ النقابي مضمون بالدستور، ولكن لا يمكن أن يتحول إلى غطاء لمآرب سياسية.”

وتبرز هذه التصريحات تعمق الخلاف بين الاتحاد والرئاسة، وتشير إلى أن الاتحاد يسعى للحفاظ على دوره التقليدي كقوة سياسية واجتماعية فاعلة، بينما تقيده الرئاسة في حدود الدور النقابي.

ويقود قادة سابقون ونقابيون معارضون تحركات تطعن بشرعية القيادة الحالية وتدعو إلى مؤتمر استثنائي يعيد تشكيل مركز القرار داخل المنظمة. ونظمت مجموعة ما يعرف بـ”المعارضة النقابية” داخل اتحاد الشغل، وقفة احتجاجية أمام النزل الذي احتضن أشغال الهيئة الإدارية الوطنية للمنظمة.

ومنذ ما يزيد عن سنتين، تقلّص دور المنظمة النقابية بعد أن خصّص لها الرئيس سعيد إطارا واضحا تنشط فيه لا يتجاوز الدور النقابي مع عدم الاقتراب من المربّع السياسي، خلافا لما كانت تتمتع به سابقا من مشاركة في صنع القرار السياسي والتدخل للعب دور الوساطة في الأزمات والتفاوض مع السلطة بصبغة سياسية.

4